مرتش في جلباب محترم

يترجل من سيارة مرسيدس سوداء. يعدل من نظارته الشمسية وربطة عنقه، ثم يمسح بعينيه الساحة المقابلة لـ"باركينغ" المحكمة، بحثا عن حارس السيارات، وقبل أن يعود برأسه إلى مكانه، يقف الحارس لاهتا وهو يتمتم بعبارات اعتذار. يتلقف الحقيبة الثقيلة من يد القاضي الشاب المنهمك في مكالمة هاتفية، ثم لا يلوي على شيء في اتجاه الطابق الثاني، حيث يوجد مكتبه. ينتهي القاضي الشاب من مكالمته الهاتفية، ثم يسير الهوينى في اتجاه مدخل المحكمة، حيث يطلب رجل الأمن من المواطنين التنحي جانبا وإخلاء البوابة لمرور المسؤول القضائي الذي يخلع نظارته، ويتجه نحو المصعد الآلي، دون أن يلتفت إلى الجلبة التي أحدتها امرأة منعها حراس من الدخول.يكاد المشهد يتكرر كل يوم، مع اختلاف في بعض التفاصيل والجزئيات التي تضفي على الرجل هالة من التخويف وتزرع الرعب في قلوب الموظفين والأعوان وبعض المتقاضين، وذلك منذ التحاقه بهذا المنصب، قادما إليه من إحدى المدن الصغيرة التي قضى بها فترة تدريب وجيزة، نقلته مباشرة إلى محكمة لا تبعد عن مسقط رأسه سوى بـ25 كيلومترا.يهمس بعض الموظفين أن ابن عمه، القاضي الكبير في أحد المجالس العليا، من توسط في انتقاله إلى عمله الجديد، واستغل علاقاته لضمان ترقية مريحة له، لذلك يعتقدون أن هذه العلاقة العائلية ما يشجعه على لعب دور "سيبير مان"، أو الرجل غير العادي الذي ينبغي أن يخضع إليه الجميع.لكن موظفين آخرين أكثر دراية، يقدمون الدليل على قرار تأديبي طوح به إلى هذه المحكمة، كما يروون سر التغيير الكبير والمفاجئ في سيرة القاضي الشاب الذي لم تمر على تخرجه خمس سنوات، اشتغل ثلاث سنوات منها في مدينة صغيرة كانت كافية أن ينسج فيها علاقات وطيدة مع أعيان المنطقة ووجهائها وتجارها الذي يشتغلون في الممنوع.يحكون أن القاضي الشاب، الذي أكمل تعليمه بصعوبة بسبب حالته الاجتماعية وفقدانه والده منذ الصغر، لم يقاوم الهدايا و"الكنوز" التي كان يعثر عليها كلما فتح ملف قضية. ولم يكن يطويه أو يصدر حكمه فيه حتى يضمن نصيبه من صفقة كانت تتم، أغلب الأحيان، بعيدا عن العيون.ذاع صيت الرجل الذي أضحى أشهر من نار على علم وسط المتقاضين في المنطقة الذين ما تكاد ملفاتهم تصل فوق مكتبه حتى تحل بطريقة "سلسة" جدا، وهي الطريقة المثلى التي راكم فيها، في سنوات قليلة، ثروة صغيرة ما لبثت تكبر مثل عجين بلدي، حتى افتضح أمره يوما، وسرعت الوزارة بنقله إلى مكان آخر. ملاحظة: أي تشابه بين شخصية هذا البروفايل وبين الواقع، فهو محض صدفة.ي . س

مرتش في جلباب محترم

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مباراة وحيدة لاكتساب صفة قاض

شهادات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات