نهاية احتكار الحكومة للشرعية

الاقتراع العام المباشر يضع رؤساء الجهات في الرتبة الثانية بعد رئيس الحكومة أنهت الانتخابات المحلية والجهوية الأخيرة زمن احتكار الحكومة الشرعية الانتخابية، على اعتبار أن رئيس الجهة أصبح يرتكز في صلاحياته الكبيرة على قوة الاقتراع العام شأنه في ذلك شأن رئيس الحكومة، ذلك أن القانون التنظيمي للجهات، نص على انتخاب أعضاء مجلس الجهة بالاقتراع العام المباشر، بخلاف ما كان عليه الحال في قانون الجهات رقم 96-47 الذي اعتمد الانتخاب عن طريق الاقتراع العام غير المباشر، ما حرم المجالس الجهوية السابقة من المصداقية الديمقراطية وأبقاها معزولة عن الانتظارات الشعبية.ومن شأن هذا المستجد أن يوسع دائرة أصحاب الشرعية الديمقراطية بين رجال الدولة، ذلك أن المشرع أعاد النظر في تركيبة المجالس الجهوية التي كان ينظر إليها على أنها كتل غير متجانسة وغير متضامنة، على اعتبار أن تركيباتها متنوعة وتجمع بين أعضاء تختلف مصادر انتخابهم، وذلك بغض النظر عما تضمنه القانون التنظيمي للجهات، الذي نص، كما هو الحال في القانون السابق، على انتخاب رئيس الجهة من بين أعضاء المجلس الجهوي، في انتظار أن يتم منح المنصب إلى وكيل اللائحة التي حصلت على الرتبة الأولى وهو ما سيضفي على هذه الانتخابات مصداقية ديمقراطية، ويضع حدّا لتقاليد السمسرة واستعمال المال في انتداب الرؤساء.ويعد اعتماد أسلوب الانتخاب المباشر لرؤساء الجهات انتصارا للأحزاب السياسية التي لم تدخر جهدا للمطالبة به، إذ أوصى مختلف الفاعلين السياسيين بتوسيع دائرة المنتخبين بين المسؤولين، وتمكين أصحاب شرعية صناديق الاقتراع من الصلاحيات الحقيقية على حد وصف تقرير اللجنة الملكية الاستشارية للجهوية وهو ما استجاب له الدستور حرفيا وحاول القانون التنظيمي للجهوية تنزيله إلى أرض الواقع، فقد اعتمد الدستور الجديد الشرعية الديمقراطية ونص عليها في الفصل 135 بتأكيده على الاقتراع العام المباشر لانتخاب مجالس الجهات آلية ديمقراطية في تدبير الشأن الجهوي، وهي التوصية نفسها التي خرج بها رفاق عمر عزيمان، رئيس اللجنة الاستشارية للجهوية، من خلال تبني نمط اقتراع يضمن أكثر ما يمكن من الشفافية ودرجة معقولة من قرب المنتخبين الجهويين من الناخبين، وذلك رغبة منهم في تقوية التمثيلية وضمان الديمقراطية التشاركية للمجالس الجهوية.ومن النقاط الإيجابية التي حملها قانون الجهات، توسيع حالات التنافي، إذ نص في مادته 17 على أن مهام رئيس مجلس الجهة تتنافى مع مهام رئيس جماعة ترابية أخرى أو مهام رئاسة غرفة مهنية أو صفة عضو في الحكومة أو في مجلس النواب أو في مجلس المستشارين أو في المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بعدما كانت هذه المهام في القانون 96-47 تتنافى مع مهام رئيس عمالة أو إقليم أو رئيس مجموعة حضرية فقط.وتقطع المادة المذكورة مع الممارسات السلبية الناتجة عن الجمع بين انتدابات ومهام متعددة، التي أفرغت الجهات السابقة من مضمونها، ذلك أنها منعت الحصول على أكثر من تعويض ، مكرسة مبدأ تداول السلطة وفتح المجال أمام طاقات وأطر جديدة وشابة للاضطلاع بمهام قيادية بعقليات متجددة وواعدة. ياسين قٌطيب الوصاية على الرئيس تحت مراقبة القضاء أنهى القانون التنظيمي للجهة وصاية الداخلية على قرارات وأعمال رئيس الجهة، التي لم تعد تخضع إلا لمراقبة القضاء، على اعتبار أن المشرع منح اختصاصات مهمة للمحكمة الإدارية مقابل تقليص الدور الردعي لرجال الإدارة الترابية .ومن أهم مستجدات القانون المذكور التنصيص على اختصاص القضاء وحده لعزل رؤساء وأعضاء المجالس وحلها، ذلك أن المادة 66 منه تنص على أن عزل رؤساء المجالس الجهوية ونوابهم أصبح من اختصاص المحكمة الإدارية وحدها، بعد أن كانت المهمة موكولة في السابق لوزير الداخلية. وتبت المحكمة في طلبات العزل المحالة عليها من قبل السلطات المحلية داخل أجل لا يتعدى شهرا، وفي حالة الاستعجال، يمكن إحالة الأمر على قاضي المستعجلات بالمحكمة المختصة الذي يبت فيه داخل أجل 48 ساعة من تاريخ توصله بهذه الإحالة. ويترتب على إحالة الطلب على المحكمة المختصة توقيف المعني بالأمر عن ممارسة مهامه إلى حين البت في طلب العزل، على ألا تحول إحالة الأمر على المحكمة الإدارية دون المتابعة القضائية عند الاقتضاء.كما لم يعد حل المجلس الجهوي كما كان في الفانون 96-47 المتعلق بالتنظيم الجهوي السابق من اختصاص سلطة الوصاية بل أصبح بيد القضاء، وهو ما نصت عليه المادة 75من مشروع القانون التنظمي والتي جاء فيها "إذا كانت مصالح الجهة مهددة لأسباب تمس بحسن سير مجلس الجهة، جاز للسلطة الحكومية المكلفة بالداخلية إحالة الأمر إلى المحكمة الإدارية من أجل حل المجلس". ويمكن اللجوء إلى القضاء لحل المجلس في حال رفضه القيام بالأعمال المنوطة به، بمقتضى القوانين والأنظمة الجاري بها العمل أو رفض التداول واتخاذ المقرر المتعلق بالميزانية أو بتدبير المرافق العمومية التابعة للجهة، أو إذا وقع اختلال في سير مجلس الجهة، إذ توجب المادة 76 على الرئيس أن يتقدم بطلب إلى الداخلية عن طريق والي الجهة لتوجيه إعذار للمجلس للقيام بالمتعين. وإذا رفض أو استمر الاختلال بعد مرور شهر يمكن للمحكمة إما أن توقف المعني بالأمر لمدة ثلاثة أشهر، بقرار معلل ينشر في الجريدة الرسمية، أو أن تحيل الملف على المحكمة المختصة من أجل حل المجلس طبقا لمقتضيات المادة75.

نهاية احتكار الحكومة للشرعية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الجهوية في الصحراء شبيهة بمجالس الجماعات

مختصرات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات