ننتظر إحالة ملفات الفساد الكبرى على القضاء

السباعي رئيس هيأة حماية المال بالمغرب طالب بإلغاء كل الامتيازات القضائية قال طارق السباعي، رئيس هيأة حماية المال العام بالمغرب، إن المواطنين ما زالوا ينتظرون إحالة كافة ملفات الفساد الكبرى على القضاء، مضيفا أن الملفات المعروضة على القضاء قبل مجيئ حكومة بنكيران كانت منتقاة بعناية سيرا على خطة مرسومة ألا وهي عدم المساس بالمفسدين الكبار والداعمين لهم من المخزن الاقتصادي... حركت الدولة في السنوات الأخيرة مجموعة من ملفات الفساد ؟ ما الغاية من وراء ذلك؟ وعلى أي أساس يتم تحريك ملفات دون أخرى؟المتصفح للتقارير الخارجية والداخلية سيصاب بالإغماء لحجم الفساد الكبير الذي تعرفه بلادنا وعلى جميع المستويات، استفاد من ريعه كبار الناهبين والذين استطاعوا حذف الفقرة الثانية من الفصل 87 من الدستور، فهم المستفيدون من عقود مالية كبيرة، وصفقات مشبوهة ويفرضون إتاوات كبيرة تدفع أسبوعيا أو شهريا على قارعة الطريق ومباشرة إلى الرؤساء .وبهبوب رياح التغيير في زمن الربيع العربي، ومناداة حركة 20 فبراير باسقاط الفساد والاستبداد قال الصحفي إيريك فوتورينو، كبير مُحرّري يومية لوموند الباريسية لجريدة وطنية «شرعية الملك تقتضي أن يحارب الفساد والمفسدين وأن يمسح البقع الوسخة عن المعطف».وهكذا جاء خطاب 9 مارس للإعلان عن تقوية آليات تخليق الحياة العامة، وربط ممارسة السلطة والمسؤولية العمومية بالمراقبة والمحاسبة.وجاءت حكومة عبد الإله بنكيران وتعهدت بفتح ملفات الفساد، معلنة الحرب عليه ومؤكدة أن الفساد المالي أصبح يشكل عبئا ثقيلا.فهل ستصمد أمام لوبيات الفساد، وتسقط مرة أخرى في الأخطاء القاتلة وتقبل بأنصاف الحلول، ويفقد الشعب الثقة فيها إذا لم تطبق المادة الرابعة عشرة من العهد الدولي التي تنص علـى مساواة الجميـع أمام القضاء وعلى توفير الضمانات القانونية للجميع دون أى تفرقة. فمدلول تحريم التمييز أو التفرقة يشمل أى استبعاد أو قيد أو تفضيل ينتقص من الاعتراف لأى فرد بحق من حقوقه أو بممارسته له على أساس من المساواة في كافة الحقوق والحريات المكفولة للجميع، دون إغفال مضمون المادة الخامسة والعشرين المتعلقة بالمشاركة في تسيير الحياة العامة.فخطر الانتقائية الذي يمكن أن تسقط فيه الحكومة في فتح ملفات بعينها دون أخرى، سيؤثر، ليس على الحكومة الحالية فحسب، بل على جدية الدولة نفسها في الإصلاح .ولهذا مازلنا ننتظر إحالة كافة ملفات الفساد الكبرى على القضاء بالمحاكم التي أصبحت بها أربعة أقسام مالية ، فالملفات المعروضة على القضاء قبل مجيئ حكومة بنكيران كانت منتقاة بعناية سيرا على خطة مرسومة ألا وهي عدم المساس بالمفسدين الكبار والداعمين لهم من المخزن الاقتصادي، وبمعنى أدق فالمحالون على القضاء هم الناهبون الصغار الذين لا سند لهم من الناهبين الكبار.إن طبيعة الناهبين المحترفين الأذكياء والمعروفين غالبا ما يقتسمون اختلاساتهم مع مسؤولين نافذين يتمتعون بحصانات خفية تجعلهم يفلتون من العقاب وتهدر بسببهم الملايير.أما في بريطانيا فوزارة الخارجية البريطانية استدعت شرطة سكوتلنديارد للتحقيق في سرقة علبة علك بعد وقوع سلسلة من الجرائم الصغيرة في مبنى الوزارة . هل نجحت الدولة في مبتغاها؟يمكن القول بأن الدولة من حين لآخر تحيل ملفات الفساد على القضاء لكن المشكل هو أن الملفات الكبرى تقبع في المحاكم سنوان طويلة كملف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الذي ظل بمكتب قاضي التحقيق عشر سنوات، ولعل ذلك راجع لنقص في الكفاءة والجرأة والاستقلال والنزاهة، إضافة إلى العائق المادي الراجع لضعف الموارد البشرية، وغلبة سلطة «التيلفون» فقضاة الأقسام المالية حاليا لا يكفون للبت في الملفات الكثيرة، لكن التفاؤل رهين بترجمة الأقوال الى أفعال. إن فتح الحكومة لبعض ملفات الفساد يؤشر على بصيص من الأمل، فالحرب على الفساد يجب أن تمتد إلى جميع الملفات وأن تطول كل المسؤولين المتورطين مهما علا شأنهم، وهذا يتطلب إلغاء جميع الامتيازات القضائية، سيما المقيدة للمتابعة والتي ما زالت تطل علينا من قانون المسطرة الجنائية والتي تعطي للعديد من المسؤولين «الحصانة القانونية»، فالمطلوب وباستعجال إلغاء كل الحصانات الظاهرة منها والخفية، وتجريم التدخل في شؤون القضاء أصبح ضرورة حتمية فعرقلة العدالة إرهاب . هناك من يعتبر أن جل الملفات التي فتحت توقفت عند مسؤولين معينين ولم تطل بعض المتورطين الكبار، هل هذا من شأنه أن يفقد ثقة المواطن؟حينما يتم البحث مع متهم بالفساد المالي والسياسي ويتوقف التحقيق فاعلم أن لوبي الفساد فعل فعلته. فالناهب للمال العام بالمغرب ذكي بامتياز فهو يعلم ألا حق له في نهب المال العام وحده، بل يجب أن يشرك معه شخصية نافذة وهذه الأخيرة تشرك معها شخصية أعلى منها ونتيجة لهذه العملية تقع فرملة التحقيق إما بترقية القاضي ونقله الى محكمة أخرى ويظل الملف ضيفا على الرفوف أو يصدر في شأنه قرار بعدم المتابعة .ففي السبعينات اعتقل رئيس قسم الامتحانات الذي سربت مواضيع الباكالوريا في عهده وتوبع بتهمة تزوير شهادات الباكالوريا وقد صرح لقاضي التحقيق بأنه زور العديد من الشهادات لأبناء مسؤولين كبار حتى يتابعوا دراساتهم بالمعاهد العليا، وصرح بأنه زور الباكلوريا لوزير، وطالب قاضي التحقيق بإحضارهم، وكاد هذا الملف يزعزع أركان النظام فتم حفظه وصدر قرار بعدم المتابعة. وتم طمس العديد من الملفات ولم تأخذ العدالة مجراها العادي . إن مسألة إرجاع الثقة إلى المواطن تتطلب القرار السياسي الحازم بمحاربة الفساد بكل أصنافه، وعمليا يجب إحالة ملفات كبار الناهبين على القضاء حتى يخشى صغارهم.ويعبارة أوضح فالتأصيل الدستوري لهذا المطلب يستوجب إصدار التشريعات الكفيلة بإعمال كافة الحقوق وضمان ممارستها أي تحويلها من قواعد عامة إلى نصوص ناظمة ونافذة تحدد الالتزامات والمسؤوليات. وفي هذا الانتقال لا بد من مراقبة قضائية لضمان احترام الطابع الدستوري لهذه الحقوق من جهة وضمان عدم مخالفتها للمعايير الدولية الملزمة بدورها دستوريا. الأساسي في العملية كلها هي استرجاع الأموال المنهوبة، لكن من خلال القضايا السابقة يلاحظ فشل كبير، إلى ما يعزى ذلك؟لقد اختفى من برنامج الحكومة وتوارى ملف استرجاع الأموال المنهوبة والمهربة من قبل ناهبي المال العام .كما أن البرلمان وقد أنهى دورته الخريفية لم نسمع من النواب ال395 نائبا واحدا طالب الحكومة بتفعيل اتفاقية الأمم المتحدة لمحاربة الفساد باسترجاع الأموال المهربة للخارج وقد قدرها تقرير أمريكي ب 340 ألف مليار. فإما أن نوابنا المحترمين لا علم لهم بهذه الاتفاقية وهذا يتطلب حل البرلمان برمته، أو أنهم يعلمونها جيدا ويعلمون الإجراءات المطلوبة، فبينهم محامون يعرفون مسطرة الاسترداد لا تتطلب إلا مبلغا زهيدا كرسم قضائي لكنهم مع ذلك يمارسون على أنفسهم الرقابة الذاتية والتقية، وفي هذه الحالة يعتبرون متسترين على ناهبي المال العام، يتطلب الأمر غضبة الشارع عليهم وبئس المصير.كما أن التراخي في استرجاع الأموال المحكومة باسترجاعها منذ سنوات يعتبر جريمة في حق الوطن، فالمبالغ المحكومة لما كانت محكمة العدل الخاصة بلغت 140 مليار لم تسترجع منها إلا أربعة ملايير فقط. فهل سيشكل البرلمان لجنة مستعجلة تضم قضاة وقانونيين ودبلوماسيين واقتصاديين، وجمعيات المجتمع المدني تكون لها صلاحيات استرداد الأموال المنهوبة في الداخل والخارج؟إن دولة الفلبين ظلت خمس عشرة سنة وهي تسترجع أموالها المهربة.و البنوك في أمريكا تعترف بالأحكام القضائية النهائية التي تفيد بأن الأموال مهربة وليست من حق مودعيها.وحتى لا تضيع الأموال ويتم تحويلها لجهة أخرى في الخارج يجب القيام بتحرك سريع كاتخاذ اجراءات احترازية وهذه مهمة وزيري العدل والخارجية . الحكومة الحالية سارت على نهج سابقاتها، هل تتوقع أن تنجح في استعادة ثقة المواطن خاصة وأن ملفات تحركت في عهدها مثل ملف القرض العقاري والسياحي ومكتب المطارات؟بالطبع ستنجح الحكومة الحالية ، إذا ما اتخذت العديد من الإجراءات وهذا سيتطلب منحها وقتا كافيا فالحكومة تضم في صفوفها رجالا مشهود لهم بالنزاهة تقتضي مروءاتهم الزكية الندية وطبائع النفوس الأبية فضح كافة ملفات الفساد ونبذ الاستمرار فيه والسكوت عليه، فالخروج من الإثم نبذ للإقامة عليه كما يقول الفقهاء .فالأستاذ مصطفى الرميد المحامي والحقوقي أقسم اليمين من أجل خدمة الشعب وحماية ثرواته من النهب .أما وزير السياحة الحالي ووزير الشباب والرياضة فعليهما أن يقدما استقالتهما لأسباب يعرفانها كما يفعل ذلك وزراء الدول الاسكندنافية .أملي كبير في نزاهة وزير العدل فعلى طاولته ملفات فساد كبيرة عليه تحريكها وفضح كل معرقل لحسن سير العدالة . ما المطلوب لاسترجاع الثقة؟ترجمة الخطب الملكية والوعود الحكومية الرامية الى محاربة الفساد من الأقوال الى الأفعال ، ولن يتأتى ذلك الا بتفعيل الاتفاقية الدولية لمحاربة الفساد المكونة من ثمانية فصول و 71 مادة من أجل تعزيز نظمها القانونية والتنظيمية لمكافحة الفساد.. وقد جرمت الاتفاقية 12 فعلاً واعتبرتها جرائم فساد تستحق العقوبة الصارمة وجرمت أيضا الفساد في القطاعين العام والخاص وتشمل الآليات المناسبة لاستعادة الأموال. أجرى الحوار: الصديق بوكزول

ننتظر إحالة ملفات الفساد الكبرى على القضاء

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مسلسل نهب المال العام في المغرب

الخبرة المحاسباتية في ملفات الفساد مسكن للشعب

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات