الباحث المغربي يعيد طرح سؤال الحرمان من منظور سوسيولوجي أصدر الدكتور حسن قرنفل كتابا بعنوان "من الفقر إلى التسول" ضمن العدد 58 من سلسلة القراءة المواطنة التي تشرف عليها "حلقة الفكر المغربي" وفيه يعرض عالم الاجتماع إلى الفقر، حيث أشار بداية أنه لم يصبح موضوعا رئيسيا في العلوم الإنسانية، إلا في العقود الأخيرة، ويعلل ذلك بأن الفقر فرض نفسه "ظاهرة حقيقية" من أبرز تجلياتها تنامي عدد الفقراء بشكل لافت للانتباه، في دول الجنوب قاطبة، وفي عدد من دول الشمال أيضا. وانتقل قرنفل في إصداره الجديد إلى القول بأن المندوبية السامية للتخطيط ببلادنا، كانت سباقة إلى دراسات وأبحاث ميدانية لتحليل "الظاهرة"، خلصت إلى وضع تحديدات وتعاريف للفقر، واعتباره درجات ميزت بينها. ويرى الباحث الاجتماعي نفسه أنه برغم التقديرات الاقتصادية والمعطيات الإحصائية ، فإن ذلك لم يمكن من معرفة حقيقة الفقر على المستوى الاجتماعي والنفسي والثقافي، وزاد قائلا "فالأسئلة المتعلقة بالفرق بين الفقر والحرمان تبقى بدون أجوبة شافية". وواصل قرنفل متسائلا ".. فهل الفقر هو القدرة على تحمل وضعية حرمان جماعية مشتركة مع عدد كبير من الأشخاص، أو عدم القدرة على تحمل وضعية الحرمان، من ضروريات الحياة أو كماليات متوفرة عند آخرين؟" وذهب حد طرح سؤال أهم لما قال "هل الفقر شعور جماعي أم إحساس فردي؟ أيهما أشد وطأة على الفرد: الحرمان من ضروريات الحياة أم الإحساس بالدونية والإهانة مقارنة بمن يعيشون حولنا، ممن يستطيعون تلبية ما لا نستطيعه من حاجيات ضرورية ومستلزمات الحياة؟" وأقر قرنفل في إصداره أن "الفقر نسبي" واستدل على ذلك، بأن فقراء الولايات المتحدة الأمريكية وبعض دول الشمال، يملكون سيارات خاصة ويقيمون في منازل بها كل ضروريات الحياة، ذلك يؤهلهم للتصنيف ضمن مستوى الطبقات الوسطى في دول الجنوب، ولكنهم برغم ذلك يعتبرون في عداد الفقراء، لأن دخلهم دون متوسط الدخل الفردي في البلاد، ولأنهم يقيمون في أحياء أقل فخامة ويعيشون باستمرار، هاجس فقدان العمل والعجز عن أداء فواتير وتلبية حاجيات ضرورية. ولما عرض لدول الجنوب خلص إلى أن البعض منها ، قضى على "الفقر الغذائي"، من منطلق أن الفقر لم يعد هو توفير الأكل، بالقدر الذي أضحى إحساس بنقص في التواصل والترفيه وفي الكرامة. وختم قرنفل كتابه بسؤال عريض "من المسؤول عن الفقر هل الفرد نفسه أم المجتمع الذي تقاعس عن مد يد المساعدة وتقديم الدعم لأفراده الأقل حظا؟". عبدالله غيتومي (الجديدة)