“استخدام أدلة الطب الشرعي في التحقيق في ادعاءات التعذيب ” موضوع دورة تكوينية بمراكش

افتتحت بمراكش، اليوم الأربعاء، أشغال الدورة التكوينية الثانية التي تنظمها رئاسة النيابة العامة، بشراكة مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وبالدعم من مركز جنيف لحوكمة قطاع الأمن، حول “استخدام أدلة الطب الشرعي في التحري والتحقيق في ادعاءات التعذيب”.
وتأتي هذه الدورة في إطار برنامج موسع لتعزيز القدرات القضائية في مجال حقوق الإنسان، أطلقته رئاسة النيابة العامة منذ عام 2020، بهدف إلى تعزيز كفاءة القضاة والفاعلين المعنيين في التعامل مع قضايا التعذيب وضمان حقوق الإنسان.
وفي كلمة ألقاها الافتتاح هشام بلاوي، الكاتب العام لرئاسة النيابة العامة، بالنيابة عن الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، أكد هذا الأخير على أهمية هذا البرنامج الذي يهدف إلى تحسين مستوى التحري والتحقيق في قضايا التعذيب، وفقاً للمعايير الدولية، وخصوصاً برتوكول استنبول الذي تم اعتماده عام 1999 وتمت مراجعته في 2022.
وأوضح بلاوي أن هذا البرنامج التكويني يتماشى مع التزامات المملكة المغربية تجاه المنظومة الدولية لحقوق الإنسان، وتأكيداً على حرصها الراسخ في حماية حقوق الإنسان، كما يعكس التوجيهات الملكية السامية التي أكدت على ضرورة تعزيز دولة الحق والقانون وتحقيق العدالة. كما أشار إلى الدستور المغربي الذي يعد مرجعاً أساسياً لحماية الحقوق والحريات، ومنها الحق في السلامة الجسدية والمعنوية، وتجريم التعذيب بكافة أشكاله.
وأشار كذلك إلى الجهود المستمرة لرئاسة النيابة العامة في مكافحة التعذيب من خلال تفعيل الآليات الوطنية للوقاية منه، مثل التفاعل مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان وفتح التحقيقات في الشكاوى المتعلقة بالتعذيب، إلى جانب تطبيق المادة 73 من قانون المسطرة الجنائية التي تلزم النيابة العامة بإجراء فحص طبي في حالة وجود آثار للعنف على المعتقلين أو في حال تقدمهم بادعاءات تعذيب.
ويعتبر برتوكول استنبول، الذي تم اعتماده لتوفير دليل فعال للتقصي والتوثيق في حالات التعذيب، أحد الأدوات الأساسية التي تعتمدها المملكة في هذا السياق. وأكد السيد بلاوي أن هذا البروتوكول يتضمن معايير توجيهية يجب أن يلتزم بها القضاة والشرطة والخبراء الطبيون أثناء التحقيق في قضايا التعذيب، وهو ما يساهم في تحسين أداء العدالة وتحقيق الشفافية والمصداقية في التعامل مع هذه القضايا.
كما أشار إلى أن هذا البرنامج لا يقتصر على التدريبات التقليدية، بل يشمل أيضاً تكوين فرق من الأطباء الشرعيين وتنظيم ورشات خاصة لتكوين المكونين، وذلك في إطار الاستعداد لإعداد دليل وطني خاص بالتعامل مع أدلة الطب الشرعي في قضايا التعذيب.
في ختام كلمته، تقدم بلاوي بالشكر للمجلس الأعلى للسلطة القضائية على دعمه لهذا البرنامج، ولخبراء مركز جنيف لحوكمة قطاع الأمن على مساعدتهم القيمة في توفير التدريب اللازم. كما وجه الشكر للمشاركين والمساهمين في تنفيذ هذا البرنامج، آملاً أن يسهم في تعزيز قدرة القضاة والمهنيين في تقديم العدالة وحماية حقوق الإنسان، خاصة في قضايا التعذيب وسوء المعاملة.
وتستهدف هذه الدورة التكوينية، التي تستمر حتى 29 نونبر، حوالي 80 قاضيا وقاضية من مختلف محاكم المملكة، بالإضافة إلى ممثلين عن الضابطة القضائية وأطباء شرعيين ومندوبية إدارة السجون.