يتساءل البعض عن قانون التصريح بالممتلكات، وجدوى وجوده ضمن الترسانة القانونية المغربية، إذا لم يفعل بالشكل الصحيح، لتحقيق المتوخى من إحداثه، أمام ما نكتشفه كل يوم، بشأن الثراء الفاحش لبعض الخاضعين له، والذين يضعهم في دائرة الاتهام والمساءلة، خاصة أن ظروفهم المعيشية لا تمكنهم من الحصول على كل تلك الثروة. وبالرجوع إلى حيثيات القانون، نجده ينص على ضرورة تصريح الموظفين السامين والعموميين بممتلكاتهم مباشرة بعد تعيينهم أو تنصيبهم، حتى تكتشف الدولة حجم تطور غناهم، وتعرف مصادر ثرواتهم. والحقيقة أنه يمكن القول إن هذا القانون وضع بصيغة تسمح للمعني بأن يصرح بممتلكاته، وهو مطمئن بأن هذا التصريح سيوضع في رفوف الأرشيف، وأن لا أحد سيتتبع مساره أو حتى يقدر على ذلك، مادامت تقنيات وطرق الغنى متعددة، ولا يمكن لتصريح مثل هذا أن يكشفها بالطريقة التي صيغ بها. فالمعطيات المتوفرة تؤكد أن العديد من الأشخاص اغتنوا بمجرد دخولهم إلى دهاليز السلطة والسياسة والوظيفة العمومية، أي دون الحاجة إلى المكوث فيها طويلا، وهو ما يؤكد أن قانون التصريح بالممتلكات تم وضعه جانبا، أو ربما تم الاستغناء عن خدماته، خاصة أمام استفحال ظاهرة الثراء الفاحش وغير القانوني لمجموعة من الأشخاص وعائلاتهم، وما ساهم في ذلك بشكل كبير، رفض تمرير قانون الإثراء غير المشروع، الذي كان يمكن أن يوقف نزيف هذا الفساد. وبإلقاء لمحة بسيطة على القضايا التي تثار، بين الفينة والأخرى، أمام المحاكم، فإن حصة الأسد للمتابعين فيها تعود لمسؤولين في قطاعات معينة عمدوا إلى التغاضي عن النشاط الإجرامي للمتهم بشتى الطرق، مقابل حصولهم على رشاو، واستطاعوا أن يكدسوا ثروة مهمة من تلك العائدات، وحتى يتم التحايل على القانون، فإنهم يعمدون إلى تسجيلها في اسم الزوجة أو الأبناء، الذين يصبحون بقدرة قادر، ودون أي متاعب، من ذوي الأملاك. ونجد أن المشرع في مثل هذه الحالات يقف عاجزا، لتأكيد أن تلك الثروة من عائدات الرشاوي، التي كان يتلقاها المسؤول أو الموظف، وفي حالات أخرى، فإنه نظرا لحساسية الجهاز الذي ينتمي إليه، يتم الاكتفاء بمجرد الإحالة على التقاعد المبكر، وهو أضعف الإيمان. وتبقى الغاية من إحداث قانون التصريح بالممتلكات بعيدة عن التحقق، مادام الكل متأكدا أن تفعيله لن يخرج عن التصريح العقيم، الذي يدلي به الشخص في بداية مشواره العملي، ولن تكون هناك أي تبعات أخرى، خاصة أن التجارب أبانت أنه لم تتم مؤاخذة أي كان من قبل، بسبب ثرائه المشبوه من الجهات المكلفة بالمراقبة، ما يؤكد أن هناك إرادة ما لتعطيل تطبيقه، أو ما يعرف قانونا بـ "الإلغاء لعدم التطبيق". للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma