جدل حول مشاركة المغرب في حربين متتاليتين خارج الحدود لا أفق منظور، إلى حد الآن على الأقل، لـ"عاصفة الحزم" التي تشنها قوات تحالف دول الخليج والأردن منذ أسبوع، على معاقل حركة أنصار الله الحوثية الشيعية وميليشيات علي عبد الله صالح في اليمن، وسط ضباب كثيف من الجدل الذي انطلق من مواقع التواصل الاجتماعي، ويمتد، تدريجيا، إلى النخب السياسية والبرلمانية، في شكل نقاش حول جدوى هذه الحرب وأسبابها وغاياتها وسقفها الحقيقي، وعلاقة المغرب بها على وجه التحديد، ثم شرعيتها الدستورية، إذ ينص الفصل 90 على مداولة المجلس الوزاري والبرلمان في إشهار الحـــرب. إنجاز: يوسف الساكت تدمير الصواريخ البالستية للحوثيين مازالت ست مقاتلات مغربية تواصل طلعاتها فوق الأجواء اليمنية إلى جانب 30 مقاتلة إماراتية، و15 بحرينية، و15 مقاتلة كويتية، و10 مقاتلات قطرية، و6 مقاتلات أردنية، و3 أخرى من السودان، وطائرات وسفن حربية مصرية، من خلال عملية وصفت بالنوعية للقضاء على الأسلحة والصواريخ الباليستية الموجودة في حوزة القوات الحوثية والميليشيات التابعة للرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح، مع قطع الإمدادات اللوجيستيكية والتقنية عليها، وضرب البطاريات ومخازن السلاح وفرض انسحاب عليها من المدن والمناطق التي احتلتها في فترات سابقة.هذه الأهداف الميدانية لردع قوات "الشاب" عبد الملك الحوثي وعبد الله صالح، تجنبها البلاغ الرسمي اليتيم الصادر عن وزارة الخارجية الذي برر العملية العسكرية بالدفاع عن السعودية في خطاها لدرء أي سوء قد يطول أرضها أو يمس، من قريب أو من بعيد، الحرم الشريف أو يهدد السلم والأمن في المنطقة برمتها. حماية الشرعية اليمنية أفادت وزارة الخارجية والتعاون أن "المغرب قرر تقديم جميع أشكال الدعم والمساندة إلى التحالف من أجل دعم الشرعية في اليمن، في بعده السياسي والمعلوماتي واللوجيستيكي والعسكري"، وبذلك يعلن المغرب عن تضامنه الكامل والمطلق مع السعودية.وعزت الوزارة انخراط المغرب في التحالف العسكري العربي، إلى الاستجابة لطلب عبد ربه منصور هادي، الرئيس الشرعي للجمهورية اليمنية، ودعم الشرعية في اليمن، والتضامن مع مناصريها، والالتزام الموصول بالدفاع عن أمن السعودية، والحرم الشريف، وبقية دول مجلس التعاون الخليجي.وفسر المغرب نوع الدعم المقدم إلى السعودية، ممثلا في "وضع القوات الجوية الملكية المغربية الموجودة بالإمارات العربية رهن إشارة هذا التحالف، لإخراج اليمن من الأزمة التي يتخبط فيها والوضع الدامي الذي يجتازه، وكل مؤامرة خارجية تحاك ضده وضد الأمن الخليجي والعربي".ولم يفت وزارة الخارجية أن تلفت إلى "التطورات الخطيرة التي عرفتها الجمهورية اليمنية، والمتمثلة في استعمال القوة، والعنف، والإمعان في نسف مكتسبات الحوار الوطني اليمني، وضرب الشرعية"، معتبرة أن "هذه السلوكات تحمل مخاطر على نطاق واسع".التطرف يوحد الجهود الدولية تأتي مشاركة المغرب في قوات التحالف العربي لـ"تأديب" الحوثيين الشيعيين في اليمن، قبل أت تنتهي عمليات الطلعات الجوية العسكرية للتحالف الدولي ضد معاقل وتحصينات "الدولة الإسلامية في العراق والشام" ذات الامتدادات السنية، إذ تحدثت تقارير صحافية سابقا عن قرار المغرب تعليق مشاركته في الحرب ضد "داعش"، إلى جانب القوات الإماراتية، مباشرة بعد سحب الأخيرة لطائراتها إثر عملية الحرق الوحشية التي تعرض لها طيار أدرني.وتحدث تقرير أمريكي سابق عن انضمام مقاتلات مغربية إلى أسراب الطائرات الحربية للتحالف الدولي ضد "داعش"، موضحا أن المغرب كان آخر الدول الملتحقة بالتحالف العسكري الدولي، ضد أهداف التنظيم المتطرف في العراق والتراب السوري.وأكد التقرير أن المبادرة المغربية جاءت ردا على طلب مستعجل من قبل الإدارة الأمريكية باقتراح من كتابة الدولة الأمريكية في الدفاع، التي شددت على ضرورة توسيع دائرة الحرب الجوية لصد تقدم مقاتلي "داعش" في مواجهة الجيش العراقي وقوات البشمرغة على الأرض.هذه المشاركة المغربية في المهام الهجومية للحرب على داعش، سبقتها زيارة العمل التي قام بها أخيرا الجنرال دو كور دارمي، بوشعيب عروب، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة الجنوبية، إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وإجراؤه مباحثات مع الجنرال مارتن ديمبسي، رئيس هيأة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأمريكية، علما أن علاقة الجيشين وتحركهما المشترك تنظمهما العديد من الاتفاقيات الثنائية، وتؤطرهما اللجن العسكرية المشتركة التي تنعقد بشكل منتظم بالرباط وواشنطن، تشمل على الخصوص التكوين وتنظيم مناورات مشتركة ودعم التجهيزات العسكرية.وسواء تعلق الأمر بالحرب العربية في اليمن، أو المشاركة في التحالف الدولي ضد "داعش"، لا تعدم التحركات العسكرية المغربية خارج الحدود الانسجام المنطقي مع مقاربة بدأ المغرب يطلق عليها منذ أحداث 16 ماي 2003 اسم المقاربة الاستباقية للحد من امتدادات التطرف وإفشال المخططات الإرهابية في مهدها سواء في الداخل أو الخارج. قهر الإرهاب بقوة القانون يعتبر المغرب أن التنسيق والتعاون الاستخباراتي إقليميا وجهويا ودوليا وتقديم أشكال الدعم لجميع الإجراءات الاستباقية كفيلة بحماية الحدود المغربية من الخطر الإرهابي المتربص به من جميع المنافذ، سواء من جنوب الصحراء، أو من شرقه، عبر الحدود الجزائرية وعبرها الحدود الليبية الملتهبة، أو من شماله، عبر المجموعات الإرهابية الناشطة في أوربا أو العائدين من بؤر الجهاد بالشرق الأوسط.هذا التنسيق قد يصل، في بعض الأحيان، حد المشاركة في ضربات عسكرية موجهة تكون ضرورية في سياق هذه المقاربة الاستباقية، ومن ذلك المشاركة المغربية الضمنية في حرب فرنسا في مالي لوقف زحف المتطرفين الإسلاميين والدفاع عن الشرعية السياسية في البلاد، وبعد ذلك الحربين الجويتين في اليمن والعراق وسوريا ضد "داعش".داخليا، تواصل الأجهزة الاستخباراتية المدنية والعسكرية حربها الاستباقية على جميع الواجهات، آخرها الإعلان عن تأسيس مكتب جديد تحت اسم المكتب المركزي للأبحاث القضائية، المتخصص في التحقيق والتتبع لجرائم الإرهاب، وجرائم أمن الدولة، الذي يعد قاهرا للإرهاب بقوة القانون.فإضافة إلى العمليات الاحترازية في جميع مناطق الحدود والمواقع الإستراتيجية ونشر أسلحة وصواريخ مضادة للطائرات في أماكن بعينها، ونشر قوات عسكرية وأمنية تحت اسم "حذر"، نجحت مصالح الأمن في تفكيك حوالي 132 خلية إرهابية بين 2002 و2015، آخرها خلية أحفاد يوسف بن تاشفين. ومكنت عمليات التفكيك من توقيف 2720 شخصا وإحباط 276 مشروع عملية إرهابية، كما كان الإرهابيون يخططون للقيام ب119 عملية تفجير، وتنفيذ عمليات اغتيال بحق 109 شخصيات، وسبع عمليات اختطاف، فضلا عن 41 عملية سطو مسلح.