حول درس الرياضيات إلى مسرحيات ولعب لتسهيل استيعاب تلاميذه لهذه المادة لم يتوج المعلم مسعود عربية بجائزة أحسن معلم في العالم في مسابقة "غلوبال تيتشر أواردز" المنظمة بنيودلهي الهندية، صدفة ولا كان طريقه لذلك مفروشا بورود بلا أشواك مثبطات وعراقيل موضوعية قد تحد من الطموح أو تفرمل رغبة تحقيقه، بل جاء تتويجا لمجهود وتجربة رائدة قادته لأعلى سلم نجاح وتميز تعليمي عالميا. تفوق مسعود المعلم بمجموعة مدارس ابن عاشر بمديرية تارودانت، على مئات المتبارين من مختلف دول العالم على الجائزة التي تنظمها المنظمة العالمية "أي كي إس" الشركة الرائدة في مجال التعليم. وتميز عليهم ليحافظ المغرب على هذه الجائزة وفازت بها في 2023، فاطمة الزهراء المهدون أستاذة الفلسفة بخميس الساحل. تفوقه بناه تدريجيا منذ ولوجه سلك التعليم، وثبته ببرنامجه المتوج "رياضيات للأطفال" بعدما حول مادة النشاط العلمي في الابتدائي، إلى مسرحيات في 3 فصول يقدم كل واحد منها في ساعة إلا ربعا، لمستويين دراسيين تقدم لتلاميذهما المفاهيم الرياضية بطريقة سهلة وسلسة وممتعة تساعد على تلقيها بالجودة والسرعة اللازمتين. "مات كيدز" أو "رياضيات الأطفال" مشروع اشتغل عليه مسعود طويلا في سنوات حول معها المادة من "بعبع" مخيف للتلاميذ كما ينظرون إليها، إلى مادة ولعبة يحبذونها ويقبلون عليها ويفهمونها أكثر عبر تلك المسرحيات، مساهمة منه في تسهيل تعلمها عبر اللعب، سيرا منه على تجربته في المجال المسرحي مبدعا معروفا. ويقول مسعود الذي اشتغل في عدة مدارس ابتدائية بمناطق وأقاليم مختلفة، إنه كرس مساره التعليمي لتحسين ظروف التعلم وتطويرها وتحبيب المادة لتلاميذه أينما حل وارتحل، مشيرا إلى اعتماده مقاربة ممتعة لا تخلو من فرجة وتحصيل لمختلف مفاهيم مادة الرياضيات بشكل جعلهم يحبونها ويقبلون عليها بعد الاعتماد على اللعب. وبذلك أصبح درس الرياضيات مناسبة للإبداع المسرحي ليس للترفيه فقط، بل لتعلم ناجع بطريقة اعتبرها مسعود "أداة تعليمية قوية قادرة على تعزيز كفايات التلميذ وتحفيزه على التعلم"، ما غير نظرة التلاميذ لمادة، طالما استعصى على كثيرين منهم، فهم قواعدها وإنجاز تمارينها بالسهولة اللازمة بطريقة تدريسها التقليدية. تتويج مسعود عربية زاد من محبة أصدقائه وزملائه له فاستقبلوه بحفاوة بمكان عمله، اعترافا منهم بمجهوده وتفوقه في واحدة من أشهر جوائز تطوير التعلم العالمية بما يسهم في بناء مجتمع أكثر إلهاما للأجيال القادمة، عبر تقديم مساهمات ملموسة يستفيد منها التلميذ والبرامج التعليمية سيما داخل الفصل الدراسي أينما كان. تتويج مسعود عربية عالميا، ليس الأول ولا الأخير في مساره التعليمي، بعدما تفوق في فترات سابقة سيما في مجال المسرح المدرسي، وهو الحاصل على الجائزة الكبرى في المهرجان الوطني للمسرح المدرسي بفاس عن مسرحيته "الصخرة والصرخة" وجائزة أحسن إخراج في المهرجان الوطني بطنجة عن مسرحية "قاضي الفئران". وفاز عن مسرحية "المعدة في قفص الاتهام" التي أبدعها، بجائزة أحسن ممثلة وأفضل سيناريو في المهرجان الوطني للمسرح المدرسي، كما حصل على جائزة محمد الجم في المهرجان الوطني بالرباط عن مسرحية "صانع الألعاب" التي مثلت المغرب أيضا في تظاهرات عربية مختلفة خاصة في دولتي الأردن وتونس. وعادت جائزة الجم لأحسن نص وسيناريو قبل 6 سنوات أيضا له عن مسرحيته "عزة ومعزوزة". ولم يقف طموحه عند ذلك الحد، بل توج في مهرجانات أخرى على غرار المهرجان الوطني بفاس والرباط والبيضاء، إذ فاز فيها بجوائز مختلفة عن مسرحيات أخرجها ومنها "كاميرا كيدس" و"رقصة الدجال" و"قاضي الكتاكيت" و"حكمة الطبيعة". ومن أشهر المسرحيات المدرسية التي أبدعها مسعود عربية في مساره، "حينما تغضب الزوايا و"صانع الألعاب" و"قوم قرقبيس" و"عزة ومعزوزة" و"رحلة دمية"، فيما ألف فيلمي "أحلام" و"7.30" دون أن يتوقف طموحه ورغبته وسعيه لتطوير نفسه وقدراته عبر الاستفادة من تكوينات داخل الوطن وخارجه سيما بالإمارات. في هذا البلد وصل مسعود للمراحل النهائية في منافسة كتاب عالميين في التأليف التربوي، وبها استفاد من دورة تكوينية في الألعاب الدرامية عند الطفل نظمتها مؤسسة الشارقة، بينما شارك في دورة مماثلة بتركيا حول الألعاب البيداغوجية للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، قبل أن يتوج أخيرا بجائزة أحسن معلم في العالم. حميد الأبيض (فاس)