الدخول المدرسي…التغيير الجذري

بمجرد اقتراب الموسم الدراسي، يضع الآباء أياديهم على قلوبهم، ويعدون الأوراق والقطع النقدية التي يجب أن تكون «أكواما» داخل محافظ نقودهم، ويعاودون العد، كلما ولجت أقدامهم أبواب إحدى مدارس التعليم، بشتى مستوياته، سواء كان خصوصيا، أو عموميا، فالأخير هو الآخر أصابته حمى الدخول المدرسي وهوس الآباء والأبناء بيوم مميز، تصدرت فيه كماليات قائمة الضروريات وصار إظهار البذخ والثراء عنوانه بامتياز. ففي الوقت الذي كان حال من قرروا جعل أطفالهم يدرسون بالمدارس العمومية، أرحم، وكانوا يشعرون أنهم في وضع مريح، بسبب انخفاض رسوم التسجيل، حولت المحفظة المدرسية حالهم إلى عذاب يتجرعون مرارته مع بداية كل موسم دراسي، سيما إذا كان لديهم أكثر من طفل واحد في سن التمدرس، «درست في مدرسة عمومية شأني شأن جميع الأطفال المغاربة، قبل حوالي خمسين سنة من اليوم، ولم أذكر يوما أن الدخول المدرسي كان هاجسا لدى والدي، أو يستلزم منهما تدبيرا ماليا يستبق موعد الدخول المدرسي بشهور، أو اللجوء إلى قرض من أحد البنوك في أسوأ الحالات»، يقول حسن موظف بإحدى الإدارات العمومية، مستطردا «كان الدخول المدرسي مرادفا لدفتر واحد، ومقرر دراسي، ليس بالضرورة أن يكون جديدا، بل كنا نقترضه من أبناء الجيران، وأحيانا كثيرة نستعيره من مكتبة المؤسسة، فيما كان أكثرنا افتخارا وسعادة، من يتوفر على محفظة يجمع فيها لوازمه المدرسية»، فيما اليوم يضيف حسن بحسرة «الدخول المدرسي يعني خنشة ديال الفلوس وياربي تكفيك". محفظة الأمس البالية، خفيفة الوزن، لأنها لم تكن تحتوي إلا على كتابين وقلمين، ولوح خشبي في المستويات الدراسية الأولى، عوضتها محفظات أنيقة، بأشكال وأحجام وألوان مختلفة تناسب أذواق جميع التلاميذ، الذين صاروا ينتبهون يوما بعد آخر إلى شكلها، ويفرضون أن تكون بها رسوم تجسد الشخصية الكارتونية التي يحبون، ويشترطون أن تكون "سينيي"، وأن تكون المقلمة، نسخة طبق الأصل عنها، لأن صديقهم أو صديقتهم، ظل طيلة السنة الدراسية الماضية تتفاخر بمحفظة جلبها معه من إسبانيا، حيث قضى عطلته بمعية عائلته. وبعد الانتهاء من «مسألة» اقتناء المحفظة، التي لا ضير أن تكون اثنتين عوض واحدة، يبدأ مسلسل جديد، يهم اقتناء اللوازم المدرسية، فبعد أن تكون المدارس الخاصة تكفلت باقتناء المقررات الدراسية الأجنبية التي لا يستقيم تعليم أبناء المغاربة بدونها، طبعا بعد تلقي إدارة المؤسسة مقابلها نقدا من أسر التلاميذ، قبل انتهاء الموسم الدراسي الماضي، تباشر الأسر شراء الدفاتر، التي يجب التأكد من مطابقة عدد صفحاتها وأغلفتها، وأحيانا كثيرة نوعية محددة من الورق، «وصفة» المؤسسة المدرسية. وطبعا، لأن الدخول المدرسي، وفرحة التلاميذ به، لا تستقيم إلا باقتناء ملابس جديدة، عكس ما كان عليه الأمر، في سنوات غير بعيدة جدا، ينطلق السباق نحو محلات بيع الملابس، التي تشهد إقبالا لا يضاهيه إلا الإقبال عليها مع اقتراب عيد الفطر. هجر المغلي

الدخول المدرسي…التغيير الجذري

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الملايين لتعليم ״وليدات لاميسيون״

تحضر المظاهر حين يغيب الجوهر

مقالات ذات صلة