الشروع في توزيع المنتوجات المستوردة ومهنيون أكدوا أن الهدف توفيرها شرع في توزيع اللحوم المجمدة، بمختلف جهات المملكة، بعد الترخيص للمهنيين باستيرادها من قبل وزارة الفلاحة والصيد البحري والمياه والغابات، وتكليف المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية بتتبع ومراقبة العملية. ويتخوف العديد من المغاربة من هذه اللحوم، التي لا يعرفون مصادرها، كما يتخوف منها الفلاحون المنتجون للحوم الحمراء، إذ ستشكل منافسة شرسة أمام المنتوج المحلي. إنجاز: أحمد ذو الرشاد -الجديدة رافقت عملية السماح باستيراد اللحوم المجمدة، ردود أفعال قوية، اختلفت حسب رؤية ومصلحة كل طرف من الأطراف المتداخلة والمستفيدة منها. فوزارة الفلاحة، أكدت غير ما مرة أن عملية استيراد اللحوم الطرية والمجمدة، ستساهم في توفير اللحوم الحمراء واستقرار الأسعار بالأسواق في ظل ارتفاع أسعار الإنتاج الحيواني ومواصلة آثار الجفاف، في حين أن الفلاحين المتخصصين في عملية التسمين لإنتاج هذه اللحوم، أبدوا تخوفهم من هذه العملية، التي ستأتي على ما تبقى من عملية استيراد العجول والأضاحي، في السنوات القليلة الماضية. ضرورة استيراد اللحوم دفع ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء الذي وصل اليوم إلى 120 درهما بالنسبة إلى لحم العجل و140 درهما للغنم، وزارة الفلاحة والصيد البحري والمياه الغابات إلى السماح باستيراد اللحوم الطرية في مرحلة أولى، واللحوم المجمدة في مرحلة ثانية، على غرار ما فعلته بالنسبة إلى زيت الزيتون. ويخضع استيراد المنتجات الحيوانية وعلف الحيوانات، حسب المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل المتعلقة بمراقبة صحة السلع المستوردة، من قبل الخدمات البيطرية. وتحرص مديرية الرقابة والجودة في المراكز الحدودية، في الموانئ المفترض فيها استقبال هذه اللحوم، منها البيضاء وأكادير وطنجة، على ضبط ومراقبة والتأشير عليها، في حين يتكفل الشباك الوحيد بالعمل على مراقبة المنتوج في الأقاليم الأخرى. وتتولى عملية المراقبة والتتبع والتأكد من الإجراءات والاحترازات على الواردات، من قبل الخدمات البيطرية التابعة لمديريات الزراعة الإقليمية في نقاط التفتيش الحدودية المفتوحة للاستيراد. وأكد محمد الجبلي، رئيس الفدرالية المغربية للفاعلين بقطاع المواشي، أن عملية استيراد اللحوم الطرية، تفرض على المورد التوفر على عدة شروط صارمة، منها شهادة الخروج والدخول والتوفر على مخازن تستجيب للشروط المصادق عليها من قبل المكتب الوطني للسلامة الصحية (أونسا)، إضافة إلى شهادة الذبح الحلال، قبل أن يتم الشروع في توزيع هذه اللحوم على الأسواق الممتازة أو المحلات التجارية الكبرى أو الجزارين الخواص. فرق ضئيل في الأسعار يبدو أن الأمل الذي كان معقودا على أن اللحوم الحمراء المستوردة من أوربا للإسهام في تخفيض سعرها بالأسواق المغربية، يبقى مجرد سراب أو حلم صعب التحقق أو كذبة كبيرة، لأن سعــــــــــــــر هذه اللحوم بمكان الإنتاج، ارتفع هو الآخر. وأوضح محمد الجبلي، أن سعر اللحوم الحمراء بفرنسا وإسبانيا مرتفع جدا، مشيرا إلى أن الموردين سيقتنونها بسعر يتراوح ما بين 78 درهما و80، وبعد إضافة مصاريف النقل والتوزيع، ستصل إلى المستهلك بسعر يتراوح ما بين 100 و110 دراهم، أي بفرق ضئيل لا يتعدى 10 دراهم، علما أن اللحوم الحمراء بالمغرب توزع بالمجازر ما بين 90 درهما و100 درهم وتباع للمواطنين ب110 دراهم و120 درهما. وأضاف الجبلي، وهو واحد من الموردين للحوم الطرية، أن سعر اللحوم ارتفع بمكان الاقتناء، إذ يصـــــــل مثلا سعر الكيلوغرام من "الملج" و"القاطنا" إلى 130 درهما و140. وأشار إلى أن الهدف من السماح باستيراد اللحوم من الخارج، ليس هو تخفيض السعر وعودته إلى سالف عصره قبل انتشار فيروس كورونا، بل الهدف الأساسي هو الحفاظ على استقرار السعر على ما هو عليه اليوم، وإلا فإنه قد يواصل الارتفاع ليصل إلى 150 درهما. تخوف مشوب بالحذر خلال زيارة "الصباح" لبعض الأسواق الشعبية لاستقصاء آراء المواطنين والجزارين، خلصت إلى أن الجميع متخوف من الإقبال على هذه النوعية من اللحوم، لعدة أسباب، منها أنهم غير واثقين من طريقة ذبحها ومصدرها من جهة، وأن سعرها لا يختلف كثيرا عن سعر اللحوم المنتجة محليا، من جهة ثانية وتدني جودتها، من جهة ثالثة. وأكد المصطفى ذهبي، وهو جزار بالجديدة، أن الجزارين لن يغامروا باقتناء هذه اللحوم المستوردة، لأنه لا يوجد فرق في السعر بينها وبين اللحوم المحلية. وأضاف أن المغاربة غير متعودين على استهلاكها وبالتالي لن يقبلوا عليها لأنهم لا يعرفون عنها شيئا، كما أن جودتها لن تفوق جودة اللحوم المغربية. وخلص إلى أن استيراد اللحوم الطرية من الخارج ليس حلا، بل الحل منع ذبح الأنثى من البقر والغنم، لتكثيف المنتوج المحلي. واختلفت ردود أفعال المستهلكين، فمنهم من كان يعتقد أن استيراد اللحوم من الخارج، سيساهم في انخفاض الأسعار بالنسبة إلى المستهلكين، لكنه استخلص الدرس من استيراد زيت الزيتون من إسبانيا والذي يباع بسعر يتراوح ما بين 80 درهما و100 درهم للتر الواحد، وهو السعر نفسه الذي يباع به المنتوج المحلي. وأوضح سعيد عبادي، جزار بحي السلام بالجديدة، أن زبناءه يرفضون هذه النوعية من اللحوم لأن جودتها ضعيفة بالمقارنة مع جودة المنتوج المحلي. وأضاف أن زبناءه يحرصون على توفر جودة المنتوج دون التفكير في سعره. من جهته، صرح (أحمد. ن) مواطن بالجديدة، أن اللحوم المستوردة غير صالحة للاستهلاك بالنسبة إلى العديد من المستهلكين، لأنها تتوفر على شحوم كثيرة، والتي تشكل خطرا على المرضى المصابين بداء السكري والكولسترول وداء القلب وأمراض مزمنة أخرى، قبل أن يضيف أن سعر هذه اللحوم المستوردة يجب ألا يتعدى 50 درهما. الأسواق الممتازة تجس نبض المستهلك اعتبر بعض الموردين السماح للأسواق الممتازة أو المساحات الكبرى بولوج عملية استيراد اللحوم الطرية مباشرة من قبل وزارة الفلاحة خطأ قد يشكل عليهم منافسة تضر بمصالحهم، سيما بأصحاب المجازر الخاصة. وفي زيارة لبعض الأسواق الممتازة، لاحظت "الصباح" عرض اللحوم الطرية (لحم الأغنام) المستوردة من رومانيا على الخصوص بأثمان تتراوح ما بين 82 درهما بالنسبة إلى اقتناء كبش كامل و86 درهما بالتقسيط. وصرح مسؤول بإحدى المساحات الكبرى، أنه استقبل كمية صغيرة جدا من أجل جس نبض المستهلكين، وتم اقتناؤها بالكامل دون إبداء أي احتجاج، لكن "الصباح" لاحظت أن اللحوم لا زالت معروضة دون اقتنائها، مما يظهر بأن المستهلك المحلي لم يتعود على اقتناء مثل هذه العينة من اللحوم المستوردة لأن جودتها لا تضاهي جودة المنتوج المحلي. والتقت "الصباح" بممون حفلات بالسوق ذاتها، واستفسرته عن رأيه في هذه اللحوم وهل يستعملها في تحضير وتموين الحفلات، فأجاب بصفة قطعية أنه لا يمكنه الاستعانة بها، لأن زبناءه يشترطون تقديم لحوم ذات جودة عالية. وأضاف أن الموردين لهذه اللحوم يتعاملون مع الفنادق والمطاعم الكبرى والأسواق الممتازة التي تسوق جزءا كبيرا منها لزبنائها القادمين من الخارج، عبارة عن لحم مفروم مع إضافة التوابل. إيجابيات الاستيراد وسلبياته أكد عبد الفتاح عمار، مهني متخصص في تربية وتسمين العجول ومورد للحوم الطازجة من إسبانيا ورومانيا، أن المهنيين كانوا في البداية ضد عملية استيراد اللحوم، لكن قرار رئيس الحكومة القاضي بالسماح باستيراد اللحوم الطازجة حاليا والمجمدة لاحقا، وضعهم أمام الأمر الواقع. وأوضح عمار أن عملية استيراد اللحوم الطرية لها جانبان، الأول إيجابي يتمثل في خفض سعر اللحوم بنسبة تتراوح ما بين 7 دراهم و10 والعمل على توفير اللحوم والمساهمة في استقرار الوضع داخل الأسواق، وأما الجانب السلبي، فيتمثل في إحداث منافسة قوية في وجه الفلاحين الصغار المنتجين للحوم الحمراء. وبرر عدم خفض سعر اللحوم الحمراء رغم استيراد كمية مهمة منها من الخارج (في حدود 20 ألف طن) في المرحلة الأولى، لأن الكسابة في إسبانيا ورومانيا وفرنسا، رفعوا من السعر بعدما ازداد الطلب على منتوجهم الحيواني، وبالتالي فرض على الموردين المغاربة اقتناؤها بسعر يتراوح ما بين 7 أورو و8 للكيلوغرام دون احتساب مصاريف النقل والتخزين والتوزيع. وأشار عمار، الذي كان رئيسا للغرفة الفلاحية بجهة البيضاء سطات، إلى أن المستهلكين، ارتباطا مع برنامج المخطط الأخضر، كانوا يقتنون اللحوم بسعر أقل من ثمن التكلفة، وكانوا ملزمين باقتنائه في فترة انتشار فيروس كورونا ب 70 درهما و80، وهو ما كبد الفلاحين خسائر مادية كبيرة، دفعتهم إلى التخلص من قطعانهم. وأكد أن ارتفاع السعر، اليوم، هو أمر عاد تزامنا مع ارتفاع أثمان جميع المواد المتدخلة في عملية التسمين، وهذا واقع يعرفه المهنيون ووزارة الفلاحة نفسها. واختتم تصريحه لـ "الصباح"، بالقول، "إن عملية الشروع في استيراد ما يسمى"الكارتيي" الخامس، بلغة المهنيين، والذي يشمل الكبد والقلب والأحشاء والشحوم والرأس و"الكرعين"، سيساهم في تخفيض السعر وسيستفيد منه المستهلك بشكل مباشر لأن محتواه لا يتم استهلاكه في البلد المصدر، كما أنه من المنتظر أن تساهم اللحوم المجمدة القادمة من أمريكا اللاتينية، في استقرار السوق الداخلية، من حيث الكم والسعر".