تجارة الشعر… دجاجة تبيض ذهبا

تسيل لعاب المغاربة والأجانب والقادمة من رؤوس الهنديات والبرازيليات الأغلى سعرا حذاء إيطالي، ومعطف إنجليزي، وعطر فرنسي، وساعة يد سويسرية، والأكثر من ذلك، خصلات شعر طويلة من الهند أو البرازيل ! هذا ما تحرص عليه بعض المغربيات، حتى يظهرن أنوثتهن وأناقتهن وأيضا جمالهن. فئة عريضة من النساء يبحثن عن تغيير "اللوك"، باللجوء إلى تركيب خصلات الشعر، وهي الموضة التي لا يمكن أن توضع في الرفوف. الوصول إلى ضالتهن، يتطلب منهن الاستعانة بخدمات صالونات الحلاقة، التي بدورها توفر طلبهن بالاتصال بأشخاص يأتون بخصلات الشعر، من بلدان بعيدة. إنها تجارة "خصلات الشعر" التي تعد دجاجة تبيض ذهبا، وتسيل لعاب المغاربة والأجانب أيضا. إنجاز: إيمان رضيف بدرب عمر بالبيضاء، يظهر جليا حجم الرواج الذي تعرفه تجارة خصلات الشعر بالمغرب. تجارة وجدت مكانا لها في المغرب، خلال السنوات الأخيرة، ومازالت إلى اليوم، تسيل اللعاب. "الصباح" تقتحم هذا العالم، لكشف تفاصيله، وخباياه. في هذا التحقيق، نسلط الأضواء على طرق وصول خصلات الشعر الطبيعية القادمة من رؤوس هنديات وبرازيليات، إلى المغرب، وأيضا خصلات الشعر الاصطناعية والتي تصنع في " هونغ كونغ "، ودكار أيضا، ونقط أخرى. رحلة البحث رحلة البحث عن الشعر الطبيعي، دفعت صفاء إلى دق باب الكثير من صالونات الحلاقة والتجميل، سيما أنها وجدت أن تغيير "لوكها"، يحتاج إلى تركيب خصلات شعر طويلة، وتغيير لونها إلى أشقر لتساير الموضة. رحلة البحث تطلب منها دق باب صالون أول وثان وثالث ورابع دون أن تصل إلى طلبها، سيما أنها كانت تشدد على أن تكون طبيعية، قادمة من الهند أو البرازيل، وغير ذلك، فلن تقتنيها. "بكل صراحة، يصعب الحصول على الشعر الطبيعي، باعتبار أن الأمر يتطلب إجراء اتصالات عديدة، والأكثر من ذلك خص يكون عندك المعارف"، على حد تعبير عباس، صاحب صالون للحلاقة والتجميل بالبيضاء، مشيرا إلى أن الأنواع الأخرى، والتي تعد اصطناعية، متوفرة في الأسواق، والحصول عليها، لا يتطلب الكثير من العناء، إذ يمكن اقتناؤها من درب عمر، وأماكن أخرى، عكس الطبيعية. وأضاف المتحدث ذاته، أن سعر الشعر الطبيعي، الذي يعد باهظا، عامل يجعله غير متوفر في جميع صالونات، إذ أن ثمنه قد يتجاوز 20 ألف درهم، في حين أنه كان أكثر بذلك بكثير خلال السنوات الماضية. كما أن زبناء هذا النوع من الشعر، معدودون على أطراف الأصابع "لن تقوى جل النساء على اقتنائه، نظرا لثمنه الذي يعد مكلفا، في حين أن هناك اختيارات أخرى متوفرة في السوق"، على حد تعبيره. "عند رخصو تخلي نصو" تركيب خصلات الشعر، قد لا يتطلب مبلغا كبيرا، أو البحث طويلا، باعتبار أن الأسواق تتوفر على أنواع تعد أقل تكلفة. لكن ما يشد الانتباه أن هذا النوع من الشعر اصطناعي، لا يمكن صبغه ولا حتى تسريحه بالشكل الذي ترغب فيه المرأة، والأكثر من ذلك، فتركيبه قد يسبب للمرأة مشاكل كثيرة في فروة الشعر. ولأن الكثير من المغربيات يرغبن في تجديد "لوكهن"، بتركيب خصلات طويلة، يتم الاستعانة بهذا النوع، حسب ما أكده عباس، مشيرا إلى أنه حتى ثمنه يشجع على ذلك. وحسب ما أكده مصفف الشعر ذاته، فغالبا ما يتراوح سعره بين 600 درهم و800، وهو ثمن معقول مقارنة مع الأنواع الأخرى، مضيفا أنه يصل إلى المغرب قادما من "هونغ كونغ". وأضاف المتحدث ذاته أن هذا النوع من الخصلات غير الكثير من المغاربة من أجله، تجارتهم، وأضحوا يستوردونه عوض أشياء أخرى، سيما أنه أمام ارتفاع الإقبال عليه، يصنع من مواد طبيعية من قبيل الصوف وأشياء أخرى، وهذا ما يجعله مع مرور الوقت، غير صالح للاستعمال. وكشف المتحدث ذاته بعض سلبيات هذا النوع، مؤكدا أنه قد يكون السبب في تساقط الشعر ، ويضر به، سيما إذا تم تركيبه عن طريق خياطته بخصلات الشعر الأصلية "لا مفر من تساقط الشعر إذا تم تركيبه لتلك الطريقة، فلابد أن تستعد المرأة نفسيا للأمر"، على حد تعبير عباس، قبل أن يضيف "عند رخصو تخلي نصو". دكار عاصمة الاصطناعي من بين أنواع خصلات الشعر، التي تتوفر عليها الأسواق، نوع يصل إلى المغرب قادما من دكار، وهو النوع الذي يكون الإقبال عليه ضعيفا، وذلك لأن خصائصه لا توافق شعر المغربيات، ورغم ذلك يحرص الكثير من "التجار " على توفيره، سيما أنه مناسب للواتي يستعملن "الراستا"، وهي الضفيرة التي تعرف بها الإفريقيات. هذا النوع من الخصلات قد تجده في كل المحلات الخاصة ببيع الشعر ، وبأثمنة مناسبة، والأكثر من ذلك، بألوان متعددة منها الأسود والأشقر والأحمر والكستنائي أيضا، لكنه مخصص للاستعمال الواحد، إذ غالبا ما يتم التخلص منها مباشرة بعد استعمالها، عكس الأنواع الأخرى، سواء الخصلات الهندية، أو البرازيلية، أو حتى المستورة من ماليزيا والتي تعتبر متوسطة الجودة، و"نصف طبيعية"، حسب تعبير الاختصاصيين. أفـارقـة مـلـوك التـجـارة المهاجرون من جنوب إفريقيا، استطاعوا فرض أنفسهم في تجارة "الشعر بالمغرب"، فصاروا أكبر المنافسين لـ"ولاد البلاد". وأضحى الأفارقة الذين قصدوا المغرب للبحث عن حياة كريمة بعيدا عن الحروب وعدم الاستقرار الأمني الذي تشهده بلدانهم، عارفين بخبايا تجارة خصلات الشعر وأيضا "قوالبها"، الأمر الذي مكنهم من التغطية عن النقص الذي كان يعانيه هذا المجال، سيما أن هذا النوع من التجارة، يعرف انتعاشا كبيرا منذ سنوات. والأكثر من ذلك، يلعب المهاجرون المغاربة، دورا كبيرا في انتعاش السوق، ويرفعون مستوى المنافسة، بينهم وبين المغاربة من جهة، وبينهم وبين اللبنانيين المستقرين بالمغرب، من جهة أخرى، والذين تعد خبرتهم كبيرة في المجال، إلى جانب أن إلمامهم بالموضوع لا يمكن الاستهانة به. المنافسة الكبيرة التي يعرفها المجال، إلى جانب أنها كانت السبب في تخفيض أسعار خصلات الشعر، أصبحت فرصة لمصففي الشعر للحصول على ما يناسبهم وفي أي وقت، لكن الأمر لا ينطبق على الخصلات الطبيعية التي تأتي من رؤوس الهنديات والبرازيليات. ومن بين الأفارقة المهاجرين الذين استقروا بالمغرب وانتعشت تجارتهم بسبب خصلات الشعر،"مامادو" اسم مستعار، إذ اعتبر أن الأمر مربح، مما جعله يتغلغل أكثر في عالم هذا النوع من التجارة. وأضاف "مامادو"، أنه قبل سنوات، دخل صدفة إلى هذا العالم بعدما شجعته على ذلك صديقة له كانت تتكلف بتركيب خصلات الشعر للزبونات قرب باب مراكش بالبيضاء، مشيرا إلى أنها في الوقت الذي كانت تقتني فيه الخصلات من درب عمر ، أضحت تتعامل معه، إلى أن استطاع أن يكتسب ثقة إفريقيات أخريات، يمتهن المهنة ذاتها، سيما أنه حدد أسعارا منخفضة مقارنة مع ما تحدد في الأسواق. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أضحى يتاجر أيضا في خصلات الشعر الطبيعية والتي تصل إلى المغرب قادمة من أمريكا الجنوبية ودول أخرى، ليتم بيعها إما مباشرة إلى الزبونات، أو إلى صالونات تصفيف الشعر الراغبة في ذلك. مغربيات بشعر هندي يقال إن "الشعر نصف جمال المرأة"، وهذا ما يجعل الكثير من المغربيات يهتممن بالاعتناء به وتصفيفه حسب الموضة، علما أنه مازال للشعر الطويل عشاق، يرفضن التخلي عنه بسهولة، معتقدات أنه يزيد من جمالهن وأنوثتهن. الباحثات عن خصلات الشعر، حسب ما جاء على لسان عباس، يجدنها لدى أشخاص يأتون بها من الهند أو البرازيل " نساء من الهند ودول أخرى، يحلقن شعرهن، لبيعه مقابل مبالغ مالية مهمة"، يضيف الرجل، أن هناك أشخاصا مهمتهم جمع تلك الخصلات من نساء بلدهن، وحتى من الطفلات، وإعادة بيعه لآخرين يطيرون به إلى دول أخرى، وإلى رؤوس أخريات. تقارير إعلامية كثيرة، تحدثت عن طقوس حلق الهنديات شعرهن، مؤكدة أنها تعد خاصة ومميزة، إذ تجتمع النسوة في ساحة كبيرة، ويضعن شعرهن تحت تصرف حلاق، الذي ينفذ بدوره المهمة دون كسل. فبعدما يصلن إلى المكان بشعر طويل، يغادرنه حليقات الشعر. وحسب ما جاء في تقارير إعلامية، فبعض النسوة، يأخذن مبالغ مالية مقابل التخلص من شعرهن، فيما أخريات يفضلن تقديم شعرهن قربانا، لمعابد لينتهي على رؤوس أخريات من دول بعيدة عنهن، والذي قد يصل إلى روؤس مغربيات. يقول عباس إن الحصول على الشعر الهندي يتطلب التحلي بالصبر، إذ يصعب الحصول عليه بسهولة كبيرة "هناك أشخاص يأتون به تحت الطلب"، علما أنهم لا يحصلون عليه، مباشرة من الهند، إنما من دول أخرى، من قبيل الإمارات. واعتبر المتحدث ذاته أن العثور على هذا النوع من الشعر ، فرصة من الصعب على أي مصفف تفويتها "مهما كان الثمن، باعتبار أن بعض الزبونات يبحثن عنه بـ" الريق الناشف". والأكثر من ذلك، حسب تأكيد عباس، فإن بعض الزيونات يضعن طلب الحصول على خصلات شعر هنديات، لدى مصففي شعر من الدول الخليجية، علما أن تحقيق طلبهن قد يتطلب الانتظار أشهرا. وعن الأسعار المحددة لهذا النوع من الشعر ، قال عباس إن الزبونة قد تحصل عليه مقابل 20 ألف درهم، مشيرا إلى أن الأسعار قبل سنوات كانت ضعف ذلك "الوضع تغير، بسبب المنافسة التي يشهدها المجال، والتي فرضت على الكثيرين تخفيض الأسعار". احتيال للحصول على شعر طبيعي في الوقت الذي نجد فيه أن أشخاصا يخططون وينفذون من أجل الحصول على خصلات شعر طبيعية ، لبيعها بضعف الثمن، نجد أن آخرين يحصلون عليها دون عناء، ويتعلق الأمر بمصففي الشعر الذين يعملون على إقناع زبوناتهم بالتخلص من خصلات شعرهن الطويلة، حتى يسايرن الموضة، وذلك للاحتفاظ به ، وإضافة بعض اللمسات عليه لبيعه. تعتبر الزبونة أن خصلات شعرها سترمى في مطرح النفايات، في ما الواقع يؤكد أنها ستصل إلى رأس زبونة أخرى ، مقابل أكثر من 20 ألف درهم. " اقتنيت شعرا طبيعيا، وحسب ما أخبرني به مصفف الشعر، أنه طبيعي حصل عليه من مغربية اختارت لوكا جديدا وقصة شعر قصيرة "، تقول يسرا قبل أن تضيف أن زبونة قصت شعرها دون أن تعلم أنه سيكون علم لأخرى، مشيرة إلى أن مصففين كثرا يقومون بالشيء ذاته، لكن تجارة خصلات الشعر الطبيعي تعد تجارة مربحة جدا. منافسة لبنانية في شارع عبد المومن بالبيضاء، يوجد محل صغير يملكه لبناني، استقر بالمغرب قبل سنوات. في ذلك المحل، يمكن أن تجد الباحثات عن خصلات الشعر الطبيعية وغير ذلك، ضالتهن. واجهة المحل تبدو عادية، وقد لا تشد الانتباه إليها، لكن هذا لا يمنع من أن يكون المحل وجهة الكثير من مصففي الشعر، أيضا، الذين يسعون إلى تحقيق طلبات زبوناتهن. خصلات بألوان متنوعة وبطول مختلف، علقت بإحدى زوايا المحل، لكن النوع الجيد، يوفره اللبناني صاحب المحل، تحت الطلب. "غالبا ما يأتي بخصلات الشعر الطبيعية البرازيلية أو الهندية، من الدول الخليجية باعتبار أنها تعد من الدول التي "تستوردها" بشكل كبير نظرا للإقبال المتزايد عليها"، يقول عباس قبل أن يضيف أن الرجل تاجر أيضا في الشعر الاصطناعي، والذي له زبونات وفيات،إضافة إلى الشعر الطبيعي. وأشار المتحدث ذاته إلى أن الرجل، يفرض نفسه بقوة في عالم تجارة "خصلات الشعر " بالمغرب، ر غم المنافسة القوية التي يتحكم فيها أفارقة مهاجرون "غالبا ما يتاجر هؤلاء الأفارقة في خصلات الشعر الاصطناعي، سيما التي يأتون بها من دكار".

تجارة الشعر… دجاجة تبيض ذهبا

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

طائرة الجديدة للإناث في البطولة العربية

الإفراط في الضحك من عوامل الإصابة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات