عبيابة : على الأحزاب أن تقدم برامج قابلة للتطبيق

مدير مركز ابن بطوطة قال إن مصداقية كل حكومة مرتبطة بمدى تقيدها بإنجاز برنامجها الانتخابي قال حسن عبيابة(*)، مدير مركز ابن بطوطة للدراسات الإستراتيجية، إن البرامج الانتخابية للأحزاب تُعتبر من المرتكزات الأساسية للانتخابات التشريعية. وانتقد التعاطي الحزبي مع هذه البرامج التي ظلت تتسم بالضعف وعدم قابليتها للتطبيق، ودعا، في هذا السياق، الأحزاب السياسية، إلى بلورة برامج انتخابية ذات مصداقية وتتسم بالواقعية. وأكد المتحدث في حوار مع الصباح، أن الأرقام والمؤشرات التي تٌقدم خلال الحملة الانتخابية، على غرار معدلات النمو والتشغيل، ينبغي أن تخرج عن الطابع السياسوي الذي يميزها، لأنه على امتداد الحكومات السابقة، لم نصل إلى مستويات النمو الذي سبق أن أعلنت عنه الأحزاب في برامجها، وبالتالي فإن الحكومات السابقة كانت تعلن عن أرقام لا تحققها. في ما يلي نص الحوار: كيف تُقيمون الأجواء التي تُحضر فيها الاستحقاقات الانتخابية المقبلة؟إن ما يميز الوضع السياسي المغربي، هوالحراك الدائر فيه. عرف المغرب، في ظرف زمني مدته ستة أشهر، مخاضا على عدة مستويات، خاصة على مستوى مطلب الإصلاحات، ومنها إصلاح المؤسسات، ومحاربة الفساد، والنفوذ، إضافة إلى ما تشهده البلاد من استعدادات وتحضيرات لمحطة الانتخابات التشريعية المقبلة. ولا شك أن الربيع العربي شكل حدثا بارزا في الفترة الأخيرة. وإذا كان المغرب حقق عملية استباقية نوعية، من خلال عملية الإصلاح الدستوري، الذي مكنه من التوفر على دستور متقدم يراعي المرحلة الراهنة، إلا أن النصوص المنظمة للإنتخابات، والتي من المفروض أن تُسهم، بشكل فاعل، في التنزيل السليم للدستور، لم تكن في مستوى روح الدستور وتطلعات فئات عريضة من القوى الفاعلة في المجتمع المغربي. وعلى سبيل المثال، فإن مشروع القانون التنظيمي لمجلس النواب، لم يأت بما كان منتظرا منه، إذ أن النقاش انصب حول مشكلة ليست جوهرية تتعلق باللائحة الوطنية، وما أدى إليه من معارك جانبية لا قيمة لها بين النساء والشباب، في حين كان من المفروض أن نخلق نقاشا وطنيا حول تحقيق مطلب تجديد النخب، خاصة أن جلالة الملك أكد، في العديد من خطبه، خاصة خطاب 9 مارس وخطاب العرش الأخير أهمية وضرورة تجديد النخب، إلا أن النصوص لا تساير هذا التوجه. إن تحديد كوطا للنساء حدث في سياق تحقيق مبدأ الإنصاف والمساواة بين الجنسين، في مجال الممارسة السياسية، وهو أمر مفهوم، لتحقيق حدا أدنى من المساواة في العمل السياسي داخل البرلمان، ولكن إقحام الشباب في اللائحة، يعتبر التفافا حول هذا المطلب، عدا أنه جاء بفعل ضغط الشارع،أي نتيجة حركة 20 فبراير، وبالتالي ستصبح المؤسسة البرلمانية فضاء لا يلجه سوى النافذون في الأحزاب والمؤسسات الذين يتوفرون على إمكانيات لوجستية، أومدفوعين بفعل ضغط الشارع، في حين تتعرض فئات أخرى عريضة تتكون من الأطر الحزبية، وتعتبر المحرك الأساسي للعمل السياسي، والمؤطرة للمجتمع، للإقصاء، فقط لأن أعمارها تفوق 40 سنة المتفق حولها كشرط للإدراج في اللائحة الوطنية، ولا تتوفر على إمكانيات لوجستية، وهو ما يجعل هذه الفئة، مرشحة، لأن تلعب دور القوى المعارضة المجانية داخل الأحزاب التي تنتمي إليها، علما أن العمل السياسي لا يتوقف على فئة النساء والشباب دون 40 سنة، فقط، لأن من يؤطر الشباب هم الأطر والكفاءات الحزبية، وهذه قد تجد نفسها فوق الأربعين، وبالتالي، نحن أمام وضعية لا تشجع على تجديد النخب، بل تخرج عن روح النص الدستوري، بسبب هذه الإجراءات التي لا تُجسد مطامح الشعب المغربي في ظل الدستور الجديد. هل تقصدون أن تغيبب صوت الأطر والكفاءات التي تتعدى أعمارها 40 سنة، والتي ستجد نفسها مقصية من ولوج البرلمان، فيه إجحاف لهذه الفئة العريضة من مناضلي الأحزاب؟من المؤكد أن تحديد سن 40، فيه تمييز مجحف لمناضلي الأحزاب، لأن السؤال هو المعيار المعتمد في العمل السياسي، وهل السن، هو المعيار الأساسي، لأن تحديد السن يُقصي بالضرورة، العديد من الكفاءات، والأطر النشطية داخل الأحزاب. عند اطلاعنا على القوانين المؤطرة للانتخابات، ومنها مشروع القانون التنظيمي للجماعات الترابية، يلاحظ تغييبا كاملا لأي شيء يتعلق بالشباب على مستوى الجهات والجماعات،وهذا يعني أن اقتراح اللائحة الوطنية ليس له توجه سياسي وطني، فلا معنى للتشجيع على مشاركة الشباب في البرلمان من خلال اللائحة الوطنية، وتغييبهم في الجهات والجماعات، وهو ما يعني أن مشروع القانون المنظم لمجلس النواب لا يتلاءم مع النص المتعلق بالجماعات الترابية، وهذا يعكس غياب رؤية استراتيجية للشباب، لأن المسألة كلها اقتصرت على العمل السياسي في البرلمان.وبخصوص تحديد سن الشباب في 40 سنة، فهو لا يعكس روح الدستور، والتوجه الديمقراطي الذي اختار المغرب السير فيه المغرب، لأنه يُقصي فئات عريضة من المناضلين فوق الأربعين، الذين يشكلون تكتلا كبيرا داخل الأحزاب ، ومنهم أطر وجامعيين وباحثين ومثقفين، وهذه الفئة، كما سبق أن أشرت إلى ذلك ستتحول إلى معارضة" مجانية" داخل أحزابها. لا يمكن الحديث عن الانتخابات التشريعية، بدون إثارة موضوع البرامج الانتخابية للأحزاب، وهو موضوع يثير الجدل في كل محطة انتخابية، بالنظر إلى أن الرأي العام الوطني وحتى المحللين السياسيين، يوجهون انتقادات إلى الأحزاب بفعل برامجها الانتخابية التي تموت صلاحيتها مباشرة بعد تشكيل الحكومة، ما هي أهمية البرنامج الانتخابي بالنسبة إلى الانتخابات التشريعية، وهل صحيح أن الحكومة لا تلتزم بالبرنامج الانتخابي الذي تعرضه مكوناتها، خلال الحملة الانتخابية؟تعتبر البرامج الحزبية من أهم المرتكزات التي تقوم عليها الانتخابات التشريعية، والفترة ما بعدها، وهنا يجب أن نؤكد على الطابع الإشعاري والإخباري لهذه البرامج، أكثر مما يمكن أن نعتبرها برامج عملية قابلة للتطبيق. يمكن القول، إن الأحزاب تعرض برامج غير قابلة للتطبيق، مما يعني أن الحلول المقترحة لمعالجة الإشكاليات والمشاكل المطروحة في عدد من القطاعات والميادين، تكون غير واضحة وتنقصها الدقة. من المفروض أن تتسم برامج الأحزاب بالواقعية والوضوح، خاصة في ظل الانعكاسات الدولية، والإقليمية، والمحلية، للأزمة الاقتصادية العالمية، التي ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار، إذ لا يجب أن تعطى حلول غير قابلة للتطبيق، ولهذه الأسباب، يجب أن نقترح بعض الإجراءات، من قبيل تغيير بنية الحكومة، بحيث تصنف القطاعات المنتجة تصنيفا جديدا، وتصنف القطاعات الاستهلاكية تصنيفا آخر، أو تحذف بعض الوزارات غير المنتجة، في سياق عقلنة التركيبة الحكومية لخلق بنية حكومية تتناسب والوضع الجديد، على اعتبار أن المغرب يتوفر على وزارات استهلاكية أكثر، ربما، من توفره على وزارات إنتاجية. إن الأرقام والمؤشرات التي تٌقدم خلال الحملة الانتخابية، على غرار معدلات النمو والتشغيل ينبغي أن تخرج عن الطابع السياسوي الذي يميزها، لأنه على امتداد الحكومات الأربعة السابقة، لم نصل إلى مستويات النمو التي سبق أن أعلنت عنها الأحزاب في برامجها، وبالتالي فإن الحكومات السابقة كانت تعلن عن أرقام لا تحققها. ويمكن اقتراح ترشيد بعض قطاعات الإنفاق العام، والاحتفاظ بالقطاعات الاجتماعية الأساسية .والأساسي، هو أن تكون الأحزاب جريئة في مصارحة المواطنين، وعدم منح وعود لا يمكن للحكومات القادمة أن تنفذها، كما يجب إقناع المواطنين بالأولويات والضروريات في الحياة الاقتصادية العامة، وفق الوضعية الحالية، وأعتقد أن الأحزاب تضع في عين الاعتبار هذا المشكل، لكن يجب أن تضع البرامج وفق الحلول الممكنة، لأن الخطر هو أن تستمر الأحزاب والحكومات في منح الوعود، وتقديم المعطيات والأرقام، ولا تنفذها، كما أن المجتمع المدني والسياسي سيحاسب هذه الأحزاب عن برامجها ووعودها، ولذلك يجب على الحكومة المقبلة أن تكون أكثر مسؤولية وواقعية في التصريح الحكومي الذي ستقدمه. إن مصداقية الانتخابات تبدأ من مصداقية البرامج الانتخابية، والشعب يتطلع إلى إجراء انتخابات نزيهة وشفافة، بناء على برامج انتخابية واقعية وقابلة للتطبيق، وإلا فسنكون مضطرين، ربما، مستقبلا، إلى إجراء انتخابات أخرى سابقة لأوانها. ألا تعتبرون أن عدم تجانسية الحكومة في ظل وجود أحزاب متعددة، يُسهم في إفقاد البرامج الانتتخابية المصداقية، على اعتبار أنه لا يمكن تطبيق برنامج لحزب أو حزبين مشاركين، بل هناك تعددية في البرامج؟بالفعل، هذا المشكل ما يزال قائما، في ظل استمرار حكومة ائتلافية تتشكل من عدة أحزاب لها رؤية سياسية وأيديولوجية مختلفة، ولذلك، فإن المطلوب تحقيق مستوى أقوى من الانسجام داخل الحكومة، على أساس أن تُمنح الحكومة إمكانية تطبيق برنامج واضح ومحدد . وإذا كانت الحكومة المقبلة غير منسجمة، أيديولوجيا وسياسيا، فإنها ستطرح الإشكال نفسه المتعلق بالبرنامج،و ستكون، بالتالي، عاجزة عن تنفيذ برنامج محدد المعالم والمرتكزات، وعاجزة،ربما، حتى عن تلبية مطالب وحاجيات المواطنين. مدير مركز ابن بطوطة للدراسات الاستراتيجية أجرى الحوار:جمال بورفيسي

عبيابة : على الأحزاب أن تقدم برامج قابلة للتطبيق

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الاشتراكي الموحد " يعلق" تحضيره للانتخابات

البرامج ممارسة حديثة العهد بالمغرب

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات