فرنسـا تحـت الصدمـة

لـوران "سقطـة" اللعـب مـع الكبـار الجشع ينهي مسار صحافي بنى مجده في الحدائق الخلفية للملوك والرؤساء اشتهر بحواراته الصحافية مع الملوك والرؤساء، الذين طبعوا القرن العشرين، بطابع صناعة القرار السياسي في دولهم ومحيطهم الإقليمي، وغادروا هذه الدنيا، مثل رونالد ريغان، الرئيس الأمريكي الأسبق، صاحب نظرية غزو الفضاء، وإبقاء أمريكا قوة عالمية بحرب النجوم، والملك الراحل الحسن الثاني، مؤسس المغرب الحديث، صاحب مبادرة المسيرة الخضراء السلمية لاسترجاع الصحراء المغربية، و صدام حسين، الرئيس الأسبق موحد العراق بأطيافه الدينية. هو الصحفي الفرنسي «إريك لوران»، بنى مساره ومجده من خلال حواراته مع الملوك والرؤساء التي أصبحت بمثابة وثائق تاريخية يستشهد بها الدارسون والمهتمون بالسياسة الدولية، والذي ذهب ضحية شجعه، إذ سقط سقطة مدوية في شرك الابتزاز، رفقة رفيقته الصحافية، كاثرين غارسيي. قصة هذين الصحافيين، اللذين سقطا في حبال خرق أخلاقيات المهنة عبر ابتزاز الملك محمد السادس، تحيل على كتاب الصحافي الفرنسي « سيرج حليمي» المعنون ب» لنيفو شيان دو كارد» يعني كلاب الحراسة الجدد، والذي أثار فيه انحدار العمل الصحافي الفرنسي جراء هيمنة السلطة والمال، والبحث عن الشهرة بأية طريقة والجشع للرفع من شأن البعض والحط من قيمة القضايا ذات الأهمية بمكان لدرجة نشر الإحباط. ولد «إيريك لوران» في 1947، ودرس بجامعة بيركلي الأمريكية بسانفراسيسكو، تخصص علوم الاتصال، و بدأ مسيرته الصحفية الحقيقية مع مجلة «لوفيغارو» الفرنسية، صحفيا متخصصا في السياسة الدولية ومحاورة رؤساء وملوك العالم، ومتتبعا للقضايا المالية والجيوسياسية المرتبطة بالبترول، وكانت هذه هي مواضيع كتبه، ليعمل في 1973 في راديو فرنسا، قبل أن يغطي حرب 73 بين العرب وإسرائيل وغزو الاتحاد السوفياتي لأفغانستان. وتمكن لوران من نسج علاقات وشكل شبكة وساطة متنوعة من الشخصيات التي تساهم في صناعة القرار السياسي، لكي تساعده على الالتقاء بالملوك والرؤساء، وإنجاز كتب حولهم، مثيرة للجدل، لأنه يسعى دائما إلى وضع توابل الإثارة، التي تجعلها نوعا ما مضيئة في سماء نسج القصص السياسية، على الطريقة الأمريكية، « لايف سطوري»، لكن بحبكة الداهية، الذي يستعمل جزئيات قد تكون نشرت في مقالات صحف يومية وأسبوعية محلية للبلد المعني، والتي غالبا تجد لها « شراحا» أو فقهاء التحليل من البلد المعني، الذين يعيدون تركيب الأحداث بصورة توحي أنهم يمدونه بأخبار جديدة طرية، هكذا يبدو الأمر. و يشبه لوران العديد من الصحافيين الأجانب الذين اشتغلوا على المغرب، وتمكنوا بسرعة من استيعاب بعض الجزئيات في صناعة القرار، إذ عرف عن بعض المثقفين والصحافيين والسياسيين المغاربة، أنهم أكثر كرما في شرح وتفسير أحداث وقعت بالمغرب، لهؤلاء الأجانب، بشكل يؤدي إلى التعسف في تأويل أمور عادية وطبيعية وقعت، مما يجعل هذا النوع من الصحافيين الأجانب يتحدثون بثقة زائدة وكأنهم يمتلكون الحقيقة المطلقة، فيما هم يعيدون تركيب ما نشر بتأويل مؤشرات ما، وترويج أنها حقائق مثيرة، كشفتها شخصيات نافذة. لذلك ربح لوران جزئيا مربع الإثارة عبر الكتب التي ينشرها لكبار صناع القرار السياسي، وللأحداث العالمية التي غيرت التوجه العالمي، مثل «العالم السري لجورج بوش « الأب، و «الوجه الخفي لأحداث 11 شتنبر»، و»الوجه الخفي للبترول» ولم يستوعب لوران حدوث تغير عالمي بانهيار نظام القطبين، وهيمنة العولمة، وبروز قيادات جديدة إقليميا، لا تحتاج إلى من يتحدث عنها بالخير أو بعكسه، لذلك نشر كتابه عن الملك في 2012، وضع فيها تأويلات كثيرة، وتوابل لا تعد ولا تحصى، ورغم ذلك لم يحقق النجاح المرجو منه، إلا في عيون من يعتقد أنها حقائق جديدة. و يعتبر لوران مثله مثل أغلب الصحافيين الفرنسيين، الذين يكتبون بدافع « الحقد» عن المغرب، وأحيانا يتعبون القراء بمقالات مطولة هي تجميع لمقالات زملائهم المغاربة، مع دفن بعض التصريحات لبعض المسؤولين في بعض الندوات، بطريقة تجزيئية بإخراجها عن سياقها، تقول في الأخير إن بالمغرب به مدن صفيح، وفقراء وكأنهم اكتشفوا ذلك لأول مرة، أو اتهام المغرب بأنه يعاني خروقات جسيمة لحقوق الإنسان، لأنه يدافع عن وحدته الترابية بصحرائه التي تعد امتدادا جغرافيا طبيعيا، على اعتبار أن دولا عديدة في العالم لها صحراؤها، ولا أحد ينتقدها أنها تعسفت على سكانها في الصحراء، لأنهم يعيشون في دولة واحدة موحدة لأن الصحراء ليست جنسية . لكن العابثين دائما يسقطون،إذ يعد الخميس 27 غشت 2015 يوما مشهودا ومأساويا، في مسيرة الصحافي الفرنسي، «إيريك لوران»، ورفيقة دربه «كاترين غراسيي» إذ اعتقلا بتهمة ثقيلة جدا، وهي ابتزاز الملك محمد السادس من خلال مطالبته بدفع مبلغ ثلاثة ملايير أورو مقابل عدم نشر كتاب يحتوي على مجموعة « مغالطات» على شاكلة اتهامات خطيرة، ليحكم بذلك على مساره الصحافي الطويل بالسقوط المدوي، وهو ما جعل المغاربة « شعب الفايسبوك» يطلقون عليه لقب « الصحافي المفترس». أحمد الأرقام

فرنسـا تحـت الصدمـة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الرجاء يقلب الطاولة على المسيرة

غراسيي... رائحة المخابرات الجزائرية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات