أفـارقة يقـتـحمـون “الحـلقـة” بمـكناس

بدأ زوار ساحة "الهديم" التاريخية يستأنسون، في الآونة الأخيرة، بوجود عدد من المهاجرين الأفارقة، من مجموعة من الدول جنوب الصحراء، من الجنسين معا، ضمنهم طلبة يتابعون دراستهم بالمدارس والمعاهد العليا بمكناس، وهم يقدمون لوحات فنية راقصة على إيقاعات إفريقية صاخبة باستعمال بعض الآلات الإيقاعية والصافرات، مرددين أهازيج بلدانهم المختلفة. وفي هذا الصدد، قال قاسم بنعزوز، أستاذ وباحث في التراث الشعبي العربي، إن المهاجرين الأفارقة نجحوا، في وقت وجيز، في الاندماج ضمن المجتمع المغربي، مقدمين إشارات واضحة على قدرتهم الفائقة على اقتحام جميع الأنشطة، التي كانت حكرا، في وقت سابق، على المغاربة. وأكد بنعزوز، في حديث إلى "الصباح"، أن "حلقة" المهاجرين الأفارقة باتت تستقطب جمهورا واسعا، من المغاربة والسياح الأجانب، يتفاعل بشكل كبير مع الإيقاعات والأهازيج الإفريقية المقدمة، ما يؤكد أن فن "الحلقة" بالعاصمة الإسماعيلية، وبغيرها من مدن المملكة، لم يعد ملكا للمغاربة فقط، بل صار تراثا شفهيا عالميا مشتركا، على حد تعبيره. وأضاف المتحدث عينه"من شأن هذا الاندماج الإيجابي أن يمكن المهاجرين الأفارقة من تغيير نمط تفكير أغلبهم من اتخاذ المغرب قنطرة للعبور إلى الضفة الأخرى، إلى الاقتناع بضرورة استقرارهم بربوع المملكة والبحث عن مزاولة أنشطة تضمن لهم دخلا قارا، يغنيهم عن التسول واستجداء المارة في الشوارع والطرقات". واستعادت ساحة "الهديم" التاريخية بمكناس، في السنوات القليلة الأخيرة، شيئا من حيويتها وقسطا من وهجها الثقافي والفني، وبعضا من نشاطها الدؤوب من خلال عودة "الفرجة الحلقية" لتأثيث فضائها المتميز. برجوع فن "الحلقة" إلى هذه المعلمة الأثرية المتوغلة في عمق التاريخ، تعلو البسمة وجوه الغيورين على هذه الساحة، التي تنعت بتوأم ساحة "جامع الفنا" بمراكش، بل وسيكون أمل الاسترزاق من أرض هذه الساحة قد رجع من جديد لعشرات ممتهني ورواد فن "الحلقة"، الذين بقدر ما تأسفوا كثيرا لإفراغ هذا الفضاء الساحر من حمولته الفنية والثقافية لردح لا يستهان به من الزمن لسبب أو لآخر، ما جعل الأحياء منهم يعززون جحافل العاطلين دون سابق إنذار، بقدر ما فرحوا كثيرا لهذا القفول الذي من شأنه أن يشكل لهم مصالحة مع تراب الساحة، وكذا مع عشاق الألوان الزاهية والأنواع المتعددة لفن التراث الشفهي فردا. خليل المنوني (مكناس)

أفـارقة يقـتـحمـون “الحـلقـة” بمـكناس

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

طنجة تتنفس الأزبال

"ليدك" تتفقد 4000 كيلومتر من شبكات الماء

مقالات ذات صلة