الأبوستيل…حلم تحول إلى كابوس

الراغبون في المصادقة على الوثائق يعانون الأمرين ومحاكم تعتمد إمكانات ذاتية والوزارة تستفيق بعد 15 يوما لم يكتب لتجربة اعتماد الأبوستيل في المصادقة على الوثائق التي تخص المهاجرين المغاربة، النجاح بالشكل الذي روج له بلاغ وزارتي العدل والداخلية خلال الإعلان عن الشروع في تطبيقها في 14 غشت الماضي، إذ زادت من معاناة المهاجرين المغاربة الذين وجدوا أنفسهم في دوامة لا أول ولا آخر لها، لم تحرك لها الوزارة ساكنا إلا بعد تزايد الاحتجاجات لتقرر بعث لجنة مركزية للوقوف على هذه الوضعية، أمام انعدام الوسائل اللوجيستيكية في عدد من المحاكم، بوتيرة تختلف حسب عدد الملفات المحالة عليها. معاناة لا تنتهي على غير العادة كانت المحكمة المدنية تعج في النصف الثاني من غشت من كل سنة بأعداد غفيرة من المهاجرين الراغبين في المصادقة على وثائقهم الخاصة، التي يرغبون الإدلاء بها في الخارج، على اعتبار أنه لم يعد الاختصاص في المصادقة على تلك الوثائق موكولا إلى وزارة الخارجية. يوما بعد يوم كانت الأعداد تتزايد بشكل مخيف أمام قلة بل انعدام الموظفين الذين يمكنهم تلقي الطلبات والعمل على المصادقة عليها، على اعتبار أن أغلب الموظفين في عطلة، وأن الوزارة لم تكلف نفسها عناء إيجاد حل قانوني وعملي للعملية التي أعطت انطلاقتها في وقت الذروة بالنسبة إلى المهاجرين، ولم تتم مراعاة أنها المرة الأـولى التي سيتم العمل بذلك النظام في محاكم المملكة التي تفتقر غالبيتها إلى التجهيزات الرقمية ويعاني موظفوها ضعف التكوين. انطلقت العملية في 15 غشت بأزيد من 700 ملف في المحكمة المدنية الابتدائية بالبيضاء، بموظفين من النيابة العامة التي أعطت لها عملية الإشراف والمراقبة، فوجد المواطنون أنفسهم مجبرين على الانتظار الذي قد يستمر ساعات أو أياما للمصادقة على وثائقهم. استمر الحال على ما هو عليه وشهدت محاكم أخرى العملية نفسها والتأخير ذاته، لكن الوزارة الوصية على تطبيق الاتفاقية، كذبت ما تم تداوله إعلاميا بشأن الانتظار والتخبط اللذين يعيشهما طالبو خدمة "الأبوستيل". "اللهم لعمش ولا العمى" كانت الساعة تشير إلى ال 10 صباحا من الاثنين الماضي. القاعة 4 بالمحكمة الابتدائية المدنية بالبيضاء، تغص بالمواطنين الراغبين في المصادقة على وثائقهم الذين يفوق عددهم المائتين ومازالت أفواج أخرى تتوافد على المحكمة. في منصة هيأة الحكم بالقاعة جلس موظفان يتلقيان طلبات المصادقة على الوثائق، وجموع غفيرة من الناس تنتظر دورها. اقتربت "الصباح" من أحدهم الذي كانت تبدو عليه علامات الغضب من طول الانتظار، خاصة أن عطلته السنوية اقتربت من النهاية ، ولم يتمكن من المصادقة على الوثائق. بدأ حديثه منفعلا من طول الانتظار، على اعتبار أنه يرغب في المصادقة على وثائق تخص التجمع العائلي ليتمكن من اصطحاب عائلته معه، لكنه لم يتمكن من ذلك بسبب طول الانتظار، ومن كثرة التعقيدات التي حالت دون ذلك، وقال " الموظفون يقولون إن هذه الإجراءات جديدة عليهم ولم يتلقوا بشأنها أي تكوين، وورقة المعلومات يطلب منك أن تملأها عند مكاتب التراجمة الذين يوجدون خلف المحكمة، وهؤلاء يتقاضون 30 درهما عن كل ورقة يتم ملؤها، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل عليك الانتظار أياما، خلافا لما كان عليه الأمر في وزارة الخارجية، رغم أن الأمر كان يتطلب دفع مبلغ مالي واللهم العمش ولا لعما". الغضب والتذمر من بطء الإجراءات لم يكونا حال ذلك المهاجر بل حال العديد الذين أرهقهم طول الانتظار، إذ أن شابة في مقتبل العمر استشاطت غضبا بعد أن رفض طلبها لأنها ملأت الاستمارة بخط اليد، وطلب منها هي أيضا التوجه نحو مكاتب الترجمة لملئها من جديد، وهي التي لم يبق أمامها سوى 48 ساعة لمغادرة المغرب. تصريف المعاناة بإمكانات ذاتية أمام الكم الهائل من الملفات عمدت النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية المدنية بالبيضاء، إلى اعتماد وسائل خاصة بها لتدبير الأزمة أمام غياب مخاطب رسمي، إذ استعانت بهيأة الخبراء التراجمة، من خلال استعارة تقنيين تابعين إليهم لأجل تخفيف الضغط وتسهيل الإجراءات أمام المهاجرين، وذلك لأجل تجنب أي احتجاجات يمكن أن تعرفها المحكمة التي أعطي لها الاختصاص لتدبير جميع الملفات الخاصة ب"الأبوستيل"، وفي غياب تام للوسائل اللوجستيكية التي يمكن اعتمادها. غير أن تلك الحلول لم تدم طويلا بعد أن غادر تقنيون استعارتهم المحكمة، وبدأت من جديد في تدبير العملية بإمكاناتها الذاتية، إذ أنها وجدت نفسها أمام كم هائل من الملفات الخاصة بالأجانب، منذ اليوم الأول للعملية، إذ استقبلت في اليوم الأول ما يزيد عن 800 ملف، في غياب تام للأطر التقنية ومنهجية واضحة للتعامل، خاصة أنها لا تتوفر على تقنيين ولم يخضع أي من موظفيها لأي تكوين كما يفترض أن يكون عليه الأمر. بعد خراب مالطا بعد 15 يوما من المعاناة والضغط اللذين عرفتهما المحكمة الابتدائية المدنية بالبيضاء التي أعطي لها الاختصاص لتصريف العملية، أوفدت الوزارة الوصية لجنة مختصة للوقوف على الوضعية، فكانت الكارثة، كثرة الملفات وقلة الموظفين، لتخرج الوزارة بعد ذلك ببلاغ لم تشرح فيه الأسباب الحقيقية وراء ما يجري واكتفت فيه بالقول، إنه إثر دخول اتفاقية لاهاي المتعلقة بإلغاء شرط المصادقة على الوثائق العمومية الأجنبية Apostille حيز التطبيق بتاريخ 14 غشت الماضي؛ وتبعا للتقييم الأولي الذي باشرته وزارة العدل والحريات لتيسير عملية معالجة طلبات الأبوستيل بمختلف محاكم المملكة؛ ونظرا للأعداد الكبيرة للطلبات المسجلة بالدائرة الاستئنافية للدار البيضاء، فإن وزارة العدل والحريات تنهي إلى عموم المواطنين أنه ابتداء من الخميس فاتح شتنبر 2016 سيطرأ تعديل على جهة اختصاص وضع شكلية الأبوستيل بمحاكم الدار البيضاء، وذلك بإضافة اختصاص المحكمة الابتدائية الزجرية والمحكمة الابتدائية الاجتماعية لمنح شهادات الأبوستيل بالنسبة إلى الوثائق الصادرة عن سلطة أو موظف تابع لكل محكمة من المحكمتين المذكورتين وفي حدود اختصاص كل واحدة منهما، مع احتفاظ المحكمة الابتدائية المدنية بالاختصاص الموكول إليها سابقا، بوضع شهادات الأبوستيل في ما يتعلق بالمادة المدنية وكذا الوثائق الصادرة عن المحاكم المتخصصة بالمدينة. اختصاص المصادقة منح اختصاص إصدار الأبوستيل بالنسبة إلى الوثائق العامة الأجنبية المراد الإدلاء بها في الخارج إلى الوكيل العام للملك بمحكمة النقض أو من ينوب عنه، وذلك بالنسبة إلى الوثائق الصادرة عن سلطة أو موظف تابع لهذه المحكمة، ومن قبل وكلاء الملك بالمحاكم الابتدائية أو من ينوب عنهم، وذلك بالنسبة إلى الوثائق الصادرة عن سلطة أو موظف تابع لمحاكم المملكة (سواء كانت محاكم عادية أو متخصصة...)، بما في ذلك الوثائق الصادرة عن كتابة الضبط، أو كتابة النيابة العامة، أو المفوضين القضائيين، وبالنسبة إلى العقود التوثيقية، كما يمكن للكاتب العام لوزارة العدل والحريات أو من ينوب عنه، القيام بذلك وذلك بالنسبة للوثائق الصادرة عن هذه الوزارة، إضافة إلى السلطات المحلية على مستوى العمالات والأقاليم بالنسبة للوثائق الصادرة عن السلطات الإدارية أو العقود أو المحررات العرفية التي تحمل تأشيرة مصالح التسجيل، أو تلك التي تم الإشهاد على صحة الإمضاء عليها من قبل السلطات الإدارية المختصة. كريمة مصلي

الأبوستيل…حلم تحول إلى كابوس

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

لن نكون لقمة سائغة

"الستايل" الجديد لا يهمني

مقالات ذات صلة