خدمة الذبح بالمجازر… إقبال محتشم

استقبلت 75 كبشا فقط والزبناء احتجوا على عدم تمكينهم من حضور عملية تجهيز الأضاحي لطالما عكست طقوس عيد الأضحى تطور نمط حياة البيضاويين، واختزلت في طياتها أبعادا اقتصادية واجتماعية عميقة، شكلت سببا لظهور مجموعة من العادات الاستهلاكية الجديدة. يتعلق الأمر بخدمة فريدة، ترتكز على مبدأ القرب والخصوصية، بادرت إلى إطلاقها شركة التنمية المحلية الدار البيضاء للخدمات، المكلفة بالتدبير المفوض للمجاز البلدية في العاصمة الاقتصادية، تهم إيواء وذبح الأضاحي وتجهيزها لفائدة المستهلكين الخواص، لمناسبة العيد.الساعة تشير إلى التاسعة والنصف صباحا. عشرات السيارات ترابض أمام البوابة الرئيسية للمجازر البلدية للدار البيضاء، في انتظار تسلم الأضاحي الجاهزة، بعد ذبحها وسلخ الفراء عنها، وتجهيز أعضائها. تمر الدقائق بسرعة، ويستبد الفضول بالزبناء، الذين بادر بعضهم إلى طرق البوابة مستفسرا عن تأخر التسليم، وإمكانية حضور عملية الذبح، إلا أن حراس البوابة كانوا متشددين في منعهم من ولوج قاعة الذبح، مطمئنين القلق منهم، بسلاسة سير العملية وقرب الانتهاء من تجهيز كل الأضاحي.استبد الفضول بالزبناء، الذين احتج بعضهم على التمييز في الاستقبال، إذ تم السماح لـمحظوظين بحضور عملية الذبح، وهو الأمر الذي وصفه سعيد، إطار بنكي، مستفيد من عملية ذبح الأضاحي في المجازر البلدية، بـغير المنصف، منتقدا عدم تمكين الأسر من حضور مرحلة ذبح الأضحية وتجهيزها، في الوقت الذي تعالت احتجاجات بعض الزوار، بعد منعهم من الدخول إلى قاعة الذبح، حول مخاطر عدم تمييز أضحية كل زبون، رغم تأكيد الحراس على ترقيم كل الأضاحي وتسلم الزبناء وصولات بذلك، واستحالة وقوع أي خطأ من هذا النوع.من جهتها، أكدت فاطمة مزار، مديرة المجازر البلدية للدار البيضاء، حرص الإدارة في تدبيرها للعملية على الاحتفاظ برأس الأضحية، من أجل تجنب أي خلط بين الأضاحي، رغم أن نظام الترقيم المعتمد، كفيل بضمان توصل كل زبون بأضحيته مجهزة، موضحة أنه لم يكن ممكنا استضافة الزبناء لحضور عملية الذبح، باعتبار أن العملية تجريبية، وهمت خلال هذا العيد 75 كبشا فقط، علما أن التوقعات صبت في اتجاه استقبال عدد أكبر، مشيرة إلى إمكانية حضور الأسر خلال عيد الأضحى المقبل لعملية ذبح وتجهيز الأضحية.وأضافت مزار في حديث لـالصباح، أن سعر ذبح وتجهيز الأضحية لا يتعدى 200 درهم، إضافة إلى تعويض عن المبيت في حدود 20 در هما للليلة، وهي الكلفة التي تعتبر مشجعة بالنسبة إلى البيضاويين، الذين تراهن إدارة المجازر البلدية على إقبالهم خلال عيد الأضحى المقبل، وتغيير العقليات بخصوص ذبح الأضاحي خارج المنزل، وهو الأمر الذي تكشفت أولى بوادره لدى بعض الزبناء، الذين يقطنون الأحياء الشعبية القريبة، خصوصا سكان وحدات السكن الاجتماعي. تنامي الطلب حميد، موظف، يجاور سكنه مبنى المجازر البلدية، قرر اللجوء إلى خدمة الذبح والتجهيز الجديدة، موضحا سبب إقدامه على الاستفادة من العملية بالقول، إن الخدمة تمثل فرصة لنا، نحن قاطني السكن الاجتماعي، من أجل ذبح أضاحينا في مكان لائق وبشروط صحية جيدة، ذلك أن ضيق المساحة ومخاطر تلوث الأضحية، لم يتركا لنا خيارا آخر، وهي المسببات التي يتفق عليها أغلب الزبناء، فيما تعلل بعضهم، بعدم تمرسه في عمليه ذبح الأضحية وتجهيزها، إذ أكد نبيل، مهندس، أهمية الاستفادة من خدمة الذبح، في تجنب صعوبات الحصول على خدمات جزار خاص يوم العيد، مشيرا إلى أن التكلفة تكون مرتفعة حينها، بسبب تنامي الطلب. بدر الدين عتيقي حرب مفتوحة على "البطاين" دماء على الإسفلت، وفي المجاري، وعلى الملابس، تغطي الوجوه والأيدي التي تمتشق السكاكين، وأصحابها يستنشقون الهواء بعنف وصعوبة، كمن خرجوا لتوهم من ساحة وغى. أطفال يتقافزون في جذل وفرح، بمنظر الأحمر القاني الذي يسيل على الأرض، فيما تتهافت النساء على صب الماء عليه، أو التقاط بعض منه في أوان بلاستيكية لأغراض طقوسية ما زالت تؤمن بالأثر السحري للدم.كان هذا جزءا من مشهد لصباح عيد الأضحى، بدرب السلطان، أحد أعرق الأحياء الشعبية بالبيضاء، والذي ما زالت فضاءاته تنضح بالاحتفالية الخاصة التي يخصصها سكان دروبه وأزقته لمختلف المناسبات الدينية، خاصة عيد الأضحى، إذ ترتدي الأزقة والدروب حلة وإن شابتها الفوضى، فإنها تعكس حرارة الطباع الشعبية الذي ما زالت تحرك سلوكات الناس هنا.منذ الإطلالة الأولى لشمس صباح عيد الأضحى، تكتسي المحاور الرئيسية لدرب السلطان بحركية خاصة، يلمسها المتجول بكل من ساحة السراغنة والأزقة المتفرعة عنها منها زنقة القاهرة أو الأزقة المفضية إلى القريعة أو سيدي معروف أو بقية الأحياء الأخرى مثل درب السبليون وبوشتنوف وقيسارية الحفاري وغيرها.عمليات ذبح جماعية في الأسطح أو الساحات الفارغة بالأحياء، على قلتها، فيما انبرى مراهقون وشباب في مقتبل العمر، لنصب المشاوي الشعبية، المشكّلة من أدوات بدائية قد تكون بقايا حواجز حديدية، أو هياكل أسرّة متهالكة، توضع تحتها أخشاب من بقايا صنايق خشبية أو أثاث منزلي قديم، تتخذ وقودا لنيران تشوى عليها رؤوس الخرفان في طقس يتكرر كل سنة ويشكل مورد رزق بالنسبة إلى هؤلاء.مكونات الخروف التي تتخلى عنها الأسر وترميها إلى الأزبال، تشكل بالنسبة إلى آخرين فرصة لتجارة مربحة، مثلما هو الأمر بالنسبة إلى جلد الخروف أو ما يصطلح عليه شعبيا بالبطانة، والتي لم تعد الأسر المغربية تعتني بإعدادها لتصير جزءا من أثاث البيت، بل غالبا ما يتخلص منها أو تمنح لشباب يبيعونها لأصحاب شاحنات متخصصة في التقاط البطاين، لكن جشع أحد الطرفين يجعل الشوارع الكبرى لدرب السلطان مرتعا لروائح كريهة تنبعث من البطانات المتروكة على قارعة الطريق. عزيز المجدوب "التحلية"... سنة مؤكدة بتطوان العيد في تطوان لا يختلف كثيرا عن ملامح العيد بالمدن المغربية الأخرى، لكن لأهل تطوان خصوصياتهم في هذه المناسبة الدينية، فبعد معاناة الكثيرين مع محنة شراء الخروف، جاء يوم الذبيحة حيث تختلف التقاليد بين الأسر، فهناك من يفضل أن يضحي باكرا مباشرة بعد الصلاة، وهناك من يقوم بذلك متأخرا، حتى يتجمع أفراد الأسرة، وبعد إفطار جماعي قد يدوم وقتا طويلا. غالبية الأسر في تطوان ما زالت تحتفظ على تقاليد العيد، فهم يتجمعون في منزل الأب، إذ يحضر الإخوة خرفانهم وينحرونها جماعة في سطح المنزل، حيث تشارك النساء في عمليات غسل الأحشاء وإعداد الوجبة الأولى، فيما للرجال عملية النحر والسلخ محفوفين بالأطفال. وعكس عيد الفطر، ففي عيد الأضحى نادرا ما يشتري الأطفال ألبسة جديدة، وغالبيتهم يكتفون بارتداء اللباس التقليدي صباحا، ثم يضطرون لتغييره لاحقا بارتداء لباس عاد لمشاركة الكبار أشغال الذبح والسلخ وغسل الأحشاء، فهم أيضا لهم ما يقومون به خلال ذلك، حيث يحاولون جمع ما أمكنهم من قطع اللحم، استعدادا "لـعشاوة".بعض الشباب يجعلون من المناسبة فرصة لجمع بعض المال، بحيث ينصبون أفرنة تقليدية وأخرى عشوائية، للقيام بعمليات شي الرؤوس، أمر لا يخلو من مخاطر، لكنه أصبح ضروريا. وجبة اليوم الأول من العيد معروفة لدى التطوانيين، فبعد شي الكبد لحظات قليلة بعد السلخ وشرب كأس شاي، يأتي موعد الوجبة الرئيسية المكونة من الأحشاء والحمص، والتي تكون عادة جاهزة في وقت متأخر من الظهيرة، حتى يتمكن الجميع من الحضور خلال تقديمها، فيما الليل له عادة الكسكس ولحم الرأس، وقد يؤجل هذا الطبق لغداء اليوم الموالي.ومن بين أهم الوجبات التي يتم إعدادها بتطوان الحلية أو التحلية، وهي نوع من الوجبات القديمة، التي يمكن أن تدوم شهورا، حيث يتم طهو اللحم بالسكر وبعض التوابل الأخرى، فيصبح حلوا ويمكن أن يوضع في الثلاجة أو خارجها ويصمد طويلا، تماما كما هو حال الخليع و القديد وبعض الأنواع الأخرى من الوجبات الطويلة الأمد.يوسف الجوهري (تطوان) كرنفال بوجلود بأكادير...عيد أضحى بطعم خاص الاحتفالات تستمر أسبوعا و تختتم بتنظيم مهرجان مشترك تستقبله الدشيرة وإنزكان تنفرد منطقة سوس عن باقي مناطق المغرب، باستمرارية طقوسها الخاصة، وعاداتها المميزة، واحتفالاتها الشعبية بعيد الأضحى، باعتباربيلماونأو بوجلود موروثا ثقافيا وجب الحفاظ عليه، إذ يشكل يوم عيد النحر أرضية خصبة لانطلاق الاستعدادات لمهرجانات شعبية بعيد الأضحى المباركبوجلود. ويتميز مساء يوم عيد الأضحى، بعد ذبح الأضحية وتناول ما طاب منها في وجبة الغداء، ببدء شرارة الاحتفالات ب"بوجلود"، انطلاقا من الأحياء الشعبية بأكادير وإنزكان والدشيرة وتيكيوين وبنسركاو وآيت ملول وأنزا وتارودانت ومختلف الحواضر والبوادي السوسية، بالتزامن مع خروج الصغار والكبار لزيارة العائلات والأحباب والأقارب وإحياء صلة الرحم. ويعتمد مهرجانيو"بوجلود"أو"بيلماون" على جلود الأغنام والماعز للتنكر وإخفاء الملامح مدة الاحتفالات.ففي الوقت الذي يستغل فيه البعض هذه المناسبة لتبادل الزيارات، يجد فيه المحتفلون ب"بوجلود"، فرصة للبدء في احتفالاتهم من خلال ارتداء الجلود التي تم سلخها من الأكباش أو الماعز، والتنكر بها لمداعبة المتزاورين والمتزاورات وضربهم بحوافر الأضاحي التي يحملها نشطاء "بوجلود"للغرض ذاته. وتستمر هذه الاحتفالات على مدى أسبوع كامل لتختتم بتنظيم مهرجان ضخم مشترك تستقبله مدينة الدشيرة وإنزكان، حيث تنظم للمناسبة حفلات كبرى تشارك فيها فرق موسيقية شعبية محلية تنتهي بكرنفال على شاكلة الكرنفالات العالمية.ويوضح أحمد صابر، متخصص في التراث، بأنه من جملة ما كان يتغنى به الشباب في غمرة الاحتفال ب "بوجلود" أو بيلماون في "إسوياس" (مفرده أسايس: ساحة الفرجة) بسوس في الستينات من القرن الماضي، وهم يشاكسون ويهرولون مخافة أن يلحق بهم بيلماون ويسدد إليهم ضربات موجعة ب "تيفنزا" (حوافر الغنم أو الماعز)، ترديدهم جماعة: "بوجلود آد أورا يكات "إيغ يومز أريسروات".محمد إبراهمي (أكادير) برنامج خاص لعيد بدون أزبال نجح المواطنون وعمال النظافة، بالدار البيضاء، في عيد الأضحى لهذه السنة، في تجاوز مشكل مخلفات هذه المناسبة الدينية التي كانت تتحول من نعمة إلى نقمة بفعل تراكم الأزبال.وبذل المشرفون على النظافة من مسؤولي الشركتين المفوضتين، والعاملين مجهودات كبيرة لجعل عيد هذه السنة دون أزبال، عبر وضع برنامج خاص، إذ تم الرفع من عدد الدوريات، فإذا كانت الفرقة تقوم بدوريتين في اليوم فقد أسندت لها مهمة 3 دوريات أو أربع، وطبقوا هذه الإستراتيجية من أجل "عيد دون أزبال".وحسب ما أكده لنا عمر سائق شاحنة لجمع الأزبال بالألفة، فإن عملية هذه السنة جمدت لها طاقات بشرية ولوجيستيكية هائلة من أجل القضاء على مخلفات العيد وحتى تكون هذه المناسبة الاحتفالية في أبهى صورها.وأضاف المتحدث نفسه، في حديث مع "الصباح" أن شركات النظافة عملت على تخصيص ثلاث فرق للإشراف على عملية جمع الأزبال، فهناك المجموعة الأولى التي يبتدئ عملها من الخامسة صباحا على حدود صلاة العيد، أما المجموعة الثانية فيبتدئ عملها من الساعة الثانية بعد الزوال إلى حدود الساعة الثامنة مساء، وتباشر المجموعة الأخيرة مهمتها من الساعة التاسعة حتى منتصف الليل.وأعطت القافلة البيئية التحسيسية التي نظمتها الوزارة المنتدبة المكلفة بالبيئة لمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك، تحت شعار "من أجل عيد أضحى نظيف"، النتيجة المرجوة منها إذ تجاوب المواطنون معها، وهو ما ترجم في سلوكهم يوم العيد.القافلة التي نظمت بتعاون مع شركات التدبير المفوض لجمع النفايات بمناسبة عيد الأضحى، عرفت مشاركة مجموعة من الجمعيات الشريكة في برنامج تشجيع استعمال أكياس الثوب البيئية، وهدفت أساسا إلى تحسيس وتوعية المواطنين بضرورة الحفاظ على نظافة المجالات خلال هذه المناسبة.وشهدت القافلة توزيع أكياس الثوب البيئية ومدعمات التحسيس والتوعية تدعو المواطنين والمواطنات إلى المساهمة في نظافة أحيائهم ومحيطهم، بالإضافة الى تنشيط مجموعة من الفضاءات ببعض المدن.ففي عيد هذه السنة، حرص شباب الحي المشرف على عملية شي "رؤوس الاكباش" وكذا سكان حي الألفة، على نظافة الأحياء والأزقة والشوارع، إذ تم رمي مخلفات العيد في أكياس بلاستيكية محكمة ومتينة ووضعها في صناديق النفايات في الوقت المناسب لمرور شاحنات جمع النفايات.محمد بها

خدمة الذبح بالمجازر… إقبال محتشم

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

نمو صاروخي لسياحة الجراحة التجميلية

حرب الجهات والمدن لن تقع

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات