البرامج ممارسة حديثة العهد بالمغرب

خلافات قوية داخل قيادات الأحزاب حول المرشحين الشباب لا تُعتبر البرامج الانتخابية ممارسة متجذرة في التربة السياسية الوطنية، بل هي حديثة العهد، لم تنشأ، عمليا، إلا خلال العقد الأخير. ولم يبدأ اهتمام الأحزاب بالبرامج الانتخابية، باعتبارها مقوما جوهريا للعملية السياسية، إلا خلال الانتخابات التشريعية لسنة 2002، وبالأخص في الانتخابات التشريعية لسنة 2007، حيث تمت، لأول مرة في تاريخ المغرب السياسي، مواجهة الرأي العام الوطني ببرامج حقيقية وجديرة بهذا الإسم. عمدت الأحزاب الكبرى، خلال الانتخابات التشريعية الماضية، إلى وضع برامج انتخابية متكاملة، ومضبوطة، ومعززة بالأرقام، ومتضمنة لأهم المؤشرات، والمعطيات ذات الصلة بمختلف المجالات، وبالاستعانة بالخبراء، وإن اقتضى الحال بمكاتب دراسات. لم يكن الوضع كذلك، قبل عشر سنوات، إذ لم تكن الأحزاب تتبارى حول البرامج، بل كان كل حزب يُقدم وعوده" شفويا" إن اقتضى الحال، ويعد الناخبين بأن يعمل من أجل تحقيق هذا المطلب أو ذاك، حتى إن ساعده الحظ في الفوز في الانتخابات، نسي كل شيئ، وطرح برنامجه الشفوي أرضا، ولم يعبأ بما توجه به نحو الناخبين، خلال الحملة الانتخابية، من وعود و"التزامات"، لا تُلزمه في شيئ. كانت الانتخابات التشريعية زمن نمط الاقتراع الأحادي، يعتمد على الأشخاص، والوجوه، وليس على البرامج، ومن تمة، فإن الأحزاب السياسية لم تكن تولي للبرامج الانتخابية أدنى عناية، بل كانت المسألة ثانوية، لا تنفع في شيء، في استمالة الناخبين، وضمان المقاعد الانتخابية. الأمر لم يتغير بشكل جوهري، في العقد الأخير، لكن الذي تغير، أن الأحزاب أصبحت واعية بضرورة إعداد برامج انتخابية تستحق هذه التسمية. فلجأت إلى صياغة برامج متكاملة، وليس إلى بسط أفكار واقتراحات إنشائية غارقة في العموميات ، كما كان الأمر في السابق.من هذا المنطلق، يشكل إعداد برامج انتخابية ظاهرة حديثة العهد بالانتخابات المغربية، إنه تقليد لم يترسخ بعد، ولكنه، ربما، في الطريق إلى التكريس، إذا استمر المنحى الإيجابي للمسلسل الانتخابي الوطني، على مستوى الدمقرطة والشفافية، والنزاهة، وكذا على مستوى عقلنة المشهد السياسي، وإضفاء المصداقية عليه.بدأت الأحزاب تهتم بالبرامج الانتخابية، بعد اعتماد نمط الاقتراع اللائحي، إذ كان الأفق مفتوحا للتنافس على المقاعد وفق برامج انتخابية، وليس بالاعتماد على الأشخاص. ووضعت الأحزاب السياسية برامجها الانتخابية بالاعتماد على منهج موضوعي وعلمي لصياغة برامج حقيقية. وسوقت هذه الأحزاب برامجها بشكل مهني، بالاعتماد على الانفتاح الإعلامي، إذ خصصت لقاءات صحفية لتقديم الخطوط الأساسية لبرامجها،عكس ما كان عليه الأمر، في السابق، إذ كانت البرامج الانتخابية آخر ما تفكر فيه قيادات الأحزاب.تمثل البرامج الانتخابية جزءا لا يتجزأ من العملية الانتخابية، وبدونها لا يمكن أن تحصل انتخابات حقيقية، لأن من المفروض أن يصوت الناخبون على الأحزاب، انطلاق من برامجها. لكن العائق الأكبر الذي يحول دون تطوير هذه العملية في المغرب، هو سيادة عقلية التوافقات وديمومة الإئتلاف الحكومي الذي جعل الحكومات السابقة، التي تشكلت منذ 1998، أي منذ حكومة التناوب التوافقي، تتكون من فسيفساء من الأحزاب السياسية، تُدبر الشأن العام، ليس انطلاقا من برنامج سياسي محدد، ورؤية سياسية واضحة، بل انطلاقا من عملية التدبير اليومي،عدا أن البرامج والمشاريع الكبرى كان الفضل فيها لجلالة الملك، في الوقت الذي كانت الحكومات تكتفي بالتنفيذ. كان ذلك في ظل الدستور السابق، فهل تتغير الأمور في إطار الدستور الجديد؟ جمال بورفيسي

البرامج ممارسة حديثة العهد بالمغرب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

عبيابة : على الأحزاب أن تقدم برامج قابلة للتطبيق

البرامج الانتخابية... حبر على ورق

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات