عندما وصل اليوم المخصص للنظام الأمريكي في مقرر السنة الأولى حقوق من 1992، بدأ الأستاذ الراحل محمد معتصم محاضرته بكلمة سيتذكرها كل طلبة القانون بجامعة الحسن الثانية بالبيضاء، مفادها أن أحسن وصف لنظام الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية هو كما تقول الأغنية المغربية "ما منك زوج انت واحد". وانتهى الأستاذ المحاضر إلى أن الرئيس الأمريكي يصعب وضعه في إحدى خانات أنظمة الحكم في القانون الدستوري، رئاسي أو برلماني أو حتى شبه رئاسي، واصفا ساكن البيت الأبيض بأنه الرئيس الملك بحكم السلطات التي يتمتع بها في مواجهة الجميع، بدليل أن الرئيس الأمريكي يعين في الأسابيع الأولى من تسلمه مقاليد الحكم أزيد من 200 مسؤول كبير من مقربيه ليكون بذلك أكبر فريق عمل في السلطة التنفيذية بين كل دول العالم. وقبل أن يغادر معتصم المدرج نصحنا بمشاهدة فيلم رجال الرئيس المنجز سنة 1976 زمن فضيحة "ووتر غيت” للاطلاع على مدى قوة صلاحيات حاكم البيت الأبيض، كما برهن عليها رئيس أسبق في مواجهة رفض كل أعضاء إدارته لقرار يهم باتخاذه "سبعة لا، وواحد نعم، إذن نعم هي التي تربح". لكن قوة هذا المنصب تتغير من رئيس إلى آخر حسب الطريقة التي فاز بها وعدد الأصوات المعبر عنها لصالحه، إذ يبدو أن الرئيس دونالد ترامب، المنتخب حديثا، سيكون من طينة الرؤساء الأقوياء خاصة بعدما استعاد حزبه (الجمهوري) السيطرة على مجلس الشيوخ وخسارة الحزب الديمقراطي الأغلبية، وحقق الجمهوريون ما وصف مسبقا بأنه الهدف الأكثر قابلية للتحقق في انتخابات هذا العام. حصل الجمهوريون على مقعدين جديدين في مجلس الشيوخ، إذ فاز بيرني مورينو رجل الأعمال المدعوم من قبل ترامب على السيناتور الديمقراطي شيرود براون في أوهايو، وفاز جيم جاستيس (حليف ترامب) بالمقعد الذي كان يشغله سابقا جو مانشين في فرجينيا الغربية، ودافع الجمهوريون عن مقاعدهم أمام التحديات الديمقراطية، إذ فاز تيد كروز في تكساس على كولين أولريد، وتفوق ريك سكوت في فلوريدا على ديبي موكارسيل باول. ووضع الفوز الحزب الجمهوري في موقع قوي لتثبيت كبار المسؤولين الذين ستعينهم الإدارة الجديدة المقبلة، وكذلك لتعيين قضاة جدد في المحكمة العليا الأمريكية إذا فتحت مناصب شاغرة جديدة. لذلك يمكن تفسير التعامل الجيد للرئيس الأمريكي المنتخب والاحترام الشديد للدول ذات تقاليد الحكم الراسخة في القدم، مقابل عدم تجاوبه مع الأنظمة المقنعة، خاصة تلك التي تخفي تحكم رجال الدين أو رجال العسكر. للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma