منطق الأرقام يسيء إلى العدالة

الدكتور أزوكار حذر من مخاطر السرعة دون توفير شروطها يرى الدكتور عمر أزوكار، محام بهيأة البيضاء، أنه لا يمكن الحديث عن سرعة البت في غياب شروط موضوعية للعمل وبنيات تسهل المهام على العاملين في حقل العدالة والمرتفقين. وقال المتحدث نفسه في لقاء مع "الصباح" إن تسريع البت من حيث المبدأ، مسألة محمودة، إذا لم تكن للقضية المعروضة أمام القضاء معوقات، فالمطلوب دائما هو إيصال الحقوق إلى ذويها في وقت مناسب، والفصل في النزاعات داخل الآجال المعقولة، ولكن ما يلاحظ هو أن الخطاب أصبح اليوم يحدد العمر الافتراضي للقضايا المعروضة على القضاء، وهي من البدع التي جاء بها الفكر الهادف إلى تحسين الجودة والعمل القضائي. وتساءل أزوكار قائلا "كيف نرنو إلى تحسين الجودة والعمل القضائي، في ظل انعدام الشروط الموضوعية؟ وهل المردودية تتوقف على الأرقام فقط؟ وحدد عمر أزوكار مجموعة من الملاحظات، معتبرا إياها لا تستقيم والأهداف المتوخاة من تسريع البت، ضمنها أن العدالة اليوم أصبحت فعاليتها ومصداقيتها تتحددان بلغة الأرقام وليس بمضمون المقررات والأحكام القضائية، ثم أصبح مبدأ السرعة في البت يخرق في الصميم جودة العمل القضائي، والجودة هنا تنصرف إلى مضمون الأحكام في مدى إقناعها للمرتفقين للاطمئنان إلى ما خلص إليه الحكم القضائي، ما يؤدي إلى الاطمئنان بالتالي للعدالة باعتبارها أسمى السلط داخل الدولة. وأخطر ما نبه إليه الدكتور أزوكار، هو أن تسقط السلطة الحكومية المكلفة بالعدالة في فخ السرعة في تصفية الملفات على حساب الإخلال وانتهاك الضمانات الأساسية المقررة للمتقاضين، خاصة الحق في الدفاع، لأنها، حسب أزوكار دائما، مرتبطة أساسا بإجراءات التبليغ، إذ ليس من العدل أن نصل إلى حكم قضائي فاصل في الخصومة من غير أن يصل إلى علم المطلوب فيها. ويرى الدكتور عمر أزوكار، أنه ومن خلال الممارسة العملية، فإن الضغط على القاضي، من خلال وضع عمر افتراضي للخصومة يؤدي إلى كثرة الأخطاء المادية في الأحكام، مما يجردها من كينونتها ويؤدي مرة أخرى إلى الرجوع إلى القضاء نفسه لتصحيح الأخطاء المادية لنعود إلى نقطة الصفر، ونجد أن السرعة لم تحقق المرجو منها، طالما أن المرتفق يعود مرة أخرى للعدالة من أجل القضية نفسها، إذ أنه يسلك مساطر جديدة للتمكن من تنفيذ ما قضى به الحكم المشوب بالخطأ. ولم يتوقف الدكتور عمر أزوكار عند الملاحظات سالفة الذكر بل أشار أيضا إلى أن السرعة في البت تتوقف على مدى تأهيل السلطة الحكومية المكلفة بالعدل للبنيات التحتية لتحقيق هذا المبتغى وتنزيل الغاية المرجوة، وبطبيعة الحال ينبغي أن ينصرف هذا التأهيل إلى مختلف أعضاء أسرة العدالة. كما اعتبر أن سرعة البت في القضايا ليست مقصورة على القضاء فقط، لأن مآل قضية ما يتوقف على تعاون وتأهيل مختلف مكونات العدالة بمن فيهما كتاب الضبط والعدول والخبراء والموثقون والمفوضون القضائيون وغيرهم. فلا يمكن، حسب أزوكار أن نحقق هذه الغاية إلا بالتأهيل الشامل لهؤلاء، وإلا سيصبح المبدأ يحمل الإعاقة في ذاته، ويبقى شعار لغة الأرقام مسيئا إلى الإصلاح أكثر من نجاعته في العملية القضائية بشكل عام. * دكتوراه في الحقوق. محام بهيأة المحامين بالبيضاء. المصطفى صفر

منطق الأرقام يسيء إلى العدالة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الرميد: 93 ألف ملف دون تنفيذ

بالواضح

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات