الريع نزيف متواصل يهدد النسيج الاقتصادي

يكلف الاقتصاد الوطني ما يناهز 20 مليار درهم سنويا ويعيق الاستثمارات يكلف الاقتصاد الوطني ما يناهز 20 مليار درهم سنويا ويعيق الاستثمارات أثار نشر لائحة المستفيدين من مأذونيات النقل الوطني للمسافرين ردود أفعال متباينة، فهناك من اعتبر المبادرة محاولة من حزب العدالة والتنمية لإثارة ودغدغة مشاعر الرأي العام الوطني، خاصة من جانب المستفيدين من هذه «الإكراميات»، لكن أجمع أغلب الفاعلين أجمعوا على أن الإجراء يستحق التنويه في إطار تنزيل وتفعيل مضامين الدستور، معتبرين أن الخطوة لاتكفي، إذ يجب الكشف عن كافة مظاهر الريع، التي أصبحت تعيق التنمية الاقتصادية. وفي هذا الإطار يطالب المتتبعون للشأن الاقتصادي والفاعلون في المجال الجمعوي، بالكشف عن المستفيدين من رخص استغلال المقالع والمناجم ورخص الصيد في أعالي البحار وكل مجالات الريع، مع الإعلان عن كيفية منحها والجهات التي تمنحها، إضافة إلى الخطوات التي يتعين اتخاذها لتصحيح الوضع. وتجدر الإشارة إلى أن لائحة المستفيدين، التي أعلنت عنها وزارة التجهيز والنقل تتضمن 399 صفحة بها أسماء حوالي 4118 مستفيدا، علما أن اللائحة لا تضم سوى عينة منهم، في حين أن هناك العديد من مواطن الريع لم يكشف عنها بعد. وهناك، في ما يتعلق بسيارة الأجرة بصنفيها (الصغيرة والكبيرة)، ما يناهز 15 ألف رخصة، على مستوى الدار البيضاء فقط، منها 6500 سيارة أجرة صغيرة و 8500 كبيرة، ويطالب سائقو هذه الطاكسيات بإلغائها، أو تخصيصها للمهنيين، علما أن نسبة كبيرة من المستفيدين لا تمت إلى القطاع بصلة. في السياق ذاته، تشير بعض التقارير حول ظاهرة التهريب التي تعرفها المقالع بالمغرب، إلى أن الدولة تخسر سنويا ما يقارب مليار درهم في مجال استخراج الرمال، في حين تخسر ميزانية الدولة 5 مليارات درهم سنويا بسبب تهريب الكرانيت. وأكدت بعض الدراسات أن أنشطة الريع تضيع على المغرب ما بين نقطة ونقطة ونصف النقطة من معدل النمو، في حين أن عبد العلي بنعمور، رئيس مجلس المنافسة، قدر الخسارة، خلال يوم دراسي، نظمه المجلس حول الموضوع، بما يناهز 20 مليار درهم. يشار إلى أن هذه المبالغ تعكس الخسائر المباشرة، في حين أن الانعكاسات السلبية تتمثل في ضياع مناصب الشغل وفرص الاستثمار، ما دام أن عددا من المستفيدين يعمدون إلى كراء هذه الرخص بمقابل مادي، دون أن يساهموا في إنتاج أي قيمة مضافة. وجدير بالذكر أن هذا الورش الإصلاحي ستعترضه مقاومات متعددة، بالنظر إلى قوة اللوبيات المستفيدة من هذا الوضع، كما أن هناك قطاعات تتطلب وقتا، في حين أن هناك بعض القطاعات لا تتطلب سوى الإرادة السياسية والحزم في معالجتها، خاصة تلك التي يبرر الريع فيها بدواع اجتماعية أو اقتصادية، مثل مأذونية سيارات الأجرة (الكريمة)، التي غالبا ما تبرر بأنها تمنح لذوي الاحتياجات الخاصة، في حين أن أغلب المستفيدين منها لا تتوفر فيهم هذه المعايير، كما أن هناك فئات اقتصادية تستفيد من إعفاءات ضريبية بمبررات اقتصاديه، علما أن هذه الامتيازات والإعفاءات تكلف خزينة الدولة ما يناهز 32 مليار درهم. يشار إلى أن جل الأحزاب السياسية جعلت من محاربة الريع والفساد، عموما، أهم الأهداف في برامجها الانتخابية، بل أن حزب العدالة والتنمية، الذي عين أمينه العام، رئيسا للحكومة، جعل من هذا الورش قطب رحى برنامجه الانتخابي، وتعهد مسؤولوه بأن يكون من ضمن الإجراءات المائة ذات الطابع الاستعجالي، التي ستعتمدها الحكومة خلال مائة يوم الأولى من تدبيرها للشأن العام. وفي هذا الإطار، يطالب ناشطون في المجتمع المدني وباحثون جامعيون بضرورة فتح حوار وطني حول الإصلاحات الاقتصادية، التي يتعين اعتمادها من أجل إرساء أسس اقتصاد عصري مبني على المنافسة الحرة والمتكافئة في إطار من الشفافية. ومن خلال ذلك يتعين تحديد الإجراءات المناسبة من أجل إلغاء مواطن الريع، التي تعتبر العائق الأساسي أمام التنمية الاقتصادية بالمغرب. ويعتبر محللون اقتصاديون أن الأولوية في إصلاح الاقتصاد الوطني يجب أن تتجه إلى الحد من الاحتكارات بضمان الشفافية والنزاهة والمنافسة المشروعة في سوق الصفقات العمومية، من خلال وضع آليات وقواعد لتقنين المنافسة، وعلى رأسها تمكين مجلس المنافسة من سلطات تقريرية ليتحول بدوره إلى هيأة للضبط والتقنين، على غرار الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات، والهيأة العليا للسمعي البصري، إذ يصبح بإمكانه التدخل في الحالات المنافية للمنافسة دون أن تلجأ إليه أي جهة، كما هو معمول به، حاليا، إذ لا يمكنه التدخل إلا عندما توجه له شكاية من متضرر أو يطلب البرلمان أو الحكومة رأيه، علما أن دوره يظل استشاريا. وتجدر الإشارة إلى أن المجلس أصبح مؤسسة دستورية بمقتضى الدستور الجديد، إذ ينص الفصل 166 على أن المجلس هيأة مستقلة، مكلفة في إطار تنظيم منافسة حرة ومشروعة بضمان الشفافية والإنصاف في العلاقات الاقتصادية، خاصة من خلال تحليل وضبط وضعية المنافسة في الأسواق، ومراقبة الممارسات المنافية لها والممارسات التجارية غير المشروعة وعمليات التركيز الاقتصادي والاحتكار. وأشار الفصل 171 إلى أنه ستحدد صلاحياته وتشكيلته وتنظيمه وقواعد تسييره بمقتضى قانون أساسي. عبد الواحد كنفاوي

الريع نزيف متواصل يهدد النسيج الاقتصادي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الرباح مطالب بإخراج مشروع سلفه من الأمانة العامة

أسواق الجملة... مصادر ريع خارج دائرة الضوء

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات