الجنس الرضائي … جسوس: ارتفـاع سن الـزواج عـقـّد الـوضـع

الأنثربولوجي جسوس قال إنه وجب إخضاع المسألة الجنسية لنقاش عمومي قال الدكتور شكيب جسوس إننا "أضعنا فرصا عديدة لإخضاع مواضيع العلاقات الجنسية الرضائية لنقاش عمومي يأخذ بعين الاعتبار اختلاف مكونات المجتمع المغربي". وتحدث الباحث في علم الاجتماع والأنثربولوجيا عن تطور أشكال العلاقات بين الشباب وأشياء أخرى تجدونها في هذا الحوار. < إلى أي حد يمكن القول إن تجريم العلاقات الرضائية خارج مؤسسة الزواج يعد مسا بالحرية الفردية؟ < الحريات الفردية تشكل جزءا لا يتجزأ من حقوق الإنسان بمفهومها الكوني، وتدخل في هذا الإطار الحرية الجنسية التي يمكن فصلها عن الحرية الفردية. المشكل الذي نعيشه في المغرب هو قضية المحافظة التي تطبع السلوك المجتمعي، والمستمدة من هيمنة التشريع الديني الذي ما زال المنطلق الأكبر للمغاربة بحكم أن نسبة كبيرة منهم مسلمون. هذا المعطى لا يمكن تجاهله وفي الوقت نفسه لا يمكن تجاهل أن هناك أقليات أخرى ليست بالضرورة مسلمة، لأن الكثير من الأصوات ما زالت لا تجد الفرصة للتعبير عن نفسها، خاصة في ما يتعلق بالقضايا المصيرية المطروحة أمام المغاربة ومنها مسألة تجريم العلاقات الجنسية الرضائية والتي كانت موضوع نقاش حقوقي بين مختلف الحساسيات قبل سنوات، إلا أن هذا النقاش سرعان ما تم وأده بسبب المد الأصولي الذي ما زال يرفض كل نقاش عمومي بهذا الصدد، وللأسف أضعنا فرصا عديدة لكي نناقش المواضيع بكل عقلانية وبعيدا عن التعصب الأعمى. < في رأيكم ما سبب التوجه المتشدد الذي يذهب إلى حصر العلاقات بين الجنسين في الزواج بمفهومه التقليدي في الوقت الذي كانت فيه أشكال متعددة للمساكنة شائعة في ما قبل؟ < هاته المسألة تثير إشكالا آخر مطروحا وهو ارتفاع سن الزواج عند المغاربة فمتوسط هذا العمر بالنسبة إلى الإناث هو 27 سنة، بينما عند الذكور 31 سنة، في الوقت الذي نعلم أن النشاط الجنسي عند الفرد ينطلق ما بين سن 13 و15، لكن طيلة المدة الفاصلة ما بين سن البلوغ والزواج الذي ارتفع معدل سنه، كيف يمكن للشباب المغربي أن يدبر فورة نشاطه الجنسي، قبل الزواج؟ تلك هي المسألة خاصة أن مؤسسة الزواج بمفهومها التقليدي ما زالت هي الإطار الذي يحصر فيه المحافظون العلاقات التي يجب أن تكون بين الرجل والمرأة، في الوقت الذي كان فيه أجدادنا وآباؤنا يتزوجون في سن مبكرة تلي البلوغ مباشرة، وبالتالي لم تكن مطروحة لديهم مسألة تدبير الطاقة الجنسية بالحدة التي صارت مطروحة عليه الآن، وبالتالي وجب فعلا التفكير في إيجاد حل عملي وواقعي لهذا المعطى. < إذا لم يتوفق الردع القانوني والمجتمعي في الحد من العلاقات الجنسية خارج الزواج فما جدوى الإصرار على سن قوانين تجرم هذا النوع من العلاقات؟ < لا يمكن للقوانين ولا التشريعات الرادعة أن تحد من استعمال الإنسان لغريزة طبيعية فيه، لكن في المقابل يجب على هذه التشريعات أن تأخذ بعين الاعتبار المتغيرات التي يخضع لها المجتمع وطبيعة التحولات التي تطبع علاقات الأفراد في ما بينهم، لذا وجب أن يكون هناك نقاش وطني يضع في الحسبان تدبير الاختلافات بين مختلف التيارات والحساسيات، وكذلك اختيارات الأفراد، وقدرتهم على التعاطي مع المسألة الجنسية، وبالتالي ترك الحرية لكل فرد في اتخاذ القرار الذي يبدو له مناسبا، فمن أراد أن يتحكم في رغبته الجنسية إلى أن يلبيها داخل إطار يرضى عنه المجتمع والدين فله ذلك، ومن آنس في نفسه عدم القدرة على الصبر إلى أن يحين ذلك فلا يمكن أن تجبره على الامتثال لعكس ذلك، فقدرات الأفراد متفاوتة. < هل يمكن القول إن هناك اصطداما للدين وتشريعاته، المتعلقة بتنظيم العلاقات بين الرجل والمرأة، مع الواقع الذي صار أكثر تعقيدا؟ < من الصعب إعطاء جواب قاطع بشأن هاته المسألة، لكن إذا لاحظنا أن مجموعة من التشريعات الدينية في الإسلام خضعت للتعديل والتغيير سنوات قليلة بعد صدورها وأتحدث هنا عن تجربة الخليفة عمر بن الخطاب، فلماذا نمنع ذلك وقد فصلت بيننا وبين تلك المرحلة أزيد من 14 قرنا. المسألة متعلقة بمنح الدين نوعا من المرونة واليسر في مسايرة الواقع، أما التصلب والتعصب فلن يؤديا إلا إلى نتائج عكسية. في سطور: - باحث في علم الاجتماع والأنثربولوجيا. - طبيب اختصاصي في الأشعة. - تتمحور أبحاثه حول الدفاع عن حقوق الطفل، والشباب والعزوبية والفقر والإقصاء الاجتماعي، ـ من إصداراته: "استغلال البراءة: تشغيل الأطفال في المغرب" (2004)، و"حمل العار: دراسة حول الأمهات العازبات وأطفالهن في المغرب" (2013)، و"علم الاجتماع والتكفل بأطفال الشوارع"، و"الزواج والمساكنة في البلدان العربية". أجرى الحوار: عزيز المجدوب

الجنس الرضائي … جسوس: ارتفـاع سن الـزواج عـقـّد الـوضـع

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

سكنفل: لا جنس خارج الزواج

رسالة تهنئة من الملك إلى رئيس صربيا

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات