أخطاء تخللت تدبير ملف سجناء السلفية

البداية كانت من السجن الفلاحي أوطيطة 2 وأعقبته أخطاء بعزل المعتقلين في أحياء في تسعة سجون ورفع المراقبة عنهم بعد فرار السجناء التسعة لما يسمى «السلفية الجهادية» من السجن المركزي بالقنيطرة اتخذ قرار بسحب اختصاص إدارة السجون وإعادة الإدماج من وزارة العدل وإحداث مندوبية عامة للسجون تكون ملحقة بالوزارة الأولى.اتخذ هذا القرار على عجل وجاء ردة فعل على حادث الفرار الهوليودي، وعين على رأس المندوبية العامة الجديدة حفيظ بن هاشم المسؤول الأمني المتقاعد (أزيد من 72 سنة).برأي مصدر تابع ملف «سجناء السلفية الجهادية»، فإن عدة أخطاء ارتكبت في تدبير ملف السجناء المدانين في إطار قانون مكافحة الإرهاب، وأن هذه الأخطاء أو الانزلاقات هي التي قادت إلى اتخاذ قرار إلحاق إدارة السجون بالوزارة الأولى بعد حوالي سنة من تكليف الكاتب العام لوزارة العدل بتسييرها تمهيدا لرفع يد هذه الوزارة عنها.وحسب المصدر نفسه، فإن أول خطأ ارتكب في تدبير الملف أن السلطات قررت بعد تفجيرات 16 ماي 2003 وبحكم العدد الكبير للمعتقلين، تخصيص سجن أوطيطة 2 الفلاحي بالكامل لما يسمى «سجناء السلفية الجهادية»، وكانت البداية ب200 سجين، ولم يكن تدبير اعتقالهم حكرا على إدارة السجون، بل كانت هناك تدخلات من أجهزة أمنية منح لها اختصاص ملفات الإرهاب.ووقع الاختيار على السجن الفلاحي أوطيطة 2 بحكم موقعه النائي والمعزول بضواحي مدينة سيدي قاسم وكذلك لنظامه الصارم وكفاءة حراسه.وجرى إفراغ السجن تمهيدا لإيداع سجناء «السلفية الجهادية» فيه، كما نصبت كاميرات مراقبة، غير أن كل هذه الإجراءات لم تقد سوى إلى تنظيم أول إضراب عن الطعام لسجناء «التيار السلفي الجهادي» والذي خصصت له تغطية إعلامية واسعة حتى خارج التراب الوطني، بحكم أن السجناء كانوا يتوفرون على هواتف محمولة مكنتهم من البقاء على اتصال ب»العالم الخارجي».ووفر سجن أوطيطة 2 كل الظروف لينتظم سجناء السلفية الجهادية في مجموعات، وكان لكل مجموعة مكلف بالإعلام، بل إنهم نظموا إضرابات متتالية عن الطعام وكانوا يصدرون بيانات من داخل السجن، رغم أن إدارة السجون وإعادة الإدماج كانت تؤكد أنها تفرض عليهم حراسة مشددة.وخاض المعتقلون في سجن أوطيطة إضرابا عن الطعام شهر ماي سنة 2004 امتد حوالي 26 يوما وراح ضحيته أحدهم الأمر الذي دفعهم إلى تصعيد احتجاجاتهم وإصدار بيانات اتهموا فيها إدارة السجن بممارسة التعذيب في حقهم.ومباشرة بعد التغطية الإعلامية الواسعة لإضراب «سجناء السلفية الجهادية» ووفاة أحدهم ونشر صور مؤثرة التقطت داخل السجن، أوفدت وزارة العدل إلى سجن أوطيطة لجنة دخلت في حوار مع المضربين عن الطعام، كما أوفدت لجنة تحقيق أنهت مهامها بالاستماع إلى مدير السجن وثلاثة حراس، قرر الوكيل العام باستئنافية مكناس بعد التحقيق القضائي متابعتهم في حالة سراح.وصدرت قرارات هامة بناء على تقريري اللجنتين وكان أهمها إفراغ سجن أوطيطة 2 من سجناء السلفية الجهادية وكان عددهم حينها 280 سجينا، وتوزيعهم على مجموعة من السجون بفاس ومكناس والدار البيضاء وطنجة والناظور وسطات والجديدة والخميسات...لكن الملاحظ أن الأخطاء التي ارتكبت في مرحلة «سجن أوطيطة» تكررت بالطريقة نفسها، إذ عزل في هذه السجون معتقلو «السلفية الجهادية» في أحياء محددة، مع اختلاف بسيط، أن تلك السجون لم تكن مجهزة بكاميرات مراقبة مثل «أوطيطة».وشددت المراقبة في البداية على تحركات معتقلي «السلفية الجهادية»، وكانوا يخضعون للتفتيش بشكل متوال قبل أن يقرروا خوض إضراب وطني عن الطعام في مختلف السجون الموجودين فيها، لتتراجع إدارة السجون عن قرار «التشدد» وترضخ إلى ضغوطاتهم ليحققوا عدة مكاسب لعل أبرزها الإبقاء على زنزاناتهم مفتوحة على مدى 24 ساعة والسماح لهم باللقاء في ما بينهم وإدخال الكتب وحق الكتابة عن طريق توفير الأقلام والأوراق لهم، إضافة إلى الاطلاع على الصحف...وبعد نشر عدة حوارات صحافية لرموز «السلفية الجهادية» في صحف وطنية وأجنبية قررت إدارة السجون وضع حد لاستخدام الهواتف المحمولة من طرف «سجناء السلفية الجهادية» عبر اقتنائها لأجهزة للتشويش على شبكة الهواتف المحمولة.وفعلا اقتنيت تلك الأجهزة بأثمنة باهظة ونصبت في جميع السجون التي يوجد فيها معتقلو «السلفية الجهادية» لكن ما حدث أنها لم تكن فعالة إذ «ابتكروا» وسائل أخرى للتشويش على أجهزة التشويش، ففشلت إدارة السجون في هذه الخطة.وساهمت التكنولوجيا الحديثة في نقل رسائل «سجناء السلفية الجهادية» إلى خارج قضبان السجن، بل إن بعضهم كان ينشر في مواقع عربية وأوربية وأمريكية وبعدة لغات.وساعد موقع «يوتوب» «سجناء السلفية» على نشر «أشرطة فيديو» نقلوا فيها مطالبهم، كما كشفوا جزءا من ما يعتبرونه حقيقة ما حدث لهم أثناء الاعتقال والمحاكمة، وهو ما جعل ملفهم يحظى بهذا الاهتمام، ما وضع السلطات في موقع المسؤولية، قبل أن يقود كل هذا إلى ما حدث فجر ليلة الاثنين الماضي من تمرد لسجناء السلفية الجهادية في سجن سلا، وما كشف عنه من وجود فوضى في تدبير هذا الملف من خلال أشرطة الفيديو التي بثت مباشرة على مواقع الأنترنيت، إلى درجة أن بعض المتتبعين وصفوا السجن بأنه تحول إلى «محطة بث مباشر». رضوان حفياني

أخطاء تخللت تدبير ملف سجناء السلفية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

إمارة السلفيين بالسجون

ملف السلفية... فشل إدارة السجون

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات