فضاءات الترفيه… عرض محدود واستثمارات ضعيفة

غياب التحفيزات يمنع تدفق رؤوس الأموال على القطاع والمشاريع تعد على رؤوس الأصابع تشكو الحواضر الكبرى من قلة فضاءات الترفيه للأطفال سواء العمومية منها أو الخاصة، إذ يظل الاستثمار الخاص في هذا القطاع محدودا، رغم الخصاص الكبير المسجل في هذا المجال. ولوحظ خلال السنوات الأخيرة اهتمام من طرف المستثمرين، بعد أن عرفت بعض المشاريع إقبالا ملحوظا ونجاحا تجاريا هاما. ويرجع هذا النجاح أساسا إلى العجز الكبير المسجل على مستوى فضاءات الترفيه، إذ أن مدينة مثل الدار البيضاء، التي يتجاوز عدد سكانها خمسة ملايين لا يتعدى عدد الفضاءات الترفيهية فيها أربعة فضاءات، منها اثنتان فقط ترجع ملكيتهما إلى القطاع الخاص، ويتعلق الأمر بفضاء الفردوس بالحي الحسني و «أدفنتر لاند»، الذي افتتح أخيرا بالمركز التجاري «موروكو مول». يعرف اقتصاد الترفيه انتعاشا بالمغرب خلال السنوات الأخيرة، وذلك من خلال حجم الاستثمارات الذي يعد بملايير الدراهم، في حين أن هذا المجال ظل مهمشا من طرف الفاعلين الخواص طيلة السنوات الماضية.وتجدر الإشارة إلى أن الفضاءات العمومية غالبا ما يطولها التهميش وغياب الصيانة، ما يجعل أغلب الألعاب بها معطلة، ويدفع المواطنين إلى هجرها. فهناك العديد من الأسر التي تضطر صحبة أطفالها إلى التنقل خارج المدن قصد المساحات الخضراء والغابات المجاورة من أجل الترفيه عن أنفسها بعد أسبوع من عناء العمل والدراسة والتحصيل.وشجع الإقبال المكثف على الفضاءات، التي أنشئت أخيرا، عددا من المستثمرين على الولوج إلى هذا القطاع، إذ يعرف فضاء «أدفنتر لاند» إقبالا ملحوظا منذ افتتاحه، وتشهد مختلف الألعاب ازدحاما، إذ يتعين الانتظار في الطابور ما بين 5 إلى 15 دقيقة قبل أن يصلك الدور. وفي غياب وعاءات عقارية داخل المدن أو بجانبها، يضطر بعض المستثمرين إلى الخروج عن المجالات الحضرية من أجل الاستثمار في فضاءات الترفيه على غرار «أكوا بارك» بطاماريس على بعد حوالي 30 كيلومترا جنوب البيضاء. وعرف هذا المشروع إقبالا ملحوظا، ما دفع صاحبه إلى توسيعه ليشمل عددا من الخدمات الأخرى الإضافية، وذلك بغلاف استثماري ناهز 15 مليون درهم، علما أن الاستثمار الأول كلف ميزانية في حدود 76 مليون درهم، لتفوق قيمة الاستثمار الإجمالية 90 مليون درهم. وتصل المساحة المخصصة للأحواض المائية ما يناهز 13 ألف متر مربع، تتضمن مسابح بأمواج اصطناعية، وآليات للتزحلق من الأعلى في اتجاه الأحواض المائية «Toboggans»، وأحواض مائية مخصصة للأطفال صغار السن يطلق عليها اسم «تويستي بارادي»، ومجموعة من الفضاءات المائية المخصصة للترفيه. وعرف المشروع نجاحا كبيرا، إذ يتجاوز عدد زواره، خلال فترات الذروة 5 آلاف زائر يوميا. وإذا كانت الاستثمارات في هذا المجال محصورة، سابقا، على بعض الأجانب، فإن مشروع «أكوابارك طماريس»، الذي يقع على الطريق الساحلية لأزمور، أنجز من طرف مستثمر مغربي، إذ أن أصول الشركة مملوكة من طرف رأسمال محلي. وفي هذا الإطار أصبح مجال الترفيه يشكل نقطة جذب للعديد من المستثمرين، لما يتيحه من مردودية عالية، كما أن الإقبال على مثل هذه المشاريع يكون مضمونا في غياب فضاءات عمومية تقدم هذا النوع من الخدمات، ويعكس اهتمام القطاع الخاص حجم الاستثمارات في هذا المجال، التي أصبحت تعد بالملايير. ويعتزم الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، في هذا السياق، إنجاز مركب ترفيهي ضخم على مساحة تصل إلى 34 هكتارا بمنطقة النواصر. وستصل كلفة المشروع، الذي سيكون على غرار المركب الترفيهي العالمي «ديزني لاند»، ما يناهز 4 ملايير درهم. وتجدر الإشارة إلى أن هذا النوع من الاستثمارات أصبح يمثل عنصر جذب للسياح الأجانب، إذ ناهز عدد زوار المركب الترفيهي»ديزني لاند» بباريس، خلال السنة الماضية، 15.6 مليون درهم، ويعتبر الوجهة الأولى بأوربا من ناحية عدد الزائرين. وتصل نسبة الزوار الفرنسيين 49 في المائة من العدد الإجمالي، في حين تتوزع النسبة المتبقية ما بين البريطانيين بنسبة 13 في المائة، وبلدان البنيلوكس (بلجيكا وهولاندا واللوكسمبورغ) بنسبة 12 في المائة، و9 في المائة من الإسبانيين، ويمثل الإيطاليون والألمان على التوالي نسبتي 4 و 2 في المائة، في حين يمثل الزوار من خارج أروبا نسبة 11 في المائة. ما يعكس أهمية الاستثمار في هذا المجال، نظرا لانعكاساته على الرواج السياحي، إذ تتوفر جل البلدان السياحية على فضاءات ضخمة من أجل السياح، مثل «دريم بارك» بمصر، و»دبي لاند» بدبي بالإمارات العربية المتحدة، الذي يعد من أكبر الفضاءات الترفيهية بالشرق الأوسط.الغريب في الأمر أن «رؤية 2010» وطبعتها الثانية «رؤية 2020» لم تتضمنا مشاريع من هذا القبيل، إذ يتم التركيز على المؤسسات الفندقية وملاعب الغولف والمراكز التجارية، في حين تخلو إستراتيجية تنمية القطاع السياحي من مشاريع ترفيهية ضخمة، رغم أهميتها في جلب السياح. ويتعين من أجل تدارك ذلك تخصيص إجراءات تحفيزية للقطاع الخاص من أجل الاستثمار في هذا النوع من المشاريع، أو إنجاز فضاءات ترفيهية بشراكة بين القطاعين العام والخاص. عبد الواحد كنفاوي

فضاءات الترفيه… عرض محدود واستثمارات ضعيفة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مدينة فاس لا تهتم بمرح ولعب أطفالها

"أدفنتشرلاند"...الإماراتيون يصنعون الترفيه للمغاربة

مقالات ذات صلة