مازال ورش الحماية الاجتماعية لم يكتمل بعد، وسيكون على الحكومة الحالية التأكد من وضعه على سكته الصحيحة قبل نهاية ولايتها. لا يتعلق الأمر بالاستدامة المالية للمنظومة فقط، بل لابد من ركائز أخرى، لا تقل أهمية عن تعبئة الموارد المالية، وتنويع المصادر، وتوسيع الشراكات مع القطاع الخاص، وإنشاء صناديق استثمارية مخصصة لدعم التغطية الصحية والدعم الاجتماعي، مثل مباشرة إصلاحات تشريعية تعزز كفاءة جمع الاشتراكات، وتشديد الرقابة على التهرب من التسجيل، وتطوير أنظمة دفع مرنة تناسب الفئات ذات الدخل المنخفض، مع وضع آليات لترشيد النفقات وتقليص الهدر وضمان توجيه الموارد نحو الأولويات الحقيقية، حتى يتعزز التوازن بين المداخيل والمصاريف، ويقل الضغط عن الميزانية العامة. وحتى ينجح هذا الورش، ولكي لا يكون ترفا في مجتمع ينقصه الكثير، لا بد من العمل على تحسين وتيرة التنمية الاقتصادية، وتعزيز الفرص، إذ لا يمكن تجاوز التحديات والإكراهات المالية التي تواجه هذه السياسات، إلا من خلال رفع نسق النمو وتوسيع قاعدة العاملين المساهمين في النظام، فالتنمية تشكل المحرك الأساسي لتعبئة الموارد المالية اللازمة، سواء عبر زيادة الإيرادات الضريبية، أو تعزيز الاشتراكات الاجتماعية، الناتجة عن تحسين مستوى التشغيل، وقبل ذلك، وجب تحسين منظومة التكوين والتعليم لتكون قادرة على مسايرة الإيقاع التنموي. وسيساهم توفير فرص شغل في تقليص الاعتماد على الدعم الاجتماعي المباشر، بالنظر إلى أن تحسين الدخل الفردي والأسري يقلل من حجم الفئات الهشة، ويعزز قدرتها على المساهمة في تمويل التغطية الصحية والخدمات الاجتماعية، وهنا تبرز أهمية الاستثمار في القطاعات ذات القدرة التشغيلية العالية، مثل الصناعة والفلاحة المستدامة والتكنولوجيا وريادة الأعمال والمشاريع الصغرى، التي توسع قاعدة الاقتصاد المهيكل. ويجمع كل خبراء الاقتصاد الاجتماعي على خطورة وكبر حجم القطاع غير المهيكل، الذي يشكل 60 في المائة من القوى العاملة المغربية، ما يصعب مهمة توسيع قاعدة المستفيدين والمساهمين في منظومة الحماية الاجتماعية، وتحقيق التوازن الذي يتطلب اعتماد سياسات تحفيزية تشجع العاملين في هذا القطاع على التسجيل، وتقديم اشتراكات مخفضة أو مدعمة، مع تسهيل الإجراءات الإدارية عبر منصات رقمية، أو تطوير برامج تأهيل وتكوين مهني لتسهيل الانتقال إلى القطاع المهيكل، وتوفير شروط الاستقرار الاقتصادي. لكن ضخامة الإنجاز تستحق كذلك الاستثمار في تهيئة بيئة قانونية واقتصادية داعمة، مثل تخفيف الضرائب عن الأنشطة الناشئة، ما سيعزز استدامة التمويل ويحقق تكافؤ الفرص بين مختلف الفئات. للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma