أب قتل ابنته وافتعل انتحارها وجيران قتلوا جارهم ودفنوه ومروج مخدرات حضر معاينة جثة ضحيته يتظاهر قتلة بالحزن في جنائز ضحاياهم لإيهام الناس ببراءتهم كلما ساد الغموض جرائمهم وتأخر كشف الأبحاث أمرهم. وبعضهم يسير حزينا في الموكب الجنائزي لضحيته، ويواسي عائلة الضحية، باكيا داعيا بالرحمة لمن قتله بنفسه. وفئة تحضر إلى مسرح الجريمة والمعاينات الأمنية للجثة، للاطمئنان على سير التحريات والبحث. قصص مثيرة لجناة ينطبق عليهم المثل المغربي «قتل الميت ومشا فكنازتو». ومنهم مروج خمور ومخدرات، قتل زبونه الشاب وتخلص من جثته بواد مجاور لمنزله ناحية تاونات. في مسرح الجريمة حضر مبكرا بعد العثور على الجثة صباحا، انزوى قريبا وعاين عملية التمشيط والبحث عن الأدلة المادية من طرف الدرك. كان يسأل من وجد هناك عن هوية المقتول والاحتمالات الممكنة لقتله وهوية قاتله. لم يبرح المكان إلا بعد نقل الجثة لمستودع الأموات بمستشفى بفاس. وظل سائلا عن مآل البحث طويلا، قبل أن يتوارى عن الأنظار بعدما أحس بانفضاح أمره وحسن تمثيله لدور البريء، دون أن يطول ذلك، إلا أسبوعين ليعتقل وشريكاه في الجريمة. صدم الكل بعد الاهتداء لحقيقة قتله الضحية بعدما حضر إلى منزله ثملا طالبا كمية إضافية من النبيذ الأحمر. والصدمة كانت أكبر باكتشاف ظروف الجريمة وحيثياتها، كما حدث ناحية تازة لأب قتل ابنته العشرينية الحامل من علاقة غير شرعية، وتخلص من جثتها بغابة مجاورة، وتظاهر بالحزن لفراقها المفاجئ وفي بحثه عنها. صباحا حضر إلى مركز الدرك حزينا ليبلغ عن اختفاء ابنته التي لم يجد لها أثرا بمنزله، الذي كانا وحيدين فيه، بعدما سافرت أمها لزيارة نجلهما بمدينة بعيدة. رافق أبناء ذاك الدوار في بحثهم عنها في كل مكان، بعدما فشلت محاولات الاتصال بها على هاتفها المغلق. ولما عثروا على جثتها معلقة بحبل في جذع شجرة بغابة، بكاها بحرقة كبيرة. وجدت عناصر الدرك صعوبة في إبعاده عن الجثة والمكان والسيطرة عليه خوفا من إيذائه نفسه. أتقن تمثيل دور الأب الحزين ل»انتحار» ابنته، ولا أحد توقع أن يكون قاتلها. لكن البحث سيفضحه بناء على إفادة عون سلطة كان على علم بحملها غير الشرعي، نقطة استثمرها المحققون بعدما حاصروه بأسئلة دقيقة فضحته سريعا. في تلك الليلة خنقها وحملها على ظهر بغلة لغابة مجاورة حيث افتعل انتحارها لإيهام الجميع بذلك وبراءته، قبل أن يعود أدراجه. لكن شهادة مقدم وخدوشا في عنقها وبصمات رفعت من مسرح الجريمة بالمنزل والغابة، فضحته ليجد نفسه محاصرا بحقائق لم تترك له فرصة الهروب إلى الأمام بإنكار الجريمة وعلمه بها وبهوية قاتل ابنته. ظروف وحيثيات الجريمة وتظاهر الأب القاتل وحسن تمثيله لدور البريء، شبيهة بحالة قتل فلاح بتاونات وابنيه، لجارهم الستيني بسبب نزاع مستفحل حول حدود أرض. اختفى الرجل فجأة وأياما من منزله، وجاره كان مع عائلته أول المبلغين عن ذلك والباحثين عنه. والجثة اكتشفت بعد انبعاث رائحة كريهة من تحت ركام تراب وأحجار. واكتشف قريب للضحية الجثة صدفة بعدما أزكمت الرائحة أنفه أثناء مروره في المكان نفسه المتنازع عليه بين الجارين. أبلغ الدرك، وبمعاينة الجثة بالعين المجردة وقبل تشريحها، اكتشف وجود جروح خاصة برأسه. دفنت الجثة وسار الجار وابناه في جنازته، وساهموا مع سكان الدوار بمبلغ مالي لتدبر تكاليفها. لا أحد توقع أن يكونوا قاتليه بعدما تظاهروا بالحزن. لكن البحث سيفضحهم بعد تطابق بصمات مرفوعة من على الجثة مع ضمان الأب. حقيقة لم يجد معها بدا من الاعتراف بقتله جاره بمشاركة ابنيه ودفن جثته في حدود الأرض المتنازع عليها. ترصدوا له ليلا في طريقة عودته من المسجد، وهوى عليه أحدهم بعصا لم تترك له فرصة العيش. استغلوا خلو المكان من الحركة، وأزاحوا أحجام الحدود وحفروا حفرة بحجم صغير دفنوه فيها وعادوا أدراجهم لمنزلهم، متوهمين أنهم تخلصوا منه إلى الأبد، دون أن يدروا أن أمرهم ستفضحه بصمة، ليعتقلوا ويدانوا بعقوبات تراوحت بين 25 سنة سجنا نافذا للابنين والسجن مدى الحياة لأبيهما. حميد الأبيض (فاس)