تحولت شهادة الماجستير «الماستر» خلال السنوات الأخيرة، إلى مفتاح للترقي والتقدم في المسار المهني، إذ تحولت هذه الشهادة من محطة أكاديمية إلى ضرورة عملية، الأمر الذي خلق سوقا قائمة بذاتها من أجل تلبية الطلب على هذا المنتوج التعليمي. جامعات خاصة ومؤسسات تعليم عال عمومية وخصوصية، انخرطت في الاستثمار بهذا المنتوج، الذي يكثر الطلب عليه من قبل الموظفين والأطر، سواء في القطاع الخاص أو العام، في الوقت الذي تتراوح كلفة السنة الدراسية بين 30 ألف درهم و70 ألفا للطالب.ويتركز الطلب كل بداية سنة دراسية جامعية، على مسالك «الماستر» المتخصصة، إذ يحاول الطالب استغلال هذه الشهادة في الحصول على منصب عمل معين، أو الترقي في السلم الوظيفي حسب المستجدات المهنية، الأمر الذي فرض على مؤسسات التعليم العالي الخاصة والعمومية، ملاءمة الشعب والمواد المقترحة في مسلك الماجستير لمتطلبات سوق الشغل، ما يمثل عامل إغراء أيضا للطلبة، الذين يبحثون عن جودة ونوعية التكوين قبل الكلفة، ذلك أن قيمة المنتوج التعليمي المذكور عالية، وبالتالي تتطلب هيئة تدريس خاصة وبرامج تكوين نوعية.هذه المعطيات أدخلت مؤسسات التعليم العالي العمومي والخاص في منافسة محمومة من أجل استقطاب الكفاءات المرموقة للتدريس لفائدتها، وهو الأمر الذي يؤكده حميد الرايس، أستاذ سلك الماجستير في جامعة خاصة، بالقول إن «مزاوجة الخبرة الأكاديمية والتجربة المهنية يمثل قيمة مضافة بالنسبة إلى أستاذ سلك الماجستير، ذلك أن طبيعة برامج التكوين والمواد المقترحة، تفترض الإحاطة بما هو نظري وعملي في الوقت نفسه»، علما أن أجور هذه الفئة من أساتذة التعليم العالي تصل إلى مستويات قياسية من مؤسسة إلى أخرى، إذ يعمل أغلبهم بموجب عقود محددة المدة، قابلة للتجديد.وتعمد بعض مؤسسات التعليم العالية، خصوصا الخاصة منها، إلى تعديل مواقيت الدراسة في سلك الماجستير ليتلاءم مع ظروف الطلبة، تحديدا الطلبة العاملين، إذ تعرض مواقيت دراسة ليلية مقابل تكلفة أكثر من نظيرتها العادية، وهو المعطي الذي يغري عددا مهما من الطلبة ويرفع الطلب على هذا المنتوج التعليمي. اختار مصطفى، موظف ثلاثيني، أن يكمل دراسة سلك الماجستير في إحدى الجامعات الخالصة ليلا، وهو الوضع الذي يصفه بـ»المريح»، ويفسح المجال أمامه لمزاولة عملة وتحسين أفقه في الوقت نفسه.يعلق مصطفى على تجربته بالقول، إن «فرصة الترقي في المؤسسة التي أشتغل بها أصبحت رهينة بالحصول على مؤهل الماجستير في تخصص معين، وبالتالي واجهت صعوبة في البداية في إيجاد جامعة خاصة تعرض مواقيت دراسة تلائمني، قبل أن أحصل على مبتغاي في جامعة خصصت قسما بسلك الماجستير للموظفين، ووحدت مواقيت الدراسة خلال الفترات المسائية»، في الوقت الذي يلجأ بعض الطلبة إلى البحث عن تخصصات معينة في سلك «الماستر» بالخارج، عن طريق الانتساب وبرامج تزاوج بين الدروس النظرية والتدريبات العملية.وتشهد أسلاك الماجستير في الجامعات ومؤسسات التعليم العمومي إقبالا كبيرا، فيما يرتبط الانخراط فيها بالانتقاء والمباريات، الأمر الذي دفع عددا من حاملي الإجازات في هذه المؤسسات إلى التريث في استكمال مسارهم الأكاديمي، والانتقال للبحث عن عمل قبل استئناف الدراسة في سلك «الماستر» بجامعة خاصة، بالنظر إلى قيمة المنتوج التعليمي المقدم وتكافؤ الفرص خلال فترة التكوين والتدريب، وهو المنظور الذي يتبناه أغلب خريجي الجامعات اليوم، من بينهم نبيل، الذي تخرج من إحدى الجامعات ولم يجد له مكانا في سلك الماجستير بجامعته، رغم حصوله على ميزة دراسية جيدة، الأمر الذي أجبره على البحث عن فرصة عمل أولا، قبل العودة إلى مقاعد الدراسة من أجل استكمال مساره الأكاديمي، موضحا ذلك بالقول، إن «أسلاك الماجستير في الجامعات العمومية تعاني حالة من الاكتظاظ، فرغم تحديد عدد المقاعد في الشعب، إلا أن الاستثناءات أصبحت تمثل القاعدة، وبالتالي فالعمل أولا، يوفر فرصة للدراسة في المسالك العليا، ويتيح الاستفادة من وضع مادي أفضل».بدر الدين عتيقي