بقلم: صلاح الدين شنقي (*) لأجرأة مضامين الخطاب الملكي للعرش لـ 2022، سيوجه جلالة الملك رسالة سامية إلى رئيس الحكومة، في موضوع مراجعة مدونة الأسرة، وقد مثلت هذه الخطوة نوعا من التجديد والتغيير في أدوات الاشتغال المعتادة في مثل هذه الأوراش المجتمعية الكبرى. وللإحاطة بمضمون الرسالة الملكية، نقترح معالجتها من خلال المداخل الآتية: 1 - مدخل المسوغات الداعية إلى مراجعة مدونة الأسرة، والتي حددتها الرسالة الملكية في "فقد مر على صدور مدونة الأسرة ما يقارب عقدين من الزمن. هذه المدونة التي كانت محل ترحيب مجمع عليه، اعتبارا لما حققته من مكاسب على مستوى النهوض بحقوق المرأة، وصون حقوق الأطفال، والحفاظ على كرامة الإنسان، ودعم دولة الحق والقانون، وبناء المجتمع الديمقراطي، في احترام تام لشريعتنا الإسلامية الغراء، ومراعاة للتطور الذي عرفه المجتمع المغربي. ورغم ما جسدته من مميزات، وما أفرزته من دينامية تغيير إيجابي، من خلال منظورها للمساواة والتوازن الأسري، وما أتاحته من تقدم اجتماعي كبير، فإن مدونة الأسرة أضحت اليوم في حاجة إلى إعادة النظر، بهدف تجاوز بعض العيوب والاختلالات، التي ظهرت عند تطبيقها القضائي، ومواءمة مقتضياتها مع تطور المجتمع المغربي ومتطلبات التنمية المستدامة، وتأمين انسجامها مع التقدم الحاصل في تشريعنا الوطني". 2 - مدخل آلية مراجعة مدونة الأسرة، والتي حددت الرسالة الملكية تشكيلها والأسباب الداعية إلى ذلك "واعتبارا لمركزية الأبعاد القانونية والقضائية لهذا الموضوع، فقد ارتأينا أن نسند قيادة عملية التعديل، بشكل جماعي ومشترك، لكل من وزارة العدل، والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ورئاسة النيابة العامة. وفي هذا الإطار، ندعو هذه المؤسسات لأن تشرك بشكل وثيق في هذه العملية الهيآت الأخرى المعنية بهذا الموضوع بصفة مباشرة، وفي مقدمتها المجلس العلمي الأعلى، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والسلطة الحكومية المكلفة بالتضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة". 3 - مدخل منهجية عمل آلية مراجعة مدونة الأسرة "واعتبارا للطبيعة الخاصة لقانون الأسرة، الذي يهم جميع المواطنات والمواطنين، وبالنظر لأهمية ما ينطوي عليه الأمر من رهانات، فإنه ينبغي الانفتاح أيضا على هيآت وفعاليات المجتمع المدني، من خلال اعتماد مقاربة تشاركية واسعة". وعلى هذا الأساس، فإن ما سيتم اقتراحه من تغييرات وتعديلات، يجب أن يأخذ بعين الاعتبار خلاصات الاستشارات الواسعة، وجلسات الاستماع المحكمة، التي ستنظم على الخصوص مع النسيج الجمعوي المعني بحقوق الإنسان، وحقوق المرأة والطفل، وكذا مع القضاة، والباحثين الأكاديميين، وباقي الممارسين في ميدان قانون الأسرة. وإننا لننتظر أن تتم بلورة نتائج هذه اللقاءات، في شكل مقترحات تعديلات، يتم رفعها إلى نظرنا السامي، بصفتنا أمير المؤمنين، والضامن لحقوق وحريات المواطنين، في أجل أقصاه ستة أشهر، قبل إعداد الصيغة النهائية، التي سيتم عرضها على مصادقة البرلمان. 4 - مدخل المرجعيات المؤطرة للمراجعة، والمحددة في "... ومن هذا المنطلق، فإن المرجعيات والمرتكزات تظل دون تغيير. ويتعلق الأمر بمبادئ العدل والمساواة والتضامن والانسجام، النابعة من ديننا الإسلامي الحنيف، وكذا القيم الكونية المنبثقة من الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب. وإننا واثقون بأن إعمال فضيلة الاجتهاد البناء، هو السبيل الواجب سلوكه لتحقيق الملاءمة بين المرجعية الإسلامية ومقاصدها المثلى، وبين المستجدات الحقوقية المتفق عليها عالميا". 5 - مدخل الضوابط الموضوعة للمراجعة، والتي تمت إعادة التذكير بها من قبل الرسالة الملكية، وفق ما يلي "وكما أكدنا أكثر من مرة، فإننا، بصفتنا أمير المؤمنين، لا يمكننا أن نحل ما حرم الله ولا أن نحرم ما أحله جل وعلا. وطبقا لأحكام الفصل 78 من الدستور، فإن الحكومة مخولة لاتخاذ المبادرة التشريعية، في هذا الشأن، وهي التي يعود لها أمر القيام بهذه المهمة". (*) برلماني