“دارت”… شر لابد منه

أسر تتقيد بها لتمويل مشاريع ومصاريف الزواج والدخول المدرسي ورمضان وغيرها "الحاجة أم الاختراع " ينطبق هذا المثل على "دارت"، الطريقة السحرية التي ابتدعها المغاربة لحل أزماتهم المالية، وتغطية ثقوب الميزانية الشهرية للأسرة، وهي طريقة لا تهم شريحة اجتماعية معينة، بل أصبحت رائجة عند كل الطبقات. وتحولت "دارت" عند البعض إلى وسيلة للتهرب من قروض البنوك، وعند البعض الآخر وسيلة لتغطية الخصاص التي تخلفه أقساطها.الحاجة زهرة، أرملة وأم لخمسة أبناء مياومين، احترفت "دارت"، منذ أزيد من 15 سنة، وأصبحت معروفة لدى نساء الحي ب "زهرة القرعة "، وهو لقب لا يثير غضب زهرة، التي تعتبر "دارت" "سلاحا ذا حدين"، فبقدر ما تساهم في تغطية بعض مصاريف الدخول المدرسي والأعياد ورمضان، إلا أن طول مدة الأداء، يجعلها ترهن معاش زوجها الراحل، ما يدفعها للمشاركة في أكثر من "دارت" للأداء. وتقول زهرة "هناك عدة أنواع ل"دارت"، إحداها شهرية والثانية أسبوعية والثالثة قد تكون يومية، وذلك حسب قيمة المبلغ المتفق عليه".وشاركت زهرة في الأنواع الثلاثة، وأطولها تلك التي استغرقت ثلاث سنوات لتأدية مبلغ 50 ألف درهم، وهو مبلغ مكنها من تمويل مشروع الخياطة، الذي تسيره اليوم رفقة أحد أبنائها، مشروع مكنها من ضمان أداء ما تبقى من أقساط شهرية للمشاركين معها في العملية. ويعود، حسب زهرة الفضل ل"دارت" في تمكينها من تشغيل ليس ابنها فقط، بل اثنتين من بنات الجيران في مشروعها الصغير. غير أن العملية لا تنجح دائما، حسب زهرة، فلو لم ينجح مشروعها الصغير، لوجدت نفسها عاجزة عن الأداء. من جانبها تقول أميمة، 22 سنة، إطار بنكي، إنها لجأت لـ "دارت" هروبا من تعقيدات القروض البنكية التي تنهك الراتب الشهري بالفوائد والاقتطاعات الشهرية، مما يزيد من قيمة تسديد قيمة القرض، مضيفة أنها تشارك في أكثر من "دارت" في الحي الذي تقيم فيه، ورفقة زميلاتها في العمل لتوفير مبلغ مالي يساعدها في إتمام استعداداتها للزواج الصيف الجاري، وهنا تقول أميمة ،إنه بفضل "دارت" استطاعت تغطية أكثر من ثلثي حاجياتها للزواج بيسر دون فوائد أو اقتطاعات "دارت ساهلة ماهلة ما فيها لا فوائد لا سير وأجي"، تقول أميمة. من جهته يقول طارق، 31 سنة، بائع متجول، إنه دخل في دوامة "دارت" لتمويل مشروع صغير "كروصة"، بعدما عجز عن الالتزام الشهري المقدر قيمته في 500 درهم، ليجد نفسه مضطرا إلى المشاركة في "دارت" أخرى لتسديد ما تبقى من ديون عن مشاركته في "دارت" الأولى. فشل مشروع طارق هو ما أدخله في دوامة البحث عن تمويل لديونه، لذلك أصبح الشاب لا يوفر أي مبلغ لأسرته، بل ينفق كل مدخوله في أداء أقساط "دارت".سعيد، موظف بريد وأب لطفلين، يعتبر "دارت" "شرا لابد منه"، فهي من جهة تساعد على تغطية مصاريف المدرسة الخصوصية لطفليه، إذ تعمد زوجته إلى المشاركة فيها رفقة جاراتها وفق برنامج يمنحها فرصة الحصول على "دارت" قبيل الدخول المدرسي لأداء واجبات التسجيل المدرسي والمستلزمات الدراسية والملابس، ولولا "دارت" لما تمكنت الزوجة من ادخار أي مبلغ شهريا لهذا الغرض، لذلك تلتزم مع جاراتها لكي تضمن عملية الادخار بهذه الطريقة.يشار إلى أن محاكم المملكة تعج بملفات نساء ورجال لم يوفوا بالتزاماتهم تجاه المشاركين معهم في "دارت"، غير أنه بغياب سند قانوني تظل الملفات حبيسة رفوف المحكمة بسبب تنظيمها خارج إطار قانوني يضمن حقوق المشاركين فيها.مامون خلقي (صحافي متدرب)

“دارت”… شر لابد منه

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

سعاد.. فر طليقها وتركها للديون

أربع سلفات تحبط أحلام معلم

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات