لكريني: أحزاب أمام الامتحان

< طرح الخطاب الملكي سؤال الكفاءة ومعايير اختيار الوزراء بعيدا عن ترضية الأحزاب. كيف تنظرون إلى مسألة الوزير التقنقراطي والسياسي، وشروط الحكومة القوية؟ < بداية التجربة الحكومية السابقة شكلت محكا حقيقيا لاختبار مدى جدية الأحزاب السياسية في تفعيل المقتضيات الدستورية ذات الصلة بالعمل الحكومي وبأداء المعارضة. ويبدو اليوم أن هناك إشكالات رافقت أداء الفريق الحكومي في الولاية السابقة، أولاها وجود عدد كبير من الحقائب الوزارية، وهو الأمر الذي يعكس هيمنة منطق جبر الخواطر وترضية الأحزاب على حساب الهندسة المنسجمة وشروط قوة الفريق، والنظر إلى العمل الحكومي، باعتباره غنيمة وجب اقتسامها من قبل مكونات الأغلبية الحكومية، كما أشار إلى ذلك الخطاب الملكي. وجاء ثمن هذا الاختيار العددي مكلفا وأثر سلبا على حصيلة الحكومة، لسبب بسيط هو تغليب الحساب العددي الذي فرضه منطق جبر الخواطر. وقد جاء خطاب المسيرة واضحا في هذا الشأن، حين تحدث عن الكفاءة والاختصاص، وهذا أمر طبيعي، لأنه يفترض في الأحزاب أن تكون مشاتل لإعداد النخب ومدارس لتكوين الأطر القادرة على تدبير الشأن العام سواء المحلي، أو الوطني، أو حتى في المجال الدبلوماسي. < أبانت تجربة الحكومات السابقة عن تهافت قيادات حزبية على مناصب حكومية بدون اختصاص، وهو ما لا يسمح بحكامة وحسن تدبير للقطاع. ألا يطرح هذا الإشكال سؤال النخب والكفاءات داخل الأحزاب، في غياب معايير مضبوطة؟ < أولا مسألة استحضار الكفاءة هو إشكال يسائل الأحزاب السياسية ليس على مستوى اختيار الوزراء فقط، ولكن يطرح بحدة حتى في تسيير الشأن الداخلي للأحزاب وتدبير الأزمنة الانتخابية. ونستحضر هنا أن كثيرا من التزكيات الانتخابية تمنح في آخر لحظة، وفي استحضار لمعطيات واعتبارات لا علاقة لها بشرط النضال والحضور الحزبي، ولكن لاعتبارات أخرى، تساهم في النفور من العمل الحزبي، وتدفع العديد من الأطر والكفاءات إلى الابتعاد عن العمل السياسي، الذي تحول إلى قنوات للوصول إلى السلطة وتحقيق الذات، بعيدا عن معايير الاستحقاق والكفاءة. وما لا نراه اليوم من تهافت على المناصب، لا يختلف عن السياق العام الذي يرافق الأحزاب بشكل عام، في تدبيرها لمسألة النخب. فنحن أمام محك حقيقي اليوم يفرض على الأحزاب أن تعيد النظر في علاقتها بالكفاءات والأطر، حتى تكون في مستوى التوجيهات الملكية، ومتطلبات الظرفية السياسية وحاجيات المغاربة لحكومة قوية ذات برنامج واضح. < يطرح البعض إمكانية تزكية كفاءات من خارج الأحزاب، بحثا عن النجاعة والاختصاص، وهو الأمر الذي يثير الجدل داخل الأحزاب حول دور السياسي وبروفايل التقنقراطي. كيف يمكن حل هذه الثنائية لتحقيق الحكومة القوية؟ < لا يمكن للأحزاب أن تتذرع بغياب الكفاءات، فهي مؤسسات يفترض فيها أن تحتضن النخب والكفاءات، وتضعها في المسؤوليات التي تليق بها بما يسمح لها بالتطور والترقي داخل هياكل الحزب، والاستفادة من عطاءاتها وإمكانياتها في تدبير الشأن العام في جميع مستوياته.مسألة التقنقراط طرحت في وقت سابق وفي تجارب حكومية، في مرحلة ما قبل دستور 2001، أما اليوم فنحن أمام تجربة تحمل وزراء سياسيين لحقائب وزارية قوية من قبيل الخارجية والعدل والداخلية. وأعتقد أن الأحزاب بحاجة إلى مراجعة الذات وطرح أسئلة حقيقية مرتبطة بإعمال الديمقراطية الداخلية وتمكين الشباب والنساء من مواقع المسؤولية الحزبية والتمثيلية، بما يسمح بتجديد النخب والاستجابة للحاجيات المرتبطة بتدبير الشأن العام. نحن أمام مهام تدبير تتطلب الحكامة والتفكير الإستراتيجي، والذكاء الاقتصادي والكفاءات القادرة على استحضار التحولات الجيو إستراتيجية، وهي مهام يمكن للأحزاب أن تضطلع بإعدادها، إن هي انفتحت على النخب من أجل تجديد نخبها التقليدية، وتغذيتها بأطر من ذوي الكفاءات والاختصاصات الحديثة التي يتطلبها تدبير الشأن العام اليوم. * أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش أجرى الحوار: برحو بوزياني

لكريني: أحزاب أمام الامتحان

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

بطولة العالم للسيارات الكهربائية على هامش "كوب 22"

"التسريبات"... سلاح بنكيران في المفاوضات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات