شساعة مساحتها وأحياؤها الهامشية شجعت عصابات المخدرات رغم جهود الدرك "الدروة إقليم برشيد...ليلها كنهارها، فالأمر سيان" عبارة تلخص الوضع المتردي لمدينة أصبحت قائمة بذاتها، لكنها لم تبلغ بعد التحضر المنشود، نتيجة فشل منتخبين في إخراجها من جلباب التهميش وفوضى العيش المشترك، أمام موقعها الجغرافي الذي يجعلها نقطة محاذية للعاصمة الاقتصادية وما يعنيه ذلك من تزايد عمراني وديمغرافي. بمجرد مبادرة الشخص الغريب عن المنطقة بتوجيه السؤال لبعض سكانها عن الطريق التي توصل إلى حي الوحدة ودوار الحجام، حتى يجيبه الشخص بعفوية "فين أوا غادي؟، رد بالك القضية خايبة تماك"، وهو الجواب الذي يكشف الوجه الآخر لمدينة تزاوج بين الطابع القروي والحضري المصاحب لنمو ديمغرافي ومشاكل اقتصادية واجتماعية وأمنية رغم مجهودات أمنية من قبل عناصر الدرك الملكي للدروة التي وجدت نفسها أمام عراقيل بنيات تحتية ومساحات شاسعة تحتاج إلى تعزيزات لمواردها البشرية. أحياء الرعب... محميات للمشتبه فيهم رغم عدد من المبادرات الرامية لعصرنة الدروة وتأهيلها لتكون في مصاف المراكز الحضرية، إلا أن الارتباك الذي تعرفه طريقة اشتغال المكتب المسير ورئيس الجماعة الذي يكتفي بتدبير محدود دون أن يمتلك رؤى وتصورات لحلول ناجعة على المستوى القريب والبعيد، جعلت المدينة أسيرة للعشوائية والفوضى في جميع مناحي حياتها اليومية، سواء في ما يخص البنيات التحتية المتهالكة التي تحتاج بخصوصها إلى من يترافع لاستقدام مشاريع تنموية مهمة سواء في ما يخص ملاعب القرب أو المراكز الصحية أو شبكة الطرق المتهالكة أو الأحياء الهامشية، وهي المعطيات السلبية التي تثير لعاب المشتبه فيهم للاستقرار والتحرك بعيدا عن أعين المصالح الأمنية. ويكفي القيام بزيارة فجائية لحي الوحدة ودوار الحجام المتاخم له للوقوف على حقائق مرعبة بعيدا عن مساحيق التجميل التي تحاول تزيين واقع مر، إذ يعتبر هذان الحيان من المناطق السوداء بإقليم برشيد، ومرتعا لتفريخ الجريمة بمختلف أصنافها، بسبب احتضانهما تجار المخدرات، ومقاهي تعتبر فضاء لتجمع ذوي السوابق والخارجين عن القانون، وهو ما شكل شبحا يقض مضجع السكان والزوار والمارة من مختلف الفئات والأعمار. ورغم أن مصالح الدرك تشن بين الحين والآخر، حملات أمنية واسعة تستهدف عددا من المشتبه فيهم بباقي الأحياء الأخرى، إلا أن الأحياء الهامشية أضحت محميات لتجار المخدرات والخمور وفضاء لتوفير حاجيات المدمنين. البنايات المهجورة والظلام..."كملات الباهية" اعتبار البنيات التحتية مشاتل لتفريخ الجريمة، لم يكن حكم قيمة أو وصفا قدحيا، إذ من خلال زيارة الدروة يظهر كيف تحولت البنايات المهجورة إلى مرتع لتجمع المشتبه فيهم وفضاء لترويج المخدرات وحيازة أسلحة بيضاء، وهي التجمعات المشبوهة التي تعتبر مسرحا لوقوع أحداث إجرامية، يستغل فيها الجانحون والجناة الظلام الدامس الناتج عن ضعف الإنارة العمومية بسبب الأعطاب التي تعانيها بعض الأعمدة الكهربائية وانعدام أخرى، في مشهد يجعل الزائر يتساءل "هل الدروة فعلا تنتمي إلى إقليم برشيد المنتمي بدوره إلى جهة البيضاء سطات؟". وحول "البزناسة" و"الكرابة" بعد تشديد الخناق عليهم من قبل المصالح الأمنية ببرشيد والبيضاء، نشاطهم المحظور إلى الدروة، إذ يعتمد المرجون على خطة التوافد على أزقتها المظلمة، بحثا عن فرصة لممارسة أنشطتهم المشبوهة، تفاديا للسقوط في أيدي مصالح الدرك التي تقوم بدورياتها ليل نهار، إلا أن الخطط الإجرامية المتمثلة في اختباء المشتبه فيهم في أماكن معزولة ومظلمة، تبقيهم في دائرة الأمان من المساءلة والاعتقال. ومن الأمور الخطيرة التي لا يمكن نكرانها، أن البنيات التحتية المهترئة تشكل عائقا أمام دوريات الدرك الملكي، وهو المعطى الذي استغلته عصابات المخدرات والسرقة للتربص بضحاياها والتحرش بالتلميذات والنساء المتوجهات إلى مقرات عملهن أو العائدات منها تحت جنح الظلام، حيث يتم استغلال الأماكن المظلمة والأماكن الخالية من الحركة الدؤوبة في واضحة النهار لارتكاب الجرائم بمختلف أنواعها بعيدا عن الأعين. وبما أن المصائب لا تأتي فرادى، فإنه من السلوكات التي وصفها سكان الدروة ب"المصيبة اللي كملات الباهية" تلك المتعلقة بتغول "فتوات" في الأحياء السكنية واستعراضهم عضلاتهم ضد كل من يشتكي سلوكاتهم غير السوية، وهم الذين ينتظمون ضمن باعة متجولين قرروا بسط سيطرتهم على الأزقة والشوارع واستباحة الملك العمومي في وضعيات تسبب الإزعاج للسكان وكبار السن والمرضى، وآخرون يقومون بسياقة العربات المجرورة بالدواب أو دراجات "التريبورتورات" سواء لترويج الخضر والفواكه أو لنقل الأشخاص في وضعيات تهدد حياة المواطنين، مستغلين البنيات التحتية السيئة والمتشعبة للفرار والاختفاء عن أنظار الدوريات الدركية، التي تجد أمام طرق مهترئة وأماكن خلاء، صعوبات في مواصلة مطاردات هوليودية يمكن أن تهدد السائقين والمارة. محمد بها