الرميد يخنق الحقوق الدستورية

قدم مشروعا يقف عند عتبة الحد الأدنى من الحريات في الوقت، الذي يشدد فيه الملك، خطابا وممارسة، على ضرورة التنزيل الديمقراطي للدستور، والذهاب في التأويل إلى أقصى ما تتحمله مقتضياته، خاصة في ما يتعلق بالحقوق والحريات، يصر حزب رئيس الحكومة على الممانعة باسم الدين والخصوصية، كما هو الحال بالنسبة إلى مشروع القانون الجنائي الجديد الذي تقدم به وزرير العدل والحريات دون أن يجرؤ على تجاوز عتبة الحد الأدنى من الحريات.ويجمع حماة التنزيل الديمقراطي، على أن مشروع القانون الجنائي الجديد، يهدد بالحد من الآفاق الإنسانية، التي فتحها الباب الأول من دستور 2011، أمام الحقوق الفردية والجماعية للمغاربة، ذلك أن الحقوق في دستور 1996 لم تتعد دائرتها 11 فصلا، في حين أدرج الدستور الحالي في 21 فصلا، بالإضافة إلى 60 إحالة على حقوق الإنسان، و42 موضعا كتبت فيها كلمة «الحريات». لم يتردد المشروع الجديد، رغم بعض إيجابياته، في التشدد في وضع الحدود لحريات تجنبت النسخة القديمة مأزق التصدي لها، رغم أن الدستور تضمن جردا شموليا للأجيال الثلاثة لحقوق الإنسان، فقد حضرت فيه مختلف الحقوق، الكلاسيكية منها والجديدة، المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بالإضافة إلى ما جاء به الباب الثاني المخصص لمعالجة الأوضاع الهشة لفئات من النساء والأمهات وللأطفال والأشخاص المسنين والفئات من ذوي الاحتياجات الخاصة وإعادة تأهيل الأشخاص الذين يعانون الإعاقات الجسدية، وذلك في استجابة واضحة للمطالب التي طالما ألحت الحركة الحقوقية على دسترتها، دون إغفال الإشارة إلى الموجة الثالثة كالحق في البيئة والتنمية والحقوق الإعلامية والمعلوماتية والوصول إلى المعلومة.ولا يخفي الرميد ميله نحو لجم حداثة الوثيقة الدستورية التي أقرها المغاربة في استفتاء فاتح يوليوز، إذ لم يتردد وزير العدل والحريات، في القول بأن دستور 2011 ليس بنص مقدس أو قرآن منزل، بل هو خارطة طريق، مشددا خلال مداخلته الندوة التي نظمها طلبة ماستر شعبة «الحكامة القانونية والقضائية» بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية منتصف الماضي، على أن هناك إكراهات تمنع تطبيق كل المتقضيات الدستورية، وذلك بالنظر إلى واقع المحاكم سواء الابتدائية أو الاستئنافية بتراب المملكة وظروف عمل القضاة بها.الخطير في الأمر أن الأحزاب الأخرى، أغلبية ومعارضة، تبنت موقفا مهادنا، باستثناء، رفاق نبيل بنعبد الله في حزب التقدم والاشتراكية، الذين لم تمنعهم المشاركة في الحكومة من الانفاضة على المشروع بإبداء رفضهم لمضمون مسودة «الرميد» حول تعديل القانون الجنائي، داعين إلى إشراك تشاوري للجميع حول مضامين القانون الجنائي الجديد.كما دعا الحزب في بلاغ له توصل «الصباح» بنسخة منه، إلى اخضاع مسودة القانون الجنائي التي أعدتها وزارة العدل والحريات لتشاور مجتمعي موسع يمكن من إنضاج توافقات متينة حول مضامين القانون الجنائي الجديد، والتي يجب أن تشكل إضافة نوعية جديدة للمسار الذي اختارته بلادنا في مجال حماية الحقوق والحريات، الفردية والجماعية، وذلك في تناغم مع حماية حقوق المجتمع.وأكد الحزب في اجتماع للمكتب السياسي، بحر الأسبوع الجاري على أن المغرب في حاجة إلى قانون جنائي حداثي وتحديثي يعزز منظومة الجيل الجديد من الإصلاحات القانونية، وفقا لروح ومبادئ الدستور ومضامينه المتقدمة، وعلى أن القانون الجنائي يجب أن يكون تأسيسا على المبادئ والتوجهات الدستورية المتعلقة ببناء الدولة الديمقراطية العصرية، دولة القانون والمؤسسات.ياسين قٌطيب

الرميد يخنق الحقوق الدستورية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

التعديل المبتور

تجريم الإغراء والإكراه في الدين

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات