مدينة فاس لا تهتم بمرح ولعب أطفالها

تفتقد مدينة فاس إلى فضاءات عمومية خاصة بألعاب الأطفال، تنتشل أبناءها من بين براثين الانحراف، وتفتح في وجوههم أبواب الترويح عن النفس وممارسة شغبهم الطفولي، اللهم مبادرات خاصة مرتبطة غالبا بمشاريع استثمارية في قطاع المقاهي والمطاعم الفاخرة ضواحي المدينة.ويبدو أن المسؤولين ومن تناوبوا على تسيير دواليب وشؤون هذه المدينة، لم ينتبهوا بعد إلى أهمية المنتزهات المخصصة للأطفال باعتبارها "متنفسا لا يمكن الاستغناء عنه أو إهماله وتهميشه في أي مخطط"، في تكوين شخصيتهم، رغم أن عدة مدن انتبهت مبكرا لأهمية البيئة الصحية والترفيه. العارفون بخفايا الأمور بهذه المدينة، من فعاليات حقوقية وجمعوية، برون أن كل الذين تعاقبوا على تدبير شأنها المحلي، "غيبوا عن وعي أو دونه، هذا الجانب في برامجهم، حارمين أطفال المدينة من الاستمتاع بطفولتهم في فضاءات الترفيه واللعب واللهو". ولا يجد صغار وصغيرات مدينة فاس، فضاءات للترفيه عن النفس واللعب واللهو البريء وكسر الروتين اليومي والضغوطات النفسية، لما لذلك من أهمية في تنشئتهم والبناء السليم لشخصيتهم، طالما أن "الحياة تصبح مكلفة نفسيا وصحيا، في كل المدن التي تنعدم فيها الحدائق العامة".حديقة للا مريم قرب المندوبية الجهوية للتجهيز بالمدينة الجديدة، فضاء عمومي يتيم يحضن أطفال فاس العالمة، رغم ضيق مساحته وضعف تجهيزه بوسائل اللعب والمرح. لكنه يبقى متنفسا مهما بمدينة لم تدخل بعد أجندة المدن ذات الاستثمارات المهمة في المجال، من قبيل أكادير ومراكش. ولا تتوفر هذه الحديقة الترفيهية اليتيمة، إلا على ألعاب بسيطة في مساحة ضيقة لا تستوعب إلا عددا محدودا من الأطفال، لكن "اللهم العمش ولا العيورة" كما يقول المثل، طالما أنها على الأقل تفتح نافذة للأسر لمرافقة أبنائها إليها خلال العطل والأعياد ونهاية الأسبوع.ولوج هذا الفضاء المحاط بجدار الإهمال وضعف الاهتمام، غير مكلف ماليا على غرار فضاءات خاصة مماثلة بتجهيزات وخدمات أفضل وأرقى. لذلك يرتاده أطفال من كل الفئات الاجتماعية، إلى حد اختناقه في لحظات معينة، وعدم كفاية مختلف الألعاب المثبتة، لاحتضان كل الوافدين عليه. ويتمنى أهل المدينة، تعميم مثل تلك التجربة على مختلف الأحياء الشعبية والراقية منها، وبناء فضاءات للترفيه للأطفال، على غرار مشروع أطلق قبل نحو 4 سنوات، في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ومشاريعها الرامية إلى محاربة الهشاشة والإقصاء الاجتماعي خاصة بالوسط الحضري.ويمكن أن تضطلع بعض الحدائق المتبقية بفاس بهذا الدور خاصة حديقة للا أمينة الممتدة على مساحة مهمة، ويمكن أن تتحول إلى فضاء يتنفس فيه أطفال المدينة، هواء الحرية. هذه الحديقة المكتراة للخواص، فوت عليها مسؤولو المدينة، فرصة "اعتبارها حديقة للأطفال" تتكلف بها منظمة اليونسيف، في وقت ما أحوج فاس وأطفاله، إلى فضاءات مجهزة بمختلف وسائل اللعب، تفتح بأسعار في متناول الجميع، في وجه أبناء المدينة الفقراء منهم والميسورون. الشيء نفسه ينطبق على جنان السبيل أقدم حديقة بالمدينة، التي يمكن أن تجهز مساحة معينة منها بتجهيزات للعب الأطفال، واللهو والاستمتاع بجمال الطبيعة وسط نباتات نادرة وحدائق مائية وجداول غناء وناعورة مياه، كانت إلى حين وجهة أهل فاس حيث تحلو "الكعدة" و"النشاط". وتظل حديقة "العشاق"، الموجودة بباب الحديد يمين المنحدر المؤدي حي الزيات، مؤهلة لاحتضان مشاريع ألعاب الأطفال، شأنها شأن حدائق ماجد والنواول وساحة الداهومي المتلاشية قرب القنصلية الفرنسية، التي طغا «الزفت» على جزء مهم منها. وفي انتظار مبادرات عمومية تهتم بأطفال المدينة ومرحهم، يضطلع القطاع الخاص، بدور حيوي في توفير مثل تلك الفضاءات، ولو بنسب قليلة مقارنة مع مدن أخرى. ويشكل مطعم «ماكدونالد» الأمريكي، واحدا من تلك الفضاءات التي تناسلت خاصة خارج المدار الحضري للمدينة. اللافت للانتباه أن بعض المستثمرين في قطاع المقاهي، انتبهوا إلى هذا الخصاص المهول في فضاءات الأطفال، شأنهم شأن بعض مالكي المسابح الخاصة التي جهزت محيطها بمسابح صغيرة ومختلف أنواع الألعاب المعتادة خاصة للتزحلق، طمعا في استقطاب أسر وزبناء من نوع خاص. في طريق مكناس لوحدها، تنتشر أكثر من أربع مقاه ومطاعم ممتدة على مساحات كبيرة، نسبة مهمة منها خضراء، دون أن يغفل أصحابها، خلق فضاءات خاصة بالأطفال، ما يساهم في إقبال مهم للأسر خاصة المتوفرة على وسائل نقل، لما تجده من خدمات مفتقدة بباقي مقاهي المدينة. أما الاستفادة من فضاءات الطفل، فلا تخضع إلى تسعيرة معينة، إنما تدخل في إطار الخدمات التي تقدمها تلك المقاهي والمطاعم بأسعار عادة ما تكون مرتفعة مقارنة مع نظيرتها داخل المدينة، وعادة لا تكون إلا في متناول شرائح اجتماعية معينة ذات دخل مهم أو متوسط. ويتشبث الفاسيون بخيط أمل لتوفير مساحات وفضاءات تخصص للعب الأطفال بكل أحياء فاس، وتجهيز فضاءات متوفرة بما يلزم من الوسائل التي تمكن أبناء المدينة من الاستمتاع بطفولتهم، كي لا يبقوا تحت رحمة مرافق سياحية مرتفعة الأسعار، يعجز ذوو الدخل المحدود، عن ارتيادها. حميد الأبيض (فاس)

مدينة فاس لا تهتم بمرح ولعب أطفالها

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ألعاب محطات الوقود ملاذ المراكشيين

فضاءات الترفيه... عرض محدود واستثمارات ضعيفة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات