العسكرة تمنع الاستثمار في الريف

ناصر زفزافي قال إن وفاة فكري سبقها انتحار 12 شابا بسبب اليأس أجرى الحوار: امحمد خيي (موفد الصباح إلى الحسيمة) بعدما أكد ناصر زفزافي، في وقت سابق لـ«الصباح»، أنه مستعد للحوار مع الدولة حول المطالب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية لحراك الريف، نخوض في هذا الجزء من مقابلة «الصباح» معه، في المقصود بشعاره المثير للجدل «لا للعسكرة»، كما يقدم توضيحات بشأن رفع راية جمهورية الريف في الاحتجاجات وتغييب الراية الوطنية. وفي ما يلي نص الحوار: < كيف يعرف ناصر زفزافي بنفسه؟ < أنا كجميع الناس الذين خرجوا إلى الشارع رفضا للظلم والطغيان والاستبداد، ومن الناس الذين، كما يقال بالدارجة: «وصل ليه الموس للعظم»، وحب المنطقة جعلني أقول: «باركا» من سياسة الحصار والعسكرة التي تنهج بالمنطقة، خصوصا أن الحصار يستمر منذ ما يقارب 60 سنة، وأبناء المنطقة تذمروا وكرهوا هذه السياسة، التي ولدت مسائل خطيرة جدا. < أين تتمظهر سياسة الحصار التي تتحدث عنها؟ < سياسة الحصار تتجلى في مجموعة من الأمور الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إذ لا معامل ولا شركات، ولا جامعة ولا مستشفى جامعي وآخر للسرطان، وأعتقد أن العهد الجديد، الذي رفع شعارات عديدة وروج عبر الإعلام، الذي أوجه إليه عتابا على غيابه، جاء ليقطع مع العهد القديم، ويقوم بإنصاف ومصالحة مع المنطقة، إلا أننا نرى أن الواقع هو المزيد من الحصار. هناك مستثمرون يريدون الاستثمار في منطقة الحسيمة، إلا أنهم يحرمون من ذلك، سيما أن عددا من أبناء المنطقة الميسورين الموجودين في أوربا، ويريدون العودة إلى البلاد للاستثمار فيها، سيما في السياحة الجبلية والشاطئية، خصوصا أن الله سبحانه وتعالى ميز المنطقة بجمالية كبيرة، لكن الدولة تمنعهم، بسبب وجود ظهير، بموجبه تعتبر المنطقة عسكرية، وترفض إقامة أي مشروع، وكذلك رفض الدولة توفير جامعة، ما يدفع نسبة كبيرة من طلبة الحسيمة إلى التوجه لوجدة وتطوان وطنجة. ومن الأمثلة كذلك، أنه قبل خروج الاستعمار الإسباني، ترك مجموعة من المعامل والشركات، إلا أن المخزن دمرها، وهنا نتساءل: لماذا يتم حرمان أبناء المنطقة من أبسط شروط العيش الكريم؟ ولماذا لا تريد الدولة السماح للاستثمار بالمنطقة، وتتم عرقلة الخواص؟ ما يجعل أبناء المنطقة يرفضون تلك السياسة، بعدما تأكدوا أن كل ما يقال عن مشاريع بالمنطقة مجرد شعارات تروجها قنوات نمولها من ضرائبنا وتتجاهل حتى الحراك. < في مسألة العسكرة، يظل هناك غموض، فالسلطات تقول إن ظهير 1958 الذي تثيرونه نسخ بموجب ظهير التقسيم الإداري في 1959، فلماذا لم تقتنعوا؟ < عندما نتحدث عن ظهير العسكرة، فبالنسبة إلي هذا الظهير لا يسقط إلا بظهير، لذلك نتساءل: إذا كانت الدولة ألغت ظهيرا، فأين الظهير الذي يلغيه؟ وما الذي يمنع الدولة من الخروج ببلاغ رسمي يقول إن ظهير إعلان المنطقة عسكرية، لم يعد ساري المفعول؟ < ولكن نعلم أن الحسيمة راهنا لا تعيش تحت سلطة حاكم عسكري، بل فيها عامل ومنتخبون على غرار كل الأقاليم، فأين تتجلى مظاهر سريان مفعوله؟ < تتجلى مظاهره على أرض الواقع، من خلال وجود الدرك الحربي، ونحن نعلم أنه جهاز لا يمكنه أن يخرج بـ10 كيلومترات من الثكنات إلا بأوامر عليا، ونعرف أننا نرفع الآن مطالب عادية، إلا أنه تم تحريك الجيش بالمنطقة. < ولكن هل الجيش كان موجودا قبل الحراك؟ إنكم تقولون إن العسكرة موجودة منذ 1958؟ < لا لم يكن قبل الحراك الشعبي بهذا الشكل الكبير، ولكن تمظهر العسكرة في المنطقة، منذ 1958، هو أن المستثمرين كلما حلوا بالمنطقة، يواجههم شخص معروف في العمالة، بالظهير، ويقول لهم إن المنطقة متوترة، ما يدفعهم إلى المغادرة، ونحن نتوفر على شكايات عدد كبير من المستثمرين، الذين تمت مواجهتهم بظهير العسكرة. إن الدولة تلقت فعلا صفعة حينما رفعنا مطلب رفع العسكرة، كما أننا لم نعد وحدنا من يقول ذلك، فبعض المسؤولين الموجودين في دكاكين سياسية، خرجوا بتصريحات ترفع الشعار ذاته (يقصد إلياس العماري). كما أنه لو كانت هذه المنطقة مدنية، كما تقول الحكومة، فالتشكيلات العسكرية التي نراها هنا، يفترض أن تكون في الصحراء. < ولماذا بالضبط تفجر الوضع خلال هذه السنة، ورفع مطلب إلغاء الظهير الآن؟ < هذه ليست المرة الأولى، التي سيخرج فيها الريفيون ليستنكروا، فقد كانت حركة 20 فبراير، وكانت احتجاجات في الماضي، وما يقع اليوم، ليس إلا امتدادا لما كان يقع من قبل، وقبل وفاة الشهيد محسن فكري، سجلنا ما يقارب 12 حالة انتحار في صفوف شباب أعمارهم لا تتجاوز 22 سنة، والسبب أنهم أصيبوا باليأس نتاج هذا الحصار، فهم لم يجدوا عملا، ولم يجدوا علاجا، ولم يجدوا جامعة قريبة ليدرسوا فيها. والمسألة الثانية، أنه بعد ما حدث لمحسن فكري، «الناس وصلات ليهم للعظم»، فكانت النقطة التي أفاضت الكأس، أما الاحتقان والحقد فبلغ أتمه منذ تعذيب خمسة شباب في 20 فبراير 2011 داخل مخافر والإلقاء بهم داخل وكالة بنكية، ولم تعلن الدولة حقيقة ما وقع، إلى اليوم، رغم أن الحجة قائمة ممثلة في «كاميرات» المراقبة (...). < بخصوص الأجواء في الحسيمة، قمنا بجولة واكتشفنا إيقاعا عاديا للحياة على عكس ما ينشر في وسائل التواصل الاجتماعي، هل يتعلق الأمر بتضليل متعمد؟ < إن الصورة التي تم تسويقها عبر الإعلام عن الحراك وراءها بيادق المخزن في الإعلام المتحكم فيه، أما نحن فأبناء المنطقة ونعرفها جيدا، كما استخلصنا دروسا وعبرا من الماضي ومن 20 فبراير، ونحن اليوم، نخرج فقط لنحتج على السياسة الممنهجة ضد المنطقة، ونرفع شعارات تعبر عن مطالب عادلة ومشروعة: توفير معامل وشركات وجامعات ومستشفيات، ولأن هذه المطالب ترفع في باقي المناطق المغربية، فالصورة التي تسوق عن حراك الريف، وراءها الانتقام من المنطقة، ولو فتح باب الإعلام العمومي أمامنا لكانت الرؤية أوضح للجميع. إنني أعتقد أن الدولة حاصرتنا إعلاميا ومولت بيادق تسوق المغالطات، من قبيل أننا انفصاليون ومدعومون من الخارج، في غياب الحجة، لأنها تريد عزل هذا الحراك حتى لا يمتد إلى باقي المدن، التي تعرف بدورها تهميشا، سيما أن نشطاء الحراك لا ينتمون إلى أي دكاكين سياسية، وكل ما يحركهم هو الغيرة على المنطقة، وملف حقوقي، إذا تم تحقيقه نعود إلى بيوتنا. < ماذا عن شكل تأطير الحراك: هل وراءه تنسيقية أم نواة صلبة، سيما أنك تتهم باتخاذ قرارات انفرادية؟ ومن يتحمل تكاليفه ومصاريفه اللوجستية؟ ليست لدينا أي تنسيقية، وأرفض الدخول في الهيكلة، لأنه بمجرد الانخراط فيها، كما أظهرت ذلك تجارب سابقة، يفشل الحراك قبل تحقيق مطالبه، لذلك نتركه حراكا عفويا مفتوحا أمام جميع الأفراد باختلافاتهم، سيما أنك، بمجرد أن تتحدث عن الهيكلة، سيقول الناس إنه بدأ يتجه نحو تشكيل دكان سياسي. إن سبب فشل نسف الحراك، هو غياب الهيكلة، وبالتالي انتفاء إمكانية المساومة. إن الإعلان عن تنسيقية أو هيكلة، لن يكون إلا حينما تعلن الدولة نيتها التحاور معنا. وبخصوص من يروج أنني أتخذ قرارات انفرادية، فعندما توفي الشهيد محسن فكري، خرجت منفردا ولم أنتظر من شخص أو جهة ما لتقول لي ما سأفعل، أما الانفراد بالقرار، فلا وجود له، والواقع أن ناصر زفزافي، بحكم أنه يوجد في فوهة المدفع، يعرف مصلحة الحراك، ولكن دون أن يعني ذلك أنني لا أستمع إلى آراء الناس في اجتماعات عمومية (أكراو)، لا تتردد الأجهزة في قمعها ونسفها. وإذا كان ناصر اتخذ قرارا انفراديا فالسؤال المطروح هو: هل نجحت الأشكال النضالية أم لا؟ إن العبرة بالنتيجة وأسمح بمحاسبتي على الأخطاء لا النجاحات. بخصوص التمويل والمصاريف، فأبناء الريف معروفون بتلاحمهم وتضامنهم، والأمازيغ تاريخيا معروفون بنظام «تاويزا» والتعاون، وعندما ننتهي من اجتماع، واجتماعاتنا يتابعها العالم بفضل تقنية النقل المباشر، يساهم معنا كافة السكان، كل على قدر رغبته ومستطاعه في توفير اللوجستيك. < حضور راية جمهورية الريف في الحراك في مقابل غياب الراية الوطنية، مسألة تثير الجدل، فما الذي ترمز إليه حقيقة راية الجمهورية؟ < بخصوص ما يثار عن غياب الراية الرسمية، لا أستطيع أن أنوب في الجواب عن الجماهير الشعبية، علما أنه لم يسبق لأحد أن منع مشاركا في الاحتجاج من رفع العلم الرسمي، وشخصيا، سبق لي أن لاحظت من فوق منصة أن هناك من قال لمشاركات يحملن الراية «إن الراية التي ترفعنها لم تعطنا شيئا»، فسارعت إليه وقلت: إذا كنا فعلا نريد بناء الديمقراطية فيجب أن نجسدها على أرض الواقع، فدع عنك البنات وليرفعن ما شئن من رايات. إن ما يقع في قضية الراية، فيه تضخيم من الإعلام، علاوة على أننا لسنا في حرب الرايات، ولسنا بصدد احتجاج ضد دولة أجنبية أهانت الراية المغربية. إن راية الجمهورية والعلم الأمازيغي يرفعان لأن الدولة تحاصرهما، ليس في الأمر أي دعوة إلى الانفصال ولا يوجد ما يدعو إلى القلق في هذا الصدد. في سطور > من مواليد 1978 بالحسيمة > عازب > المستوى الدراسي : بكالوريا > مارس عدة مهن من بينها تاجر هواتف ثم حارس أمن خاص في ملهى ليلي وبنك > حاليا عاطل عن العمل

العسكرة تمنع الاستثمار في الريف

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مختصرات

قاتل مرداس وأرملته في شريط إباحي

مقالات ذات صلة