حقوق الإنسان تحت المجهر الأمريكي

وزارة الخارجية تقرع أجراس الإنذار بسبب استفحال الرشوة والإفلات من العقاب وتعذيب المعتقلين استمرار إفلات المسؤولين من العقاب، وعدم احترام السطات الأمنية لسيادة القانون، وصمود ممارسات التعذيب حيال المعتقلين، وتردي أوضاع السجون، وتفشي الرشوة والفساد، اللذين لا يستثنيان الأجهزة الأمنية، ونمو ظاهرة الاتجار بالبشر واستمرار استغلال الأطفال في أعمال شاقة سيما في القطاع غير المهيكل، وفشل القطع مع مظاهر التمييز ضد النساء، وتواتر التضييق على حرية الجمعيات والتجمع وحرية التعبير والصحافة... مؤاخذات ضمن أخرى، حملها التقرير الأخير الذي أعدته الخارجية الأمريكية، ورصد مكامن الخلل... إنجاز: هجر المغلي أيام قليلة مرت على صدور التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية، أمنستي، الذي عاب واضعوه استمرار تدهور الأوضاع الحقوقية بالمغرب ، فجاء تقرير الخارجية الأمريكية السنوي، ليؤكد، بدوره، من جديد الصورة السوداء التي يرسمها العالم حول وضع حقوق الإنسان بالبلاد. فالتقرير الأخير للخارجية الأمريكية، رغم أنه أقر بوجود بعض التحسن في الأوضاع الحقوقية، مقارنة مع التقرير الناري للسنة الماضية، إلا أنه لم ينف استمرار انتهاكات تسائل الوضع الحقوقي. التعذيب يقاوم نبهت الخارجية الأمريكية، استنادا إلى الوثيقة ذاتها، إلى أن السنة الماضية، عرفت استمرار ممارسات التعذيب، فرغم أن الحكومة اتخذت خطوات لمكافحة التعذيب وسوء المعاملة، أدت إلى انخفاض ملحوظ لمثل هذه الممارسات، منذ 2004، وجعلت ظروف الاحتجاز بالسجون ومراكز الاعتقال تتحسن، إلا أن السنة الماضية، عرفت استمرار وجود مراكز لا تتطابق مع المعايير الدولية، سمحت بتواتر سوء المعاملة خلال الاحتجاز، عمق من حدتها الاكتظاظ الذي تعانيه سجون المملكة والاعتقال الاحتياطي لفترات طويلة. وذكرت الخارجية الأمريكية في السياق ذاته بتقارير المنظمات غير الحكومية والحكومية، على حد سواء، التي كشفت استمرار ادعاءات بممارسة التعذيب من طرف عملاء الحكومة، سيما ضد الأشخاص المشتبه في صلتهم بالإرهاب أو تهديد الأمن الوطني، إذ أوضح تقرير صدر عن منظمة العفو الدولية، قبل سنتين، استمرار قيام قوات الأمن بتعذيب السجناء، بالضرب، واستعمال أسلوب الإيهام بالغرق، وممارسة العنف النفسي والجنسي، من خلال إرغام المحجوزين على البقاء في أوضاع مؤلمة، بغية انتزاع اعترافات مطلوبة. واقع، تضيف الخارجية الأمريكية، دفع الحكومة المغربية إلى اتخاذ إجراءات للحد من تداعياته، إذ أعلن وزير العدل، صيف 2015، أن ممارسة التعذيب لم تعد مقبولة، متوعدا المتورطين فيها بالعقاب والسجن، بعدما تلقى المجلس الوطني لحقوق الإنسان، 34 شكاية يزعم أصحابها تعرضهم للتعذيب في مراكز الاعتقال خلال السنة ذاتها، اكتفى إثرها المجلس بتقديم توصيات لإدارة السجون بدل إحالة القضية على المدعي العام. وكشف التقرير أن 2015، عرفت التحقيق مع 42 موظفا عموميا، على خلفية تورطهم في ممارسة التعذيب أو سوء المعاملة، بعضهم صدرت في حقهم أحكام بالسجن النافذ والغرامة، كما أن 19 منهم، استمر التحقيق معهم السنة الماضية. الأمن يخرق القانون رغم أن الدستور يحظر الاعتقال والاحتجاز التعسفي، كشفت الخارجية، أن مراقبين أكدوا أن الشرطة لا تحترم دائما هذه الأحكام. فوفقا للمنظمات غير الحكومية، اعتقلت الشرطة في بعض الأحيان أشخاصا بدون أوامر، حتى أنها فشلت في التعريف عن نفسها خلال عملية الاعتقال. معطى آخر، يعكس، الانتهاكات التي قال التقرير إن القوات الأمنية تتورط فيها، يهم فشل السلطات المدنية في بعض الأحيان في الحفاظ على السيطرة الفعلية على قوات الأمن، مستحضرا في هذا الباب، تقارير، قالت الخارجية الأمريكية إنها أكدت حدوث انتهاكات والإفلات من العقاب، لتخلص إلى أن تفشي الفساد في الجهاز الأمني يحول دون إنفاذ القانون ويسائل فعالية النظام القضائي. وضع تضيف الخارجية الأمريكية بالقول إنه يغذي وقائع الإفلات من العقاب بالجهاز، على نطاق واسع في ظل غياب آليات فعالة للتحقيق ومعاقبة إساءة المعاملة والفساد، إذ زعمت المنظمات الدولية والمحلية لحقوق الإنسان أن السلطات رفضت العديد من الشكاوى من سوء المعاملة وتعتمد فقط على إصدارات شرطة الأحداث. عملية التحقيقات بدورها، تظل غير كاملة، فرغم أن الخارجية الأمريكية تقر بقيام السلطات في التحقيق في بعض الحوادث، إلا أن ذلك يتم في الغالب على مستوى منخفض، مقارنة مع الاعتداء المزعوم واتهامات الفساد. وفي 2015 حققت المحاكم وأدين بالفساد 16 عنصرا من الدرك الملكي الذين حكم عليهم بالسجن والغرامات، في حين تمت تبرئة 14 آخرين، عادوا لاستئناف مهامهم. وبدءا من أكتوبر الماضي، حققت السلطات المختصة مع 21 عضوا من قوات الدرك بتهمة الفساد، انتهت بإدانة واحدة، أدت إلى الحكم بالسجن لمدة شهرين، وحكمين بالبراءة، و18 مازالوا في طور المحاكمة. 35 % فقط من السجون ملائمة واقع السجون بدوره، لا يخلو من نقط قاتمة، سلط تقرير الخارجية الأمريكية الضوء عليها، موضحا أن 35 في المائة فقط من السجون المغربية تم بناؤها وفق المعايير الدولية، دون أن تتمكن من الحد من الاكتظاظ الذي تعرفه المؤسسات السجنية، رغم إحداث 26 سجنا جديدا، في ثلاث سنوات الأخيرة، ثلاثة منها، تم إحداثها العام الماضي فقط وعزت الخارجية الأمريكية ظاهرة اكتظاظ السجون، إلى عدم استخدام آلية الكفالة أو الإفراج المؤقت، فضلا عن عدم وجود تقدير قضائي للحد من طول عقوبة السجن في بعض الجرائم، مشيرة إلى أنه بلغة الأرقام، أطلقت السلطات المعنية سراح 65 ألفا و65 متهما بكفالة، علما أنها اعتبارا من شتنبر الماضي أطلقت سراح 45 ألفا و71 معتقلا. ورغم أن القانون يحظر وضع سجناء أحداث مع البالغين، إلا أن تقرير الخارجية الأمريكية رصد عدة حالات لسجون تضم قاصرين وبالغين، سيما عندما يتعلق الأمر بالسجن الاحتياطي، وبمراكز الشرطة. مندوبية السجون ترد لم تنتظر المندوبية العامة لإدارة السجون كثيرا، لتتفاعل مع التقرير الأخير للخارجية الأمريكية، إذ بادرت يوما بعد صدور التقرير، إلى نشر رد لها حول ما حملته نتائج تمحيص السجون المغربية، التي حظيت بحيز هام ضمن التقرير السنوي الأخير. وفي السياق ذاته، نفت المديرية، وجود أي حالة للتعذيب تمت داخل السجون، نجمت عنها وفيات، مؤكدة أن الوفيات المسجلة كانت وفيات طبيعية. في المقابل أقرت المندوبية ببعض المشاكل، أبرزها، الاكتظاظ رغم الانخفاض المسجل في نسبته، و"هي المشكلة التي تبقى المندوبية العامة واعية بها، وتسعى إلى الحد منها عبر عدد من الإجراءات والقرارات"، لتخلص إلى أنه عكس ما جاء في التقرير، يستفيد كافة السجناء من كافة الحقوق التي يضمنها لهم القانون، بما فيها الرعاية الصحية داخل وخارج المؤسسات السجنية بدون أي تمييز، بغض النظر عن طبيعة القضايا المتابعين من أجلها، وعلى صعيد كافة تراب المملكة. حرية الصحافة... السجن مستمر محور آخر، حاز فيه المغرب على نصيب وافر من الانتقادات، هم حرية الصحافة والحريات العامة. إذ توقف التقرير عند القوانين الجديدة للصحافة والنشر، والتي قال إنها رغم حصرها العقوبات في الغرامات المالية، إلا أن كلا من القانون الجنائي وقانون محاربة الإرهاب، يحتفظان بمقتضيات تسمح بسجن المتهمين بارتكاب القذف. ما يفرض بذلك رقابة ذاتية، قالت الخارجية الأمريكية إنها أصبحت شائعة. وضع صار يشكل عائقا حقيقيا أمام تطور حرية الصحافة بالمغرب، بعدما انتشرت المتابعات القضائية التي تنتهي بالحكم بغرامات مالية ثقيلة، تدفع الناشرين والصحافيين إلى فرض الرقابة على أنفسهم. وفيما ندد التقرير بإضافة مقتضيات جديدة في القانون الجنائي، تسمح بسجن الصحافيين، وبمقتضيات قانون محاربة الإرهاب الذي قال إنه يسمح باعتقال الصحافيين واختراق المواقع الإلكترونية المتهمة بزعزعة النظام العام، لكن لم تسجل أمثلة عن استخدام هذه المقتضيات، رصدت الخارجية ما اعتبرته تضييقا وعنفا وتحرشا، تمارسه السلطات، بما فيه محاولة ضرب مصداقيتهم عبر نشر إشاعات مسيئة لحياتهم الخاصة. الفساد ينخر القضاء معطى آخر توقف عنده تقرير الخارجية الأمريكية، كشف وجها آخر من انتهاك حقوق الإنسان يكمن في دور القضاء، الذي خلص التقرير إلى أنه يعاني فسادا مستفحلا، يحد من استقلاليته، ففي الوقت الذي ينص فيه الدستور على استقلالية القضاء، اعترف مسؤولون حكوميون ومنظمات غير حكومية ومحامون، في السنوات الأخيرة، بأن الفساد والتأثير والضغط الخارجي على مؤسسات القضاء يضعف من استقلاليته. وفي الإطار ذاته، عابت الخارجية الأمريكية على الحكومة المغربية، تماطلها في تنفيد القانون الذي ينص على تطبيق عقوبات جنائية في حق المتورطين في الفساد، مستغربة كيف أن مسؤولين تورطوا في ممارسة الفساد، إلا أنهم تمكنوا من الإفلات من العقاب الفساد والرشوة السمة الغالبة خلص التقرير الأخير للخارجية الأمريكية، إلى أن الفساد والرشوة مستفحلان بشكل كبير في مختلف القطاعات، وذهب إلى حد اعتبار أن الرشوة الممنهجة شائعة بقوة وتمس بتفعيل القوانين وبفعالية النظام القضائي. عنصران، يضيف التقرير ظلا مرتبطين بالإفلات من العقاب، الذي تحول إلى ظاهرة عامة، في المغرب في غياب ميكانيزمات فعالة للتحقيق حول التجاوزات والرشوة وإنزال العقاب. وفي الإطار ذاته، شدد التقرير على أن التقارير الدولية والمحلية تجمع على أن السلطات لا تأخذ بعين الاعتبار الشكايات المرتبطة بالمسؤولين، وتعتمد فقط المحاضر الأمنية حول الأحداث. نقطة الضوء وثمنت الخارجية الأمريكية عدم ارتكاب السلطات العمومية، خلال السنة الماضية أي عملية قتل تعسفي في حق المواطنين، ولم تسجل أي حالة اختفاء لدوافع سياسية خلال السنة ذاتها، كما أن القوانين المغربية باتت تلزم القضاة بإخضاع المعتقلين للخبرة الطبية في حال ادعائهم التعرض للتعذيب أو ظهور علامات تشير إلى احتمال ذلك. وأبرزت في سياق متصل أن وزارة العدل والحريات أصدرت عدة مناشير تدعو وكلاء الملك إلى إعمال هذه المقتضيات، ونظمت عدة دورات تكوينية لصالح المعنيين بأماكن الاحتجاز، لحثهم على تطبيق توصيات المقرر الأممي المكلف بالتعذيب.

حقوق الإنسان تحت المجهر الأمريكي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

خبرة تفضح أبا اغتصب ابنتيه

انتقام بشع من مغتصب ابنته بمكناس

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات