ذئـاب فـي جبـة حمـل

قتلة يواسون عائلات ضحاياهم ويشاركون في البحث عنهم وتقديم العزاء وتشييع جثمانهم غالبا في جرائم القتل يظل المتهم يحوم بمسرح الجريمة ويتابع الوضع من بعيد في ارتباك كبير، للتأكد من وفاة الضحية وظروف سير التحقيقات، وغالبا ما يقع في قبضة الأمن، في حال رصدته من بعد نظرة ضابط محنك. إلا أن بعض القتلة، من "الدم البارد"، ويملكون جرأة أكبر وضبط نفس غير عاد، فبعد تنفيذ الجريمة يطرقون باب عائلة الضحية، للمشاركة بحماس في البحث عنه وتقديم واجب العزاء وعدم تفويت فرصة حضور خيمة التأبين ومشاركة الحضور "عشاء الميت"، قبل أن يواسي أقارب الضحية من جديد بعبارات تطالب بالقصاص من الجاني، اعتقادا منه أن ذلك يبعد عنه التهمة والشبهات. لكن، بما أن "الروح عزيزة عند الله"، يفتضح أمر القتلة مهما طال الزمن، فكل الجرائم ليست كاملة، إذ يقع القاتل خلال تنفيذ جريمته في خطأ ولو بدا صغيرا، يعجل باعتقاله،فتكون الصدمة كبيرة على أهل الضحية أولا، إذ لا تتقبل أن يتقمص الذئب المفترس دور "الحمل". م. ل شاركوا في البحث وأظهروا التأثر لم يغادروا مسرح الجريمة وحرصوا على الظهور للعلن لإبعاد الشبهات كثيرة هي ملفات القتل، التي فكت ألغازها غير بعيد عن مسرح الجريمة وعن الشخوص الذين ظلوا يراقبون الحدث المأساوي، ويبرزون تأثرهم بما وقع، بل منهم من أطلق العنان لتصريحات مسجلة يعبر فيها عن استغرابه من استهداف الضحية، متحدثا في الآن نفسه عن مناقب الهالك وحسن سيرته وخلقه، قبل أن تكشف الأبحاث أنه مدبر الجريمة النكراء، التي أزهقت روحا بريئة، وأنه تعمد الحرص على إظهار اتزانه وحرصه على البقاء قريبا من مسرح الجريمة ومحيطها، لإبعاد الشبهات عنه، واثقا من نفسه باستكماله فصول الجريمة الكاملة. شارك في البحث عن مختفية ضمن الجرائم التي اهتزت لها المدينة القديمة بالبيضاء، قصة طفلة لا يتعدى عمرها سبع سنوات، اختفت في عشية أحد الأيام بعد أن أرسلتها أمها لطلب شاحن للهاتف، إلا أنها تأخرت عن العودة، ما دفع إلى البحث عنها دون جدوى. شارك أبناء الحي في البحث وجابوا مختلف أزقة المدينة القديمة، وأبلغت دائرة السور الجديد بالواقعة، ليتم تحرير محضر بالبحث عن الطفلة، بينما تضاعف عدد الجيران المشاركين في جولات البحث، التي تعدت حدودها الجغرافية أزقة ودروب المدينة القديمة لتصل إلى شوارع وسط المدينة ومختلف الأماكن، التي يتردد عليها عادة من اختفى أحد أقاربهم، نظير المستشفيات وغيرها. مر يومان وتضاعف الخوف والهلع، وبثت صور الطفلة في الجرائد، كما ارتفع عدد المتضامنين مع الأسرة، وضمنهم شخص يبلغ من العمر 46 سنة، لم تثنه إعاقته واستعماله عكازين، من المشاركة في السؤال عن الطفلة والبحث مع أفراد أسرتها. دخلت عناصر الشرطة القضائية التابعة للمنطقة الأمنية آنفا على الخط، وانطلقت تحرياتها، لتكتشف بناية مهجورة غير بعيدة عن منزل الأسرة، وما أن ولج ضابط لمعاينة داخلها حتى وجدوا الطفلة جثة وقد تعرضت للضرب في الرأس، وبعد أقل من ساعة تم إيقاف الجاني الذي لم يكن سوى ذي العكازين المشارك في البحث عن الطفلة. اعترف أنه اختطفها بعد استدراجها بوعود مغرية وأنه احتجزها وحاول اغتصابها إلا أنها قاومته، فضربها بحجر ليعمد بعد ذلك إلى هتك عرضها بعد أن خارت قواها. قاتل مرداس قدم العزاء في ملف قتل البرلماني مرداس رميا بالرصاص، ظل الجاني قريبا من مسرح الجريمة، بل وأتقنت المشاركة في قضية تصفيته وهي زوجته، دور الحزينة، وقدمت تصريحات للإعلام الإلكتروني، وهي تحمل صورة زوجها، متهمة جهات أجنبية بقتله، مرجحة وجود عداوات سياسية. أما منفذ الجريمة النكراء، فقد ظهر في مسرح الجريمة مباشرة بعد الإعلان عن قتل مرداس، وحضر إلى جانب أصدقاء الهالك، يبدي استغرابه من الحدث ويقدم العزاء في الآن نفسه. لم تنطل الحيلة على المحققين، ونهجوا كل أساليب البحث العصري، لاستجماع الأدلة والقرائن، سيما أن طبيعة الجريمة تقتضي الوصول إلى إثباتات قوية لا تترك المجال للإنكار أو الإفلات من العقاب. قادت الأبحاث العلمية إلى كشف تورط القاتل وهو سياسي أيضا، نشبت علاقة غرامية بينه وبين زوجة مرداس، ففكر في تصفيته عن طريق ارتكاب الجريمة الكاملة، ولأنه قناص محترف، أخفى بصمات بندقية الصيد بمحوها وترصد بمكان قريب من المنزل، قبل التنفيذ. أما الزوجة فكانت تستعمل هاتفا غير معروف، للتواصل مع القاتل، ومكنت التحقيقات من كشف مكان الهاتف ومواجهة المشتبه فيهما بالأدلة، ليعترفا بتفاصيل الجريمة المروعة. المصطفى صفر

ذئـاب فـي جبـة حمـل

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

آسفي يرفض استقالة الحيداوي

‭"‬سنسوداين‭" ‬تنخرط‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬حساسية‭ ‬الأسنان‭ ‬

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات