شعبة بابتدائية فاس صادرت أملاك برلماني تجمعي ومسؤولين بمستشفى وعدد الملفات المدرجة في تصاعد صباح كل أربعاء ومرة كل أسبوعين تفتح القاعة 8 بابتدائية فاس، لاحتضان جلسات شعبة غسل الأموال واحدة من أربع محاكم مختصة محدثة بعد خروج قانون غسل الأموال للوجود قبل 18 سنة، لمحاكمة "مراكمي" ثروة وأموال مشكوك في مصدرها، ومصادرة أموال من لم تثبت سلامة غناه ومراحله، لفائدة الدولة والخزينة العامة. جلساتها مختلفة عن المألوف في ملفات الجنحي والجنائي وغيرهما. قاعة شبه فارغة إلا من كراس محدودة العدد كما رقم الملفات المدرجة أمام هيأة خاصة تدقق في "ثروة" ناهبي المال العام أو مراكميها من المخدرات والاتجار بالبشر وغيرها مما اشترطه القانون لقيام جنحة "غسل الأموال" ومساءلة من حاكمتهم غرف أخرى. إعداد: حميد الأبيض (فاس) 12 ملفا أدرجت في جلسة الأربعاء الماضي، يتابع فيها 51 متهما بغسل أموالهم، منهم موظفون وتجار مخدرات ومنتخبون بينهم برلماني تجمعي. تسعة منها حديثة التعيين في السنة الجارية، والباقي رائج منذ شهور. اثنان منها مدرجان للتأمل قبل أسبوعين وثلاثة منها فقط نوقشت وحجزت للتأمل والحكم في جلسة 26 فبراير الجاري. ملفات جاهزة سبعة ملفات تعذر تجهيزها للمناقشة في تلك الجلسة وأجل البت فيها بأسبوعين لإعداد الدفاع وإحضار متهمين معتقلين بالسجن واستدعاء المسرحين المتخلف أغلبهم تحت إشراف النيابة العامة، والباقي نوقش واستمع فيه للمتهمين ونسبة مهمة منهم يقضون عقوبات مدانين بها من محاكم مختلفة، ولمرافعة دفاعهم والنيابة العامة. أكثر الملفات الجاهزة عددا وحجما ذاك الخاص بسرقة أدوية ومستلزمات طبية من صيدلية مستشفى الحسن الثاني بفاس مدرج للمداولة. 20 متهما توبعوا فيه، ستة منهم حضروا وسابع أحضر من السجن والباقي حوكم غيابيا بجنحة غسل الأموال، بعدما أدانهم قسم الجرائم المالية، بعقوبات متفاوتة رفعت استئنافيا لاثنين منهم. وحده ممرض مختص في التخدير بالمستشفى، أحضر ولم ينه 5 سنوات حبسا نافذا مدان بها استئنافيا، وواجه جنحة غسل أموال راكمها كما باقي المتهمين حاولوا تبرير مداخيلهم من عملهم أو ما ورثوه، فيما أدلى دفاعهم بما يفيد مصدرها من رواتب أو غيرها، دون أن يقنع ذلك هيأة الحكم التي آخذتهم وصادرت ممتلكاتهم جميعا. هيأة الحكم برئاسة القاضي الراضي، أدانت كل واحد منهم بسنة واحدة حبسا موقوف التنفيذ و50 ألف درهم غرامة، وصادرت لفائدة الدولة ممتلكاتهم العقارية والمنقولة وحساباتهم البنكية المحجوزة والمملوكة لهم في حدود نسبة تملكهم والمكتسبة بعد 3 ماي 2007 تاريخ دخول قانون غسل الأموال إلى حيز الوجود. ورفعت بموجب القرار الصادر بعد أسبوعين من المناقشة، الحجز والعقل عن ممتلكاتهم العقارية والمنقولة المكتسبة قبل ذلك التاريخ، مشترطة ألا تكون محجوزة لسبب آخر، كما متهم هم الرفع والعقل 11 عقارا له، وآخر شمل رفع العقل 4 عقارات له، مقابل عقارين لثلاثة متهمين آخرين توبعوا بدورهم في حالة سراح. البرلماني قشيبل ثاني أقدم ملف معروض أمام الشعبة، عين في 8 غشت الماضي بقرار من قاضي التحقيق في المحكمة ذاتها. وخص نور الدين قشيبل البرلماني التجمعي بدائرة غفساي قرية با محمد رئيس جماعة مولاي عبد الكريم، الذي برأه قسم جرائم الأموال الابتدائي من تهم "اختلاس وتبديد أموال عمومية والارتشاء ومحاولة ذلك". ست جلسات مرت لم يجهز فيها الملف لأسباب مختلفة بينها الغياب المتكرر للمتهم الوافد على حزب "الحمامة" من العدالة والتنمية، رغم استدعائه بكل الطرق القانونية وتحت إشراف النيابة العامة وبواسطتها قبل إمهال دفاعه وتعهده بإعلامه للحضور، ومناقشته قبل أسبوعين من هذه الجلسة التي نطقت فيها المحكمة بحكمها ضده. لم يختلف حكم الشعبة على هذا البرلماني في كامل مقتضياته عن ذاك الصادر في ملف سارقي أدوية ومستلزمات مستشفى فاس وأدين بسنة واحدة حبسا موقوف التنفيذ و5 ملايين سنتيم غرامة مع الصائر والإجبار في الأدنى. جميع حساباته البنكية المحجوزة إبان تحريك هذا الملف، صادرتها المحكمة لفائدة الخزينة العامة. وصادرت كل الممتلكات العقارية والمنقولة المحجوزة والمملوكة له في حدود نسب تملكه لها، سيما المكتسبة منها بعد خروج قانون غسل الأموال إلى حيز الوجود قبل 18 سنة. ورفعت الحجز والعقل عن الممتلكات المنقولة والعقارية المكتسبة قبل هذا التاريخ، "ما لم تكن محجوزة لسبب آخر"، بموجب قرار ابتدائي استأنفه دفاعه. صدمة المصادرة مضى نحو شهر على فرحة البرلماني التجمعي بحكم لقسم جرائم الأموال برأه من تهم الاختلاس والتبديد والارتشاء واستأنفته النيابة العامة، وتنفس معه الصعداء بعد شهور من التحقيق والمحاكمة، بعدما جرته نائبته وزميلته في الحزب نفسه، للقضاء، إثر شكاية للوكيل العام قدمت فيها تفاصيل خروقات في تدبيره لجماعة مولاي عبد الكريم. فرحته لم تدم قبل صدمة المصادرة لأملاك وثروة راكمها وأدلى دفاعه بملف ضخم حول مصدرها ورقم شركاته ومعاملاته وحجم أرباحه السنوية، ملتمسا من هيأة الحكم إصدار حكم تمهيدي بإجراء خبرة محاسباتية تعهد لخبير مختص للتثبت من كل مصادر أمواله وعقاراته المملوكة والمنقولة، تعهد بأداء أتعابه، ما رفضته المحكمة. استحضر الدفاع حكم تبرئة جنايات فاس لجرائم الأموال لموكله، ملتمسا في مرافعته طريق براءته من جنحة غسل الأموال، كاشفا وثائق ومستندات كثيرة. وأشار إلى استحالة إدانته بهذه الجنحة، اعتبارا لأنه برئ من الفعل الأصل المتعلق باتهامه بالاختلاس والتبديد أحد شروط قيام هذه الجريمة المحقق فيها تزامنا مع إحالة الملف الأول. ورافع ممثل الحق العام ملتمسا الإدانة والمصادرة، معتبرا جريمة غسل الأموال مستقلة عن الاختلاس والتبديد، فيما اقتنعت المحكمة بذلك وصادرت أملاكه وحساباته لفائدة الدولة والخزينة العامة، على غرار نسبة كبيرة من الملفات المماثلة المحالة عليها بشكل متزامن مع تحريك المتابعة في حق المتهمين أو بعد صدور أحكام. تحقيق مطول قبل أكثر من سنة أصدرت النيابة العامة بفاس، أمرا بحجز وعقل كل الممتلكات العقارية والمنقولة والحسابات البنكية لهذا البرلماني، بعد إحالة ملفه على قاضي التحقيق بالغرفة الثالثة المكلف بمثل هذه الجرائم، لتنطلق منذ 22 نونبر 2023، حلقات مسلسل التحقيق معه في حالة سراح في ملف تحقيق يحمل رقم 25.23. شبهة تبييض أموال مكتسبة لاحقته شهورا قبل متابعته وإحالة ملفه، صيف السنة الماضية، على شعبة غسل الأموال، ما وجد معه نفسه مطالبا بتبرير مصدر أمواله ومختلف عقاراته ومداخيل عدة شركات يملكها، نسبة مهمة منها متخصصة، سيما في مجالات تكنولوجيا الفلاحة والاتصالات، موازاة مع محاكمته بتهم الاختلاس والتبديد والارتشاء. البرلماني المساءل حول مصدر ثروته، يملك شركة اتصالات هاتفية يوجد مقرها بشارع فيكتور بالمقاطعة 15 بالعاصمة الفرنسية باريس، أسسها قبل نحو 6 سنوات، باسم شركة أم نفسها يوجد مقرها الإداري بسلا، إذ سوئل حولها وعدم تسجيلها أي نشاط فعلي بفرنسا وما يحوم حول ذلك من شبهات "تهريب أموال". المحكمة وقبلها قاضي التحقيق، دققا معه حول الاشتباه في استغلاله نفوذه ومنصبه رئيسا للجماعة، سيما ما تعلق باتهامه من قبل نائبته التجمعية، ب"تبعية الجماعة لشركاته" و"تدخل مستخدميها في تسيير شؤون الجماعة" و"ارتكاب خروقات في تفويت الصفقات لمقاولات مقراتها بسلا والرباط والحسيمة، بأثمنة مبالغ فيها". قناعة المحكمة راكم المتهم أموالا في فترة زمنية وجيزة، استنادا إلى تقارير وحدة معالجة المعلومات المالية وحجم معاملات مالية عرفتها حساباته وأمواله العقارية والمنقولة، اعتبرها دفاعه في مرافعته، أمرا عاديا مراعاة لعدد شركاته والمداخيل الشهرية منها، ورأت هيأة المحكمة أنها لا تتماشى مع طبيعة نشاطه والمهن التي صرح بتعاطيها. ورجحت احتمال أن تكون تلك المبالغ والممتلكات من مردود نشاط محظور لعدم وجود مؤشرات اقتصادية على أنشطته الفعلية لا تتناسب مع الحركات المالية التي يقوم بها، بينما سجلت النيابة العامة وجود اختلاف في نسبة مهمة من المعاملات المالية، بشكل غير طبيعي ومبرر مع الأنشطة التي سبق أن صرح بممارسته لها. واقتنعت المحكمة بأن العناصر التكوينية لجنحة غسل الأموال، ثابتة في حق المتهم، اعتبارا لعدم إثبات مصدر الثروة وعدم الإدلاء بما يفيد ذلك وما راكمه من ممتلكات وأملاك عقارية وأرصدة مالية لا توازي حجم النشاط، ما يتعين معه مؤاخذته لأجلها طبقا لمبدأ حرية الإثبات في المجال الزجري، قائلة بمصادرة ممتلكاته. و آخذت هيأة الحكم المتهم وعاقبته بالحبس موقوف التنفيذ والغرامة، ومصادرة ممتلكاته، مؤكدة أن ذلك لا يتحقق قانونا إلا بخصوص أفعال صدرت عنه أو أموال اكتسبها بعد دخول قانون غسل الأموال حيز التنفيذ، رغم تبرئته في الجريمة الأصلية أمام جرائم الأموال، اعتبارا لأن جريمة غسل الأموال جريمة مستقلة عن تلك الأصلية. ولا تشترط أحكام القانون 43.05 تحريك الدعوى العمومية بخصوص الجريمة الأصلية لأجل متابعة الجاني بجريمة غسل الأموال مع ما يترتب عن ذلك من آثار قانونية، واعتبر المشرع أن مرد اعتماد الجريمة الأصلية لقيام جريمة غسل الأموال، أن توفر الجريمة الأصلية ووقائعها "يعتبر أداة ووسيلة للاشتباه في ارتكاب جريمة غسل الأموال". ثلاثة أسئلة: تنوع شروط قيام الجريمة في أي قالب قانوني يمكن أن نؤطر جريمة غسل الأموال؟ تؤطر المادة 1/574 من القانون الجنائي، جنحة غسل الأموال، ولا يمكن تصورها إلا من خلال ارتكاب أفعال يحددها هذا الفصل ويتم ارتكابها عمدا وعن علم. وتتحقق باستبدال أو تحويل أو نقل ممتلكات أو عائداتها بهدف إخفاء أو التمويه على طبيعتها الحقيقية أو مصدرها غير المشروع، لفائدة الفاعل أو لفائدة الغير، لما تكون متحصلة من إحدى الجرائم المنصوص عليها في الفصل 2-574 وما بعده. وتخص أيضا اكتساب أو حيازة أو استعمال ممتلكات أو عائداتها لفائدة الفاعل أو لفائدة الغير، أو إخفاء أو تمويه الطبيعة الحقيقية للممتلكات أو مصدرها أو مكانها أو كيفية التصرف فيها أو حركتها أو ملكيتها أو الحقوق المتعلقة بها لفائدة الفاعل أو لفائدة الغير، مع العلم أنها متحصلة من إحدى الجرائم المنصوص عليها في الفصل 2-574 من القانون الجنائي وما بعده. ما هي قائمة الجرائم الأصلية التي تنطبق عليها هذه الجنحة؟ يؤطر الفصل الثاني من المادة 574 من القانون الجنائي، قائمة الجرائم الأصلية التي تتحصل منها الأموال. ويسري التعريف الوارد في الفصل الأول من المادة نفسها، على عدة جرائم، منها الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية والاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين والاتجار غير المشروع في الأسلحة والذخيرة والرشوة والغدر واستغلال النفوذ والجرائم الإرهابية واختلاس الأموال العامة والخاصة وتزوير أو تزييف النقود وسندات القروض العمومية ووسائل الأداء الأخرى. وتسري أيضا على جرائم الاستغلال الجنسي وإخفاء أشياء متحصل عليها من جنحة أو جناية وخيانة الأمانة والانتماء إلى عصابة منظمة أنشئت أو وجدت للقيام بإعداد أو ارتكاب فعل إرهابي أو أفعال النصب، كما الجرائم التي تمس بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة والجرائم المرتكبة ضد البيئة وغيرها. هل من شروط أخرى لقيام جريمة غسل الأموال؟ طبعا هناك جرائم أخرى تتوفر معها شروط قيام هذه الجنحة، ومنها الاختطاف والاحتجاز وأخذ الرهائن والسرقة وانتزاع الأموال وتهريب البضائع والغش فيها وفي المواد الغذائية والتزييف والتزوير وانتحال الوظائف والألقاب أو الأسماء أو استعمالها بدون حق، وكذا في القتل العمدي أو العنف أو الإيذاء العمدي، وتحويل الطائرات أو السفن أو أي وسيلة أخرى من وسائل النقل أو إتلافها أو إتلاف منشآت، كما الملاحة الجوية أو البحرية أو البرية أو تعييب أو تخريب أو إتلاف وسائل الاتصال. وتسري شروط توفرها كذلك على المس بنظم المعالجة الآلية للمعلومات والحصول أثناء مزاولة مهنة أو القيام بمهمة على معلومات متميزة واستخدامها لإنجاز، أو المساعدة عمدا على إنجاز عملية أو أكثر في السوق، ونشر معلومات كاذبة أو مضللة حول الأدوات المالية وآفاق تطورها، إلى جانب ممارسة التحايل في سوق الأدوات المالية للتأثير في أسعار البيع، أو تقديم خدمات بشكل هرمي، أو بأي طريقة أخرى مماثلة. (محام بهيأة فاس)