ملف المنعش العقاري وابنه المعروضان على النيابة العامة بالبيضاء رفقة عدد من الموظفين العموميين، في قضية ما بات يعرف بتزوير التصاميم، يحبل بالعديد من علامات الاستفهام، كما تحمل محاضره وفق ما تسرب من معلومات، آليات جديدة لاستبعاد التهم وتقنيات حديثة قديمة، لإتلاف الأدلة والتنصل من قيمتها في إثبات الوقائع. فتزوير التصاميم، الذي فضحته التحقيقات ورط أكثر من جهة، في واحد من ملفات الفساد الإداري، بل إنه ينذر بأنه الشجرة التي تخفي الغابة، وأنه بإجراء تمشيط لمختلف المشاريع العمرانية التي نبتت في العقدين الأخيرين، سيقف المدقق، ليس فقط على تزوير التصاميم وإضافة طوابق، بل سيجد نفسه أمام فسيفساء من الفساد في التعمير، شملت السكن الاقتصادي والاجتماعي والمتوسط وعالي الجودة، ويجد أن تصاميم حددت مواقف السيارات، تحولت إلى بنايات، وأن عمارات أنجزت دون مواقف للسيارات عكس ما خطط له في تصاميم التهيئة وخرائط المهندسين، التي بنيت عليها التراخيص، بل يقف على أن مساحات خضراء تحولت إلى مرافق أو بنايات وعلى أن شهادات التسليم النهائي للأشغال ونظيرتها المتعلقة بالسكن منحت بعد الإدلاء بوثائق جديدة مغايرة لسابقتها منتجة الرخص. المضحك المبكي، في ملف المنعش العقاري وابنه، الرابحين من هذا التزوير العمراني، وفق ما تسرب من معلومات، أنه أثناء البحث عن الأدلة المتعلقة بالتصاميم الأصلية، التي يفترض أن تكون محفوظة في مكاتب الأرشيف أو في رفوف أقسام التعمير، لم يعثر عليها، وأن المستجوبين حول مآلها، لم يجدوا أمامهم من وسيلة لإقبارها، سوى الادعاء بأن الفئران التهمتها، ما دفع إلى البحث عن نسخ تلك الأدلة خارج مصالح الجماعة، أي في المؤسسات الأخرى، نظير شركة توزيع الماء والكهرباء. الفئران التهمت الأدلة، معناه أيضا أنها انتصرت على الجماعة في الحرب القائمة بينهما منذ زمن بعيد، فمنذ مطلع الولاية السابقة وبالضبط في يوليوز 2019، تمت مضاعفة ميزانية محاربة الفئران والكلاب الضالة إلى ثلاثة أضعاف، إذ تم تخصيص ميزانية قيمتها 20 مليون درهم، أي مليارين، لمحاربة الفئران، تستفيد منها سنويا شركة البيضاء للبيئة. ملاحظة لها علاقة بما سبق المعلوم أن وقائع تبديد أشياء موضوعة تحت عهدة الموظف العمومي أو إتلافها يعد جريمة، والمفروض أيضا أن التبديد إن كان ناتجا عن حادث فجائي أو قوة قاهرة، فإن محاضر رسمية تنجز لتوثيق الحدث، للاعتماد عليها في حالة الضرورة، ولتبرير اختفائها عند المطالبة بها. فهل أنجزت تلك المحاضر في وقتها؟ أم أن أحدا لم يفطن لما فعلته الفئران داخل مصالح الجماعة. فالفئران لم تعد صالحة فقط للتجارب، بل أصبح ترويضها مفيدا في المساعدة في الإفلات من المساءلة. للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma