زلات الناطق الرسمي السابق عجلت برحيل وزير فتح حروبا في جميع الاتجاهات وصل حسن عبيابة، في الزمن الخاطئ، ورحل في الوقت الذي كانت أمامه فرصة من ذهب أن يثبت أنه ناطق رسمي باسم حكومة دولة تواجه حربا شرسة مع كائنات غير مرئية، وأن يكون في الصفوف الأولى "صحافا" مفوها (في إشارة إلى محمد سعيد الصحاف، وزير الإعلام العراقي في زمن الحرب). فمثل أصم في عرس صاخب، قضى القيادي في الاتحاد الدستوري والأستاذ الجامعي في الجغرافيا الاقتصادية، شهرا كاملا دون أن يصدر مجرد تصريح يذكرنا فيه أنه مسؤول عن الإعلام والتواصل الحكومي، وكأن ما يجري بالمغرب مجرد "بروفة" لمسرحية من نسج الخيال، وليس خطرا داهما على الجميع أن يتجند له على قدم المساواة. وطيلة هذه المدة، لم يثبت الرجــل، الــذي كان يسير أربعة قطاعــات حكــومية أساسية، لها جيــش مــن الموظفين والكفــاءات والبرنامج والموارد الماليـــة، أن بإمكانـــه تقــديــم فكــرة لامعــة تدعم المجهـود الوطنــي لمواجهـــة الجائحــة، خــارج إلغاء التظاهــرات الثقــافيــة والرياضيــة الذي كان قرارا حكوميا مركزيا وليس قرارا قطاعيا. وحتى حين تنـــاول الكلمــة ذات نــدوة صحافية أعقبت مجلسا حكوميا، في عز الحملة ضـــد الوباء القاتـــــل، فضــل عبيابة الجانب الأسهل في الموضوع، وعدم التحضيــر الجيـــد للحظة تواصل فارقة، فكانت النتيجـــة المنطقيــة فضيحة "بجلاجل"، حين غيــــــر اسم فيـــروس اسمه كورونا إلى مدينة فـــي إسبــانيا لاكورونيا، ما أثار عليه موجة سخرية، وغضبا كذلك. وصل حسن عبيابة، والأستاذ الجامعي في الجغرافيا الاقتصادية بكلية ابن امسيك، في 9 أكتوبر الماضي إلى منصب وزير الثقافة والشباب والرياضة والناطق الرسمي باسم الحكومة، في إطار المحاصصة الحزبية، مكان زميله عثمان الفردوس الذي كان كاتب دولة مكلفا بالاقتصاد الرقمي، لكن بالأساس في منصب حساس (الناطق الرسمي باسم الحكومة)، كان يشغله عن جدارة واستحقاق شاب متمكن ومطلع وخبير في تقنيات التواصل اسمه المصطفى الخلفي. في البداية، حاول بعض المتتبعين عقد مقارنــات بين الرجلين، قبــل أن ينتهــي بهــم المطاف إلى الاستسلام الكلي، حين سمعــوا عبيــابة يجيب عــن سؤال حــول توقعــاتــه للنمو الاقتصــادي بجواب "الله يعطينا الشتا". هذا الجواب الذي بلعه البعض حينها ووضعه في خانة الدهشة الأولى، تكرر مثله في مناسبات أخــرى، ظل القيادي فــي الاتحاد الدستوري يتعامل فيـها مع قطــاع التــواصل الحكومي بكثير من الاستسهال، حتى إنه اقترب في لحظــة من إثارة أزمــة دبلــومــاسية بين المغــرب ومــوريتانيا، حين نطــق اســم الرئيــس بـ"الشيــخ العزوزي"، بدل محمد ولد الشيخ محمــد أحمــد ولد الغزواني. وتواصلت زلات عبيابة، الذي حافظ على هدوئه وابتسامته، طيلة ستة أشهر، لكنها تفاقمت في المدة الأخيرة، حين استغل مراسلون معتمدون في المغرب صمت الرجل، فعاثوا أخبارا ملفقة وإشاعات ودعاية مسمومة لتسفيه المجهودات المبذولة ضد فيروس كورونا، ما انتبه إليه الوزير متأخرا وأصدر بلاغا خفيف اللهجة في حق هؤلاء. وقبل ذلك، دخل الوزير في قضايا لا علاقة له بها وتندرج في اختصاصات مؤسسات دستورية أخرى، مثل الدعوة إلى تعليق الجرائد الوطنية، دون استشارة مع المهنيين، وحين عاتبه رئيس المجلس الوطني للصحافة، رد عليه بطريقة غير مباشرة عن طريق مستشار في الإعلام، ما اعتبر خطأ جسيما قرب عبيابة من النهاية. يوسف الساكت