الذهب يبسط سلطانه ويتربع على عرش قلوب المغربيات

يتنافسن على اقتنائه ويتباهين بمجوهراتهن في الأفراح والأقراح يكاد لا يخلو بيت مغربي، مهما اشتد الفقر بسكانه وبلغت بهم الحاجة أدنى مستوياتها، من حلي ذهبية. فبريق هذا المعدن النفيس لا يسلب ألباب أثرياء البلد فقط، ممن يتهافتون على أشهر "الصنايعية"، ولا ضير بالنسبة إليهم أن يقطعوا عشرات الكيلومترات في سبيل لقاء أشهرهم بمدينة فاس العتيقة، حيث قيسارية الذهب، تغري الوافد إليها بمختلف أنواع الحلي ذات النقوش الدقيقة، مرصعة أغلى أنواع الحجر الكريم، هؤلاء وإن ظلوا زبناء الصانعين والبائعين المفضلين، لسخاء محفظاتهم، إلا أنهم ليسوا الوحيدين فقط، الذين يقصدون محلاتهم، فالفقراء أيضا لهم نصيب، وإن كان ضئيلا، المهم أن لا تخلو يد أو أذن من حلق ذهبي، كان خاتما أم قرطا. زينة وخزينة! حمى اشتعال أسعار الذهب في العالم، التي تأثرت بها أسعار المجوهرات المصنوعة من المعدن الأصفر بالمغرب، لم يكن لها تأثير كبير على اقتناء الحلي «للي كان كايشري الذهب فالمغرب مازال كايشري، صحيح، ارتفاع ثمن المعدن يضايقنا كبائعين ويثير في نفوسنا تخوفات من كساد سلعتنا، لكن في نهاية المطاف، كل سلعة ليها ماليها»، يقول صائغ مؤكدا أن «شراء المجوهرات والحلي المصنوعة من الذهب يظل هاجس الأسر المغربية، تستعملها للزينة والتباهي بها في أفراحها وأقراحها، وتلجأ إلى بيعها كلما اقتضت الضرورة ذلك، ذلك أن مقولة «الذهب زينة وخزينة» مازال لها السلطان الأعظم، ومفتاح سر هذا الإقبال المتنامي على اقتناء الحلي والمجوهرات، رغم أن ثمن الغرام الواحد من المعدن الأصفر بلغ مستويات قياسية». وجرت العادة أن تحافظ المرأة المغربية على حليها المخصصة للزينة ولا تبيعها إلا إذا كانت مضطرة لذلك، مثل الوقوع في ضائقة مالية، أو لتسديد ديون، أو مساعدة الزوج، حال وقوع ضائقة مالية، فهي، كأي امرأة عربية، تفتخر بحليها وما تجمعه منها عبر السنوات حتى تورثها لبناتها. "ما أزال احتفظ بأقراط وقلادات وأساور أهدتها لي والدتي، وكانت هي نفسها ورثتها عن جداتها"، تقول الحاجة فاطمة التي تأبى أن يحول ثمن الذهب الآخذ في الارتفاع دون الإقبال على شراء المزيد من الحلي، تضيف "الذهب مال مخبأ ومتعة للناظرين وآمان لمن تملكه.. مكاينش بحال الذهب بلحق الذهب القديم، الدك ديال زمان مابقاش فهاد الوقت دابا". "آش عندك.. آش كاتسوا" المجوهرات جزء لا يتجزأ من الإكسسورات التي رافقت النساء عبر الزمن. ورغم أن أول قطع المجوهرات كانت مصنوعة من العظام، وأسنان الحيوانات، قبل أن تتحول إلى استعمال المعادن النفسية، إلا أن النساء آمن منذ القدم، أن الحلي التي يرتدينها تبرز أنوثتهن وجمالهن، وحرصن على ارتداء أثمنها وتنافسن على اقتناء المزيد منها. واليوم، لم يعد المشاهير، فقط، من يحق لهم أن يرتدوا أجمل وأغلى الحلي، المصممة خصيصا لهم، بل عديدات هن المغربيات، المؤمنات حد النخاع بأن قطع المجوهرات التي بحوزتهن، تساهم في إظهار الثراء، والذوق، وإضفاء الجمال والسحر عليهن، ولا يترددن في طلب تصميمات خاصة بهن، سواء تعلق الأمر بأساور أو أقراط أو حتى أطقم من الذهب الخالص، حتى لو علمن أن ذلك سيكلفهن دفع مبالغ إضافية، "لكن ذلك لا يهم، ما دمت سأرتدي قطعة، أكون الوحيدة الحاصلة عليها"، توضح سلمى (28 سنة، موظفة). ولأن امتلاك الحلي الذهبية مؤشر على الثراء والوجاهة، فبمجرد أن تحصل الفتاة على عمل، تبدأ في ادخار قدر من المال من أجل شراء قطع من الحلي، بإيعاز من والدتها. ولا يهم إذا كانت الأجرة التي تتقاضاها لا تكفي حتى للمصاريف العادية، مثل شراء الملابس والأحذية والحقائب. ففي نظر الأمهات "الحكيمات"، هذه الأشياء مصيرها الزوال، في حين يجدن دائما أن هناك مالا يمكن توفيره لامتلاك بعض الحلي، التي تجمع بين متعة الحصول عليها والحماية من "غدر الزمان". "يجب أن تعلم كل الفتيات أن قيمتهن تكمن في مقدار الذهب الذي يمتلكن..راه فهاد الوقت قولي آش عندك، نقوليك آش كاتسوا!». هجر المغلي

الذهب يبسط سلطانه ويتربع على عرش قلوب المغربيات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

لهذه الأسباب يبقى الذهب معدنا ثمينا

مسارات الذهب غير الشرعية في الأسواق المغربية

مقالات ذات صلة