رحيل رائد المسرح والسينما والتلفزيون الذي بدأ مساره عالميا مع موليير غيب الموت أول أمس (السبت) الفنان والممثل محمد الخلفي، عن سن ناهز السابعة والثمانين، بعد صراع مع المرض، والإهمال، ليضع الرحيل نقطة النهاية في مسار طويل من المعاناة التي عاشها هذا الفنان خلال السنوات الأخيرة من عمره، ويقطع الطريق عمن حاول الاسترزاق بوضعه الصحي حتى وهو على فراش الموت. لم يعد الجيل الجديد يذكر من محمد الخلفي، سوى مشاهد البؤس والمعاناة لفنان آثر أن يبتعد عن الأضواء في شموخ وكبرياء، حتى جيل الأمس القريب بالكاد يحتفظ له بدور "قدور بنزيزي" في السلسلة التلفزيونية الشهيرة "لالة فاطمة"، في الوقت الذي كاد يطوي النسيان التاريخ الفني الحافل للرجل، والذي كان زاخرا بأدوار وازنة رسخت اسمه في مجال التشخيص في المسرح والتلفزيون والسينما. كان الراحل محمد الخلفي ابنا شرعيا لبيئة درب السلطان، حيث نشأ وترعرع وتشبع بعشق الفن وسط مجال كان يعج بالفرق المسرحية، والقاعات السينمائية التي خصبت خيال أجيال من أبناء هذا الحي الشعبي البيضاوي العريق، ورمت بالكثير منهم في أحضان الفن. وضع الخلفي أولى خطواته الكبرى على الركح، من باب العالمية، على مسرح "سارة برنار"، حيث قدم رائعة موليير "طبيب بالرغم منه" سنة 1958 ضمن فعاليات المعرض العالمي لبروكسيل في أول دورة له الذي مثل فيه بحضور ولي العهد آنذاك الأمير مولاي الحسن وكبار الزعماء السياسيين والنقابيين المغاربة المهدي بنبركة وعبد الرحيم بوعبيد والمحجوب بن الصديق. وخلال المرحلة نفسها واصل محمد الخلفي اشتغاله في المسرح الذي بدأه هاويا سنة قبل ذلك، رفقة الراحلين الطيب الصديقي وأحمد الطيب لعلج، قبل أن يعزز اشتغاله نهاية الخمسينات وبداية الستينات من خلال تأسيسه فرقتي "المسرح الشعبي" ثم "فرقة الفنانين المتحدين" اللتين كانتا مشتلا تخرجت منه عشرات الأسماء الفنية. كما كان الخلفي من أوائل الوجوه التلفزيونية، التي أطلت على المشاهد المغربي لحظة ظهور التلفزيون بالمغرب سنة 1962، من خلال أول مسلسل بوليسي بعنوان "التضحية" ثم مسلسل "بائعة الخبز" وغيرها. ووقع الخلفي على حضور وازن في السينما عبر أعمال من قبيل " أوشتام" للمخرج الراحل محمد اسماعيل الذي جسد فيه دور شخص أعمى وكسيح، و فيلم "هنا ولهيه" مع المخرج نفسه وفيلم "أيام شهرزاد الجميلة" لمصطفى الدرقاوي مع نعيمة لمشرقي وفريد بلكاهية وعبد الوهاب الدكالي ومريم فخر الدين و"الصمت اتجاه ممنوع " للمخرج الراحل عبد الله المصباحي مع عبد الوهاب الدكالي وعبد الهادي بلخياط وعائشة ساجد وعبد القادر البدوي و فيلم "الضوء الأخضر" من توقيع المخرج نفسه مع نجوم عمالقة السينما والدراما المصرية، مثل فريد شوقي ويحيى شاهين وليلى طاهر إلى جانب كبار الفنانين المغاربة من أمثال الراحل حسن الصقلي و مصطفى الزعري، و"الوتر الخامس" تحت إدارة المخرجة سلمى بركاش. كما كان حضور الخلفي في التلفزيون في أعمال مثل مسلسل "بوعزة الحكيم " ومسلسل " لابريكاد" لمخرجه عادل الفاضلي، وعربيا شارك في مسلسل "ملوك الطوائف" تحت إدارة المخرج الراحل حاتم علي، وقبل ذلك في المسلسل اللبناني الشهير "الصمت"، والعديد من الأفلام التلفزية منها "الدم المغدور" لعادل الفاضلي قبل أن يتألق في سيتكوم "لالة فاطمة" رفقة الراحلين عزيز سعد الله وخديجة أسد وعبد القادر لطفي وخديجة جمال. عزيز المجدوب