تنفخ دنيا بطمة مؤخرتها، وتركب الطائرة في اتجاه لندن، بجسد نصف معاق، قد يعرضها، في أي لحظة، إلى الاعتقال وتحويلها إلى "سكوتلانديارد" (مقر الشرطة البريطانية)، بتهمة "التوزيع غير العادل للخيرات". تتباهى سليلة ناس الغيوان بلحمها وشحمها قرب قصر هامبتون كورت، وقلعة ويندسور، والقصر البرلماني (قصر ويستمنيستر) وقصر بكنجهام وساعة "بيغ بين"، دون أن "تثير" أي أحد في مجتمعات، قطعت، منذ وقت مبكر، مع "التبركيك" وحشر الأنف في شؤون الآخرين، والتدقيق في "أشيائهم" الخاصة، مهما كانت ثمينة وكبيرة وغليظة. وأتوقع أن تعود بطمة، كل ليلة، إلى غرفتها بالفندق، بخاطر مكسور، ونفسية متذمرة وحالة يرثى لها، لأن لا أحد من ملايين السياح الذين يتجولون في عاصمة الضباب، انتبه إلى وجهها، والأحرى إلى كتل الـ"سيليكون" التي تحشو بها أردافها ومؤخرتها، وهذه مشكلة في حد ذاتها. في المغرب، يفعل الكثيرون عكس ذلك، ويسيل لعابهم، بمجرد أن تمر من أمامهم امرأة تكتنز وراءها كيلوغرامات من اللحم المصطنع، ولا فرق هنا بين إنسان عاد، وبين فنان بمشاعر "مرهفة" من "طينة" رفيق بوبكر الذي كاد "يهم" بزميلته "طراكس" ذات "بوديوم" أمام أضواء كاميرات مصورين، لولا "القبض عليه" وثنيه في آخر لحظة. وليس وحده رفيق بوبكر من يستهويه "النفخ"، ويقرر التمسح به والتبرك به، فهناك الكثيرون الذين حولوا النفخ إلى عقيدة وأسلوب حياة، ولا يرتاحون في أسرتهم آخر المساء، إلا إذا تأكدوا من إنجاز المهمة على أحسن وجه. فكما تنفخ دنيا بطمة أماكن محددة من جسمها، (وهي حرة ولا أحد ينازعها هذا الحق المشروع)، فكذلك يفعل الكثيرون في "أشياء أخرى"، مع فارق أن من يحشون مؤخراتهم وصدورهم وأردافهم بالـ"سيليكون"، يؤدون مقابل ذلك من مالهم الخاص، في حين "ينفخ" الآخرون الصفقات العمومية والميزانيات والسفريات و"بونات" المحروقات و"التريتورات" والفواتير، ثم يتقاضون ملايين الدراهم من جيوبنا. وهكذا، وفي وقت تتعقب الكاميرات والأعين المؤخرات الطبيعية والاصطناعية، هناك من يستغل ذلك، لتكبير أرداف حساباتهم البنكية من المال العام و"تسمين" الضيعات والفيلات والعمارات من عائدات الريع والزبونية والرشوة، وتغليظ العقارات والأملاك داخل المغرب وخارجه، وبعضهم يلج الجماعات والمجالس والمؤسسات العمومية والحكومة بأجسام يأكل منها الطير، ويخرجون منها، غلاظا سمانا، بوجنات حمراء تقفز منها الدماء من أثر "الخير". فالنفخ نوعان: واحد ننتبه إليه، ونركز عليه، ونحاول أن نلمسه لنتأكد من وجوده، كما فعل رفيق بوبكر، وآخر مستتر لا يرى بالعين المجردة، يتم في الخفاء، وخارج الحواس، ولا أحد له الجرأة للاقتراب منه. والأحرى محاربته. للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma