ترافع عن الإسلام في مواجهة اللائكيين ووضع العلمانية في قالب فلسفي شعر أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، بإحراج شديد، بسبب ارتفاع حدة التهجمات عليه، من قبل رواد مواقع التواصل الاجتماعي. ورد التوفيق، في لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية، بمجلس المستشارين، الأربعاء الماضي، بأنه لا يريد أن يرفع تظلمه إلى الله استنادا على الآية "ثم إنكم عند ربكم تختصمون"، وأنه سيسامح من ظلمه واتهمه دون تمحيص لتصريحه الصادر في البرلمان، خاصة الذين لم يستوعبوا مغزى حواره مع برونو ريتايلو، وزير الداخلية الفرنسي حول معنى العلمانية من منظور فلسفي تاريخي. وكشف المسؤول الحكومي، قصده من عبارة "المغاربة علمانيون"، مؤكدا أن القضية التي تكلم فيها، فهمها كل حسب هواه، لأن ما دار بينه وبين وزير الداخلية الفرنسي، هو أنه طلب منه الوصفة المستخدمة في المغرب في التأطير الديني المتسامح، وما يتعلق بوظيفة المساجد. وقال المتحدث نفسه، "أخبرت وزير الداخلية الفرنسي، تفاعلا مع ما اعتبره استغرابا منا بحديثه حول نموذج العلمانية، أن هذا المفهوم يرتبط أساسا بالفلسفة السياسية والتاريخ، سيما تاريخ فرنسا، ويناقش أربعة مرتكزات، وهي الحرية، والعقل، والأخلاق أو السلوك الحسن، ثم المعنى". وأكد التوفيق أنه قال للوزير الفرنسي "المعنى هو توفير أجوبة بخصوص لماذا نعيش؟، وهذا يغيب عندكم في فرنسا، بالتالي فصلتم الدين عن الدولة، ولكن لم يعد لديكم جواب رسمي (حول الخلاص)، ولا تتجاوبون مع المواطنين في احتياجاتهم الروحية"، مضيفا أن المغرب يشتغل بهذه الطريقة وفق تصور يعتقد الفرنسيون أنهم وحدهم يحتكرونه، وهو العقد الذي ينبني عليه الحكم، وهو بالمغرب يسمى البيعة، وهي من البيع، أي يبيع المواطنون للحاكم المشروعية، ويتفاعل معهم، بتنزيل الالتزامات، وهي التي يمكن أن تجدها في كل دساتير الدنيا، أي حماية الدين، ويضمن أيضا الأمن، ونشر العقل ويسميه المسلمون، النظام العام، وحفظ المال، ويقصد به التنمية، ثم يحمي الكرامة ويسميها الفقهاء بالعرض. وقال التوفيق للوزير الفرنسي "نشترك في قضية الأخلاق والحرية، ذلك أنه لدينا أنه لا معنى للدين إذا كان فيه الإكراه، وهو التزام حر بين العبد والله، وفي المغرب يمارس كل واحد الدين كيفما أراد، لأنه لا أحد يطلب من الآخر أن يصلي أو يذهب إلى المسجد لإقامة الصلاة، ومع ذلك المغاربة متشبثون بدينهم وبالصلاة، والصيام وإقامة الشعائر الدينية". وتابع أن العلمانية تقول إنه "يكفي استعمال العقل للاستغناء عن الإله، بمعنى أنه بالعقل يمكن أن نعرف ما علينا فعله، وما ليس كذلك، علما أن كل ما يقع في العالم توجد جذوره في الأديان"، مضيفا أنه أخبر الوزير الفرنسي "عندنا لي عندكم، وما عندكومش لي عندنا". وأبرز التوفيق أنه قال للوزير الفرنسي "نلتقي معكم في العقل"، لأنه عندما يأتي البرلمانيون إلى المؤسسة التشريعية ويتناقشون مصالح البلاد فإنهم يتبعون عقلهم، وإذا كان أمر متعلق بالدين فهو شغل أمة يتكلف به صاحبه. وأوضح أن قضية التوازن بين العقل والنقل قضية قديمة عند المسلمين، وأن الفيلسوف ابن رشد كتب فصل المقال ما بين الشريعة والحكمة من اتصال، ويعني أنه وجد أين تلتقي الفلسفة مع الدين، يعني أن العقل لم يكن ضد الدين الإسلامي، وأن الفرق الكلامية والمعتزلة أسهبت في تحليل جدلية العقل والنقل. واسترسل قائلا "إن العلمانية لم يعد مضمون فيها الحياد، بل أصبح عدد من العلمانيين، أصوليين، بمعنى أنهم لا يرفضون إدخال الدين في الدولة، بل إنهم لا يريدون الدين"، مضيفا أن الحوار مع الوزير الفرنسي كان عميقا، مشيرا إلى أن الكلمة التي أطلقت في الجلسة دون شرح "كشفت لي ما كشفت... ولكن الله يسامح". أحمد الأرقام