كشف تقرير صادم انتهى قضاة المجلس الجهوي للحسابات بالبيضاء من إنجازه، قبل أيام، عن ملامح "مافيا رهيبة"تتحكم في مفاصل المدينة ومدخراتها عبر الاستغلال الفاحش لمواقف السيارات القانونية والعشوائية التي تدر على أصحابها، سنويا، ملايين الدراهم، ويغرقون المقاطعات والأحياء والشوارع الكبرى في وابل من الفوضى العارمة والاكــــــــتظاظ. فبعد قطاعات الماء والكهرباء والتطهير السائل والنقل العمومي، تفرغ قضاة إدريس جطو، على مدى ثلاثة أشهر، لرصد الاختلالات والتجاوزات الكارثية لقطاع حيوي بالعاصمة الاقتصادية مرتبط بحركية النقل والتنقلات وسهولتها، مؤكدا أن مجلس المدينة وما كان يسمى سابقا بسلطة التنقلات الحضرية وباقي المؤسسات والإدارات والمصالح ذات الصلة لا تتوفر على أي إحصاء وأرقام مضبوطة عن عدد مواقف السيارات بالمدينة، وحجم المساحات المستغلة، والمواقف غير المرخصة، وأماكن وجودها. وقال المجلس في تقرير تحت اسم "تقرير ملاحظات متعلق بالخدمة العمومية الجماعية لمواقف السيارات"إن مخططات التنقل الثلاثة المنجزة من قبل سلطة التنقلات السابقة خلال 2004 و2007 و2013 لم تنتبه إلى أهمية هذا القطاع وتقدم معطيات مدققة بشأن استغلال مرابد السيارات العمومية والخاصة، وبالتالي رسم سياسة وإستراتيجية خاصة به. وأحصى قضاة المجلس عددا من المواقف العشوائية ومجموع الأماكن غير المرخصة التي تشكل ريعا يدر على أصحابها ملايين الدراهم سنويا، دون أن تحظى خزينة المدينة بأي درهم. وأكد القضاة أن حوالي 300 مكان للتوقف يوجد فقط وسط المدينة، إضافة إلى مئات الأماكن الأخرى قرب حديقة الجامعة العربية ومحيط محطة البيضاء الميناء وسيدي الخدير وشارع مصطفى المعاني ومحيط درب غلف وعين الشق وحي شريفة. وحدد القضاة أربعة أنماط لتدبير مواقف السيارات في مدينة مكتظة تزيد مدة البحث فيها عن مكان فارغ عن 10 دقائق أحيانا، ويتمثل النمط الأول في التدبير المفوض الذي تستفيد منه شركة "باركينغ بارك"بسيدي بليوط و"كازابارك"سابقا في الصخور السوداء، ويستفيد من النمط الثاني عدد من الأشخاص والمحظوظين والمنتخبين سواء في إطار طلب عروض، أو بطريقة "غري أ غري"، أما النمط الثالث، ذو طابع اجتماعي يتعلق بتفويت عدد من الأماكن والمساحات والمواقف لأشخاص من ذوي الاحاجيات الخاصة، أو في وضعيات هشاشة وفقر، ثم النمط الرابع والأخير المتعلق بالمواقف المحجوزة إلى شركات ومؤسسات خاصة وبنوك وتؤدي عنها سنويا. وسجل قضاة إدريس جطة عددا من الملاحظات عن النمط الأول، من قبيل الغموض الذي يكتنف مدة الاستفادة التي ارتفعت من 5 سنوات إلى 25 سنة بالنسبة إلى شركة "كازاباركينغ"ما اعتبره المجلس الجهوي من أساليب الريع، وكذلك الشأن بالنسبة إلى الشركة الثانية التي استفادت من مدة استغلال تصل إلى 10 سنوات، قابلة للتجديد مرة واحدة، رغم غياب ما يبرر هذه المدة الطويلة على مستوى الاستثمار. وكشف قضاة المجلس أن شركة فشلت في الحصول على المشروع مرتين، لعدم ملاءمة وثائقها وملفاتها مع دفتر التحملات وطلبي العروض، قبل أن تستفيد من الشركة بصيغة "غري أ غري"بالملف نفسه تقريبا، كما عاب قضاة المجلس على مجلس المدينة (السلطة المفوضة) عدم تفعيل آليات المراقبة، ما ضيع عليها أرباحا تتمثل في 30 مليون درهم من رقم معاملات الشركة ما بين 2004 و2012. يوسف الساكت