ساحة الهديم بمكناس…”السيبة”

احتلت أرضها «عيادات» التداوي بالأعشاب والمقاهي والمطاعم والمنتوجات الفخارية تعيش ساحة «الهديم» التاريخية بمكناس وضعا مترديا على أكثر من مستوى، بعدما تحولت ليس إلى محج للسياح والأسر والباحثين عن التسلية والترفيه، بل إلى جحافل الباعة المتجولين و»عيادات» التداوي بالأعشاب وبائعي الأكلات الخفيفة والملابس الجاهزة والمتسولين وماسحي الأحذية وبائعي السجائر بالتقسيط، وجميعهم وجدوا في رحابة المكان متسعا لممارسة أنشطتهم بحرية تامة، على مرأى ومسمع من الجهات المسؤولة، التي اكتفت بدور المتفرج. لم تشفع الرسائل الموجهة إلى مسؤولي المجالس البلدية المتعاقبة على تدبير شؤون المدينة، ولا العرائض الموقعة من طرف العديد من الغيورين على العاصمة الإسماعيلية، (لم تشفع) للساحة في تحرير أرضها واستعادة رونقها»، يقول أحد الغيورين على المدينة، بنبرة من اليأس والإحباط، في حديث إلى «الصباح»، مضيفا «عرائض ورسائل في سلة المهملات وصيحات في واد وتكالب الكل على احتلال الملك العمومي أكثر من أي وقت مضى، بمباركة من المنتخبين والسلطات المحلية بالمدينة، التي فضلت التفرج على أبشع صورة وأسوأ تشويه للمعالم الحضارية والجمالية بمكناس». وجوه باتت مألوفة عند مرتادي الساحة، سواء بغرض قضاء أوقات ممتعة في ضيافة «صناع الفرجة»، أو بهدف الركون إلى أحد المقاهي والمطاعم المحيطة بها، أو حتى من أجل العبور إلى شارع السكاكين التجاري، (وجوه) يشخصها أصحاب «عيادات» التداوي بالأعشاب، الذين دخلوا على خط الأنشطة والمهن التي أضحت تغزو تراب الساحة، من خلال انتشار مجموعة من»العشابة» الذين يزعمون أن وصفاتهم المتنوعة قادرة على علاج كل الأمراض المزمنة، حتى وإن تعلق الأمر بما استعصى على الطب الحديث كداء البرص والقصور الكلوي والسكري والتهاب الكبد الفيروسي والعقم عند الرجال والنساء والسرطان. وليست وحدها «عيادات» التداوي بالأعشاب التي تجرؤ على «استعمار» أرض الهديم التاريخية، بل تتحالف معها في هذا الاحتلال غير المبرر المقاهي والمطاعم المحيطة بها، والتي تتنافس على نشر كراسيها وطاولاتها وموائدها ومظلاتها فوق تراب الساحة بشكل مثير للانتباه، مستغلة أضعاف مساحاتها بنسبة تفوق الألف في المائة. ويتساءل الغيورون على المآثر التاريخية بالحاضرة الإسماعيلية عن الجهات المستفيدة من وضعية «السيبة»، التي تعرفها هذه الساحة، في ظل ضعف وفتور حملات تحرير الملك العمومي، التي تقودها السلطات الإدارية والجماعية والأمنية في فترات نادرة ومتباعدة، درا للرماد في عيون العباد، ليعود الوضع إلى حالة التسيب. كما يتساءلون عن المعايير التي اعتمدتها المصالح المختصة في تمكين أصحاب محلات «ميكروسكوبية»، تابعة للملك البلدي، لا تتعدى مساحة الواحدة منها ستة أمتار مربعة على أقصى تقدير، من تراخيص استغلال المقاهي والمطاعم داخل دكاكين كانت في الأصل «صالونات تقليدية» معدة للحلاقة والحجامة، علما أن الحصول على رخصة لمزاولة مثل هذه الأنشطة التجارية الحساسة يتطلب الاستجابة لمجموعة من الشروط. ولا يقتصر الترامي المفرط على الملك العمومي بالساحة، على «العشابة» والمقاهي والمطاعم فحسب، وإنما يتعداه إلى المحلات الخاصة بالاتجار في المنتوجات الفخارية، التي عمد أصحابها إلى عرض سلعهم وبضائعهم المتنوعة فوق مساحات شاسعة، محدثين بذلك سوقا عشوائية مفتوحة. خليل المنوني (مكناس)

ساحة الهديم بمكناس…”السيبة”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أخبار الصباح

كواليس رشوة 50 مليونا

مقالات ذات صلة