أحمد، رجل تعليم ابتدائي، التحق بمدرسة تكوين المعلمين بالدار البيضاء، وثابر إلى أن حصل على الوظيفة التي طالما حلم بها، ممنيا النفس بإنقاذ أسرته من شظف العيش، خاصة أنه الابن البكر. عين أحمد بنواحي منطقة تشكا بورزازات، ولأنه كان بحاجة إلى وسيلة نقل، أنفق ما تقاضاه في نهاية التدريب في شراء سيارة مستعملة، معتقدا أنها ستحل مشاكل التنقل وسيقلل من مصاريف وسائل النقل العمومية، غير أن حساباته لم تكن موفقة، إذ بعد مدة قصيرة من استعمالها أصيبت بعطل في المحرك، تطلب استبداله بآخر. ولأن أحمد لم يكن يتوفر على المبلغ المطلوب، لجأ إلى أول قرض بقيمة 20 ألف درهم. والقرض الثاني بالنسبة إلى أحمد مسألة ضرورية، لأنه مقبل على الزواج وتكوين أسرته، فاقترض مبلغا إضافيا ب30 ألف درهم.بعد ثلاث سنوات، لم يكن قد تخلص فيها بعد من القرضين، ازدادت وضعية المعلم المالية تأزما، ليقرر طلب قرض أكبر اعتقادا منه أنه سيخلصه من مشاكله المالية بشكل نهائي، وعاد الرجل مبتهجا إلى بيته بشيك قيمته 100 ألف درهم، أنفقه في اقتناء سيارة أخرى، بعد أن كثرت أعطاب الأولى، وصرف الباقي على أمور وصفها ب"التافهة"، غير أنها في تلك الفترة لم تبد له كذلك، ليجد المعلم نفسه وبعد مدة قصيرة من توظيفه رهينة مجموعة من القروض.ولتخفيف نفقاته اليومية اضطر المعلم إلى طلب انتقال إلى جوار أسرته الكبيرة والصغيرة، بالمحمدية، خاصة بعد أن وجد نفسه ملزما بأداء حوالي 4 آلاف درهم كل شهر لسبع سنوات. اجتاز أحمد امتحان السلم عشرة بنجاح، وعوض أن يشجعه ذلك على وضع حد لمشكل الاقتراض، عاد من جديد إلى الوكالات البنكية، لشراء جميع القروض والأداء عن واحد، غير أنه بذلك اغتال حلمه بإنهاء المشكل، ليسقط في فخ أكبر، بعد أن استحوذت المؤسسة البنكية على جل راتبه، ولم يتبق له سوى 1600 درهم، بسبب الاقتطاع من المنبع الذي أصبح كابوسا يهدده بالموت البطيء. الأزمة المالية التي دخلها أحمد من بابها الواسع، اضطرت زوجته إلى اللجوء إلى "دارت" للمساعدة على تحمل أعباء البيت، في انتظار أن يستعيد راتبه كاملا صيف سنة 2017.كمال الشمسي (المحمدية)