قنوات يسيرها بالغون وترتكز على صغار السن في صناعة المحتوى ظهر في السنوات القليلة الماضية نوع جديد من قنوات صناعة المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي، والجديد أن هذه القنوات لا تقدم محتوى الأطفال كما كان في السابق، بل تستخدم الأطفال في صناعة محتوى للكبار، الأمر الذي يطرح مخاوف الاستغلال. وانتبه البعض إلى أن الأطفال لديهم قبول على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة عندما يخوضون في مواضيع أكبر من سنهم الطبيعي، ما يجعل المتلقي منبهرا بتلك الشخصيات، وتحقق هذه القنوات أرباحا مهمة. وغالبا ما يكون القائمون على تلك القنوات والصفحات أشخاصا بالغين، من أسرة الطفل أو أحد أقاربه، إذ يقوم هذا البالغ بتصور فكرة المقطع، ويكتب للطفل النص أو السيناريو الذي سيردده أو يمثله، كما يتكلف بالنشر وإدارة القناة والتواصل مع شركات الإشهار وإدارة الموقع الذي ينشط عليه. ويظهر الأطفال في الواجهة، ويعتقد كثيرون أن هؤلاء الأطفال من يفكرون في مواضيع المقاطع، ما يزيد من انبهار المتلقي، لكن في الواقع يكون الطفل بمثابة مقدم نشرة الأخبار، لأن سنه وفهمه لا يرقيان إلى إدارة قناة والتعامل مع المشاكل الكثيرة التي ترافقها. وتحقق هذه القنوات المتخصصة أحيانا في الكوميديا أو الرياضة أو المسابقات أو غيرها أرباحا مهمة، بالنظر إلى عدد المشاهدات، الأمر الذي يحيل على شبهات الاستغلال، إذ أن البعض يمكن أن يدفع الطفل إلى قول أمور أو تمثيل مشاهد لا يعلم خطورتها. ومن الأمثلة على هذه المشاهد الخطيرة، ما يقوم به بعض الأطفال من حركات رياضية خطيرة أحيانا، وفي مناطق لا تسمح بممارستها، ما يهددهم بكسور أو إصابات عضلية. وهناك أيضا من يسمح للطفل بالتفاعل مع تعليقات المشاهدين، وهو أمر في غاية الخطورة أيضا، إذ تكون هناك تعليقات غير مناسبة، أو اقتراحات لتصوير مشاهد مجنونة، الأمر الذي يمكن أن يدفع الطفل إلى القيام بأمور خطيرة بحثا عن إرضاء المشاهدين. وتوجد نوعية يمكن القول إنها آمنة نسبيا، ويتعلق الأمر بالمؤثرين الذين يستعينون بإخوانهم الصغار، ويحضرون معهم تسجيل المقاطع، ويكون الأخ الأكبر حريصا على أخيه، أو الذين يستعينون بأبنائهم، سواء تعلق الأمر بالنساء أو الرجال، غير أن هذا الأمر يبقى محفوفا بالمخاطر. وتغفل القوانين الوطنية وربما الدولية تأطير هذه العملية، بسبب انفجار شركات التواصل الاجتماعي في وقت قصير، لم تتمكن معه القوانين من مواكبة هذا التطور، إذ ليس هناك سن معينة للنشاط على تلك المواقع، إلى جانب غياب نصوص قانونية تحدد بشكل دقيق، ما يجوز فعله وما ينبغي تجنبه. عصام الناصيري