الأحـزاب والـتـلـفـزيـون.. الـفـرصـة الأخـيـرة

مع اقتراب كل استحقاق انتخابي، تستعد الأحزاب السياسية والتلفزيون على حد سواء لخوض تجربة حاسمة تحدد معالم المستقبل وتساهم في تكوين رؤى وتحديات الغد. وانتخابات 2011 تعتبر رهانا خاصا ومميزا تستعد له الأحزاب السياسية والتلفزيون نظرا لما سيرافقها من نزال ومنافسة، وبالتالي تحاول الأحزاب مواكبة الحدث تلفزيونيا والتلفزيون يحاول مرافقتها سياسيا. لكن المعادلة مختلفة هذه السنة عن التجارب الانتخابية السابقة، لأنها تأتي في سياق سياسي وإعلامي مختلف: فالسياق السياسي مرتبط بالدستور الجديد، والانتخابات المبكرة، والحراك اجتماعي، ورفع سقف المطالب، أما المتغير الإعلامي فمرتبط بارتفاع حدة النقد حيال التلفزيون العمومي التي أخذت أشكالا تصعيدية لدرجة أن التغيير أصبح مطلب أقصى اليمين وأقصى اليسار مرورا بشوارع 20 فبراير.انتهازية الأحزاب ورداءة الأداء التلفزيوني قد نتجاوزها إذا ما تم تفعيل مبدأ أساسي تتضمنه جميع قرارات الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري المتعلقة بالتعددية، وهو أن هذه الأخيرة ليست فقط حقا للفاعلين السياسيين على وسائل الإعلام السمعي البصري بل هي أساسا وسيلة لتمكين المواطنين من تكوين آرائهم السياسية بكل حرية وموضوعية.وتنزيل هذا المبدأ على الواقع الملموس يقتضي ثلاثة أشياء أساسية: أولها جودة المنتوج السياسي التلفزي من الناحية التقنية بمعنى توفير الشروط التقنية والمهنية واللوجيستيكية لتقديم منتوج في المستوى المطلوب بداية من البلاطو الرحب، والديكور الجذاب، مرورا بالإضاءة الجيدة والصحافي المتمكن، وصولا إلى متخصصة الماكياج والإخراج.ثانيها، قوة المضمون المناقش التي تفترض التوقف عن الخطابات المتحجرة والمسايرة الوديعة حتى لا نقول المتواطئة التي تميز أداء بعض منشطي البرامج الحوارية. مع تسجيل تميز لقناة ميدي 1 تي في التي نجحت إلى حد ما في فتح نقاشات حول مواضيع حرجة جدا في مجالات سياسية واجتماعية وثقافية... وهذه فرصة لإعادة النظر في تلك الكبسولات المقززة التي تمنح للأحزاب السياسية لتقرأ خطبها "الأركيولوجية"، وبرامجها على المشاهدين بطريقة لم تعد مقبولة ولا تتماشى مع روح الإصلاح والتغيير التي يعرفها المغرب، وبالتالي إما إلغاؤها وتعويضها ببرامج للنقاش والتدافع السياسي أو إعادة النظر في شكلها وذلك أضعف الإيمان. لأن التلفزيون أولا وقبل كل شيء "ترفيه وفرجة" ولابد أن تضمن البرامج السياسية المستوى الأدنى من التراشق بالأفكار وتبادل الرأي لخلق متعة المشاهدة. وثالثها، ضرورة عدم إقصاء أي تيار فكري وسياسي. وفي هذا السياق حثت التوصية التي أصدرتها الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، في يونيو الماضي، جميع المحطات الإذاعية والقنوات التلفزيونية على ضرورة فتح المجال لجميع تيارات الفكر والرأي خلال مناقشة مشروع الدستور الجديد. وهو ما يعتبر قدوة حسنة لمن يريد تأطير الحملة الانتخابية بالروح الانفتاحية نفسها تفاديا لأي ردة تلفزيونية وسياسية.القاسم المشترك بين هذه الشروط الثلاثة هو أن أي تخلف عنها سيساهم بشكل لافت في عزوف المواطنين عن المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية وتعميق الهوة أكثر فأكثر بينهم وبين الأحزاب.إن روح التغيير التي "يريد" أن يتبناها التلفزيون لا يجب أن تكون مجرد "غضب اللحظة"، لأن التغيير سيرورة وتقدم وليس مرتبطا بانفعال عابر سببه نزول 20 فبراير إلى الشارع، وبالتالي لابد من "اقتناص" الفرصة الأخيرة في مسيرة التغيير: فأمام ضعف الأحزاب السياسية، من الذي "سيسوق" هذا التغيير إلى المغاربة؟ فالإعلام وحده الحاضر في جميع البيوت كل لحظة، ولا يطل على المغاربة كل خمس سنوات أو يفتح بابه في المناسبات، كما هو الحال بالنسبة إلى الدكاكين السياسية. ج.خ

الأحـزاب والـتـلـفـزيـون.. الـفـرصـة الأخـيـرة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تراجع أرباح صندوق الإيداع والتدبير

مجلس مدينة البيضاء يدخل نفقا جديدا

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات