الإرث يلغي أسطورة المناصفة

تقبل المغاربة فكرة المساواة بين الجنسين في كل شيء وأجمعوا على رفضها عندما تعلق الأمر بالمال انخدع الشيخ السلفي محمد عبد الوهاب رفيقي بجحافل الخارجين إلى الشارع العام دفاعا عن المساواة، ولم يجد حرجا في الدعوة إلى فتح النقاش في مسألة الإرث، لكنه وجد نفسه وحيدا في مرمى نيران الجميع، وقبله تلقى إدريس اليزمي رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان ورقة حمراء بالانخراط في أجندة خارجية والتجرؤ على ثوابت الأمة، فقط لأنه اعتبر في توصية أن مساواة المرأة مع الرجل في الإرث تسعى لتحقيق العدالة الاجتماعية، ودعا إلى استثمار التراكمات التي شهدتها القضية منذ الاستقلال من أفكار. ولم تتعد توصية المجلس الوطني لحقوق الإنسان التي جاءت في فقرتين من تقرير ضم 97 توصية، مجال العمل على ملاءمة القوانين مع الدستور والالتزامات الدولية للمغرب، لكن ذلك لم يمنع من ثورة جبهة الرافضين لها بزعامة العدالة والتنمية، الذي اعتبر أنها "خرق سافر لأحكام الدستور والثوابت الدينية والوطنية للمملكة"، وقال في بلاغ بهذا الخصوص إنها تفتح جدلا عقيما حول مواضيع تنظمها نصوص قرآنية قطعية. وذهب عبد العالي حامي الدين النائب عن حزب العدالة والتنمية في الغرفة الثانية حد وصف الدعوة إلى المساواة في الإرث، أنها تخفي محاولة تغيير طبيعة النظام السياسي والدستوري للمغرب، الذي ينص دستوره على أن عرش المغرب وحقوقه الدستورية تنتقل بالوراثة إلى الولد الذكر الأكبر سنا من ذرية الملك، وهو ما يعدّ تمييزا واضحا ضد المرأة بالمنطق الحقوقي الجامد، حسب قوله. وحده الأصالة والمعاصرة تجرأ على الوقوف في صف اليزمي عندما شدد على أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان مؤسسة دستورية مارست الدور المنوط بها، واصفا المواقف الرافضة بالمتشنجة المبنية على خطاب متطرف، موضحا في بلاغ لمكتبه السياسي أن هذه المواقف تعتبر مؤشرات على سعي البعض إلى فرض قيود على الاجتهاد، والحجر على التفكير المجتمعي، وفرض الوصاية عليه. وأوضح المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن التدبير السلمي للاختلاف، والنقاش حول المشاريع المجتمعية المختلفة، يشكل عمق الديمقراطية التي لا تعني الإجماع المطلق، معتبرا أن التوصية المتعلقة بالإرث نابعة من الرغبة في الإسهام في تحقيق العدالة الاجتماعية، سيما بالنسبة للفئات الهشة، وهي دعوة للنقاش العمومي لاستثمار أفكار، من قبيل آراء علال الفاسي وعبد الله العروي وغيرهما. وفي الوقت الذي أعلنت فيه جمعيات مدنية تبنيها للتوصية، كما هو الحال بالنسبة إلى الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب التي استنكرت "الهجمة" التي يتعرض لها المجلس، وقالت في بيان لها إن ما جاء في تقريره بشأن وضعية المساواة والمناصفة بالمغرب مطابق للتوصيات التي تترافع من أجلها الحركة النسائية، ذهبت أخرى حد اتهام المشرفين على المجلس بالخيانة، كما هو الحال بالنسبة إلى جمعية الوفاق للوساطة الأسرية، التي اعتبرت أن إثارة قضية الإرث بهذه الصيغة تعد تنزيلا لأجندة خارجية تخفي شرا محدقا بثوابت الأمة. ياسين قطيب

الإرث يلغي أسطورة المناصفة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الخمر بين الحلال والحرام

"وكالين رمضان" بين الحرية ودكتاتورية الأقلية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات