المشكل عرى المقاربات المتخذة لتدبير الأزمة ومجهودات للخروج من النفق لاحت في الأفق، في غضون الأسبوع الجاري، بوادر أمل بعد أزمة عطش خانقة عطلت الحياة في بني ملال وسوق السبت ومراكز أولاد عياد وأولاد مبارك وفم أودي، بسبب توحل المياه التي استعصى استغلالها من قبل الوكالة المستقلة لتوزيع الماء، إثر العواصف الرعدية التي ضربت المنطقة فضلا عن الفيضانات التي أضرت بغلات من التفاح ومحاصيل زراعية أخرى، ولم تتمكن محطة التصفية بأفورار، التي تزود المدن والمراكز السابقة بالماء الصالح للشرب من تحويل كميات الماء الذي تتم معالجته بالمحطة إلى الوكالة المستقلة للماء، التي رفضت إمداد السكان بالمياه الملوثة بالوحل، تفاديا لوقوع مضاعفات صحية تترتب عن استهلاك مياه غير معالجة وآمنة وفق المعايير المعمول بها في هذا الشأن. إعداد: سعيد فالق (بني ملال) بعد معاناة مريرة مع العطش، مدة أسبوع كامل، صدر الثلاثاء الماضي بلاغ للوكالة المستقلة الجماعية لتوزيع الماء والكهرباء بتادلة للتأكيد، أن مشكل توحل المياه الناتجة عن الفيضانات بمحطة التصفية أفورار، التي تزود مدن بني مــلال و سوق السبت ومراكز أولاد عياد و أولاد مبارك وفم أودي بالماء الصالح للشرب من هذه المحطة، يسير نحو الحل، بعد أن أفلحت الجهود المبذولة في عودة المياه تدريجيا إلى المنازل ما ساهم في تخفيف معاناة المتضررين الذين قضوا ما يقارب أسبوعا محرومين من مياه الشرب وما يترتب عنها من استعمالات يومية تخص النظافة والتغذية. كابوس مرعب لم يكن الأسبوع الماضي، كمثيله من الأيام التي ينتشي فيها المواطن بعبير الحياة ومتعة المياه الباردة التي تنعش الأجساد/ وتمدها بالحيوية رغم الحرارة المفرطة التي تحبس الأنفاس بعد أن طالت يد العبث حقولا ووديانا كانت توفر الرخاء لمنطقة وصفها الرحالة الفرنسي "شارل دوفوكو" بأنها جنة في الأرض، لوفرة المياه المتدفقة من الينابيع والشلالات والوديان المنهمرة، وما زالت عين أسردون تحتفي بعنفوانها الدائم، وتعطي الأمل للسكان الذين يتفيؤون بظلالها ويستمتعون بمياهها العذبة المتدفقة على الدوام. لم يتوقع الأهالي أن المدينة ستعيش كابوسا مرعبا بعد أن حرم سكانها من مادة حيوية تمنحها الحياة، ولم تتصور يوما أن تستفيق على وقع العطش، وعلى فواجع الروائح النتنة التي تنبعث من المنازل لعدم وجود كميات من الماء للتخلص من العفونة التي كشفت عن بؤس الإنسان الذي يجحد بخيرات الطبيعة التي كانت في متناول اليد، لكن إصراره على تدمير كل ما هو جميل حرمه من نعمة الحياة. الجري وراء قطرة ماء أصبح مشهد الطوابير وقنينات الماء البلاستيكية المرتبة بعناية، تنتظر دورها لملئها أمرا مألوفا، يتكرر المشهد في كل ساعات اليوم، ليتحول إلى قاعدة عامة بعد أن توالت أيام العطش نظرا لعدم إيجاد حل آني لمعضلته ، فضلا عن عدم قدرة الآليات على التصفية، لارتفاع نسبة التوحل لضحالة حقينة السد وتراجع منسوب المياه، إذ بلغت 4 في المائة، وبالتالي فإن الاستمرارية في ضخ المياه ومحاولة معالجتها أصبحت أمرا مستحيلا. واعتبر أحد المهتمين بقطاع الماء ما حدث من ارتفاع نسبة الوحل في المياه المتدفقة من أعالي الجبال نحو محطة التصفية بأفورار قوة قاهرة، وبالتالي فإن وحدات توزيع الماء تتعرض للخطر، إذ يتطلب الأمر تفريغ الآليات المعتمدة من الوحل لتتمكن من القيام بمهمتها. وأضاف، أن محطة المعالجة لاقت مشاكل عديدة لكميات الأوحال التي حالت دون معالجة المياه وتقسيمها على وحدات التوزيع، علما أن وحدات إنتاج الكهرباء بسد الويدان تم توقيفها تفاديا لتداعيات كميات الأوحال التي أصبحت تشكل خطرا على عمليتي التصفية والتوزيع. وقفات احتجاجية نظم مواطنون بعد أسبوع من العطش، وقفات احتجاجية أمام باب الوكالة المستقلة لتوزيع الماء ببني ملال للمطالبة بعودة المياه إلى الحنفيات، وقال مناضل من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إن المواطن الملالي لا يلتمس تبريرات غير مقنعة تصدر عن قطاع توزيع المياه، سيما أنها لا تحمل أي جديد يضمن عودة المياه إلى المنازل، وتزويد أحياء بني ملال بالماء الصالح للشرب، مستنكرا ما وصفه بالاستهتار واللامسؤولية بعد أن انقطع الماء مدة ستة أيام متتالية، ما تسبب في معاناة كبيرة للسكان خاصة مع تنامي موجة الحر. أفورار في قلب الأزمة وجد العاملون في مركز جماعة أفورار أنفسهم في قلب أزمة ماء، بسبب عدم قدرة المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب قطاع الماء على تعبئة ما يكفي المواطنين من الماء الصالح للشرب، وتوزيعه على شركاء متعددين بمدن جهة بني ملال خنيفرة، وذاقت الأسر المتضررة ويلات الحرمان من الماء، وظلت تنتظر مبادرات حقيقية لانتشالها من جحيم الأوساخ والقاذورات التي تراكمت على مدى ستة أيام، علما أن الإمدادات المائية من بحيرة سد بين الويدان أصبحت مستحيلة، بسبب ارتفاع نسبة التوحل في الماء، وغياب حلول استعجالية لإطفاء غضب الأسر الذي يتفاقم يوما بعد يوم، في غياب تدابير استباقية وإنجاز استثمارات من قبيل بناء أحواض مائية للحفاظ على كميات الماء المعالج واستعماله عند الحاجة. واستنكرت فعاليات مدنية ما قامت به المصلحة المكلفة بالماء بمركز أفورار، عندما قامت بتصريف كميات مهمة من الماء في شوارع وأحياء المدينة بطريقة عشوائية لتخفيف الضغط عن مصافي المياه التي امتلأت عن آخرها، وتخلصت منها في عز الأزمة والإجهاد المائي الذي تعرفه المنطقة، وشرعت في تبذير أطنان من المياه لارتفاع نسبة الوحل دون أن تتخذ مبادرات حكيمة، مع توجيه الكمية المهدورة إلى مكانها الصحيح دون تفريغها في شوارع وأزقة الجماعة التي توحلت طرقاتها بالتراب الأحمر، ما تسبب في وقوع حوادث سير، سيما لدى أصحاب الدراجات النارية ومع وقوع انزلاقات لأطفال وإصابتهم إصابات متفاوتة الخطورة. وحمل مواطنون مسؤولية ما حدث لمدبري قطاع الماء بأفورار، فضلا عن السلطات المحلية والمجلس الجماعي الذي بدا عاجزا عن اتخاذ قرارات حكيمة لتفادي ما وقع من مصائب كان لها الأثر السيء على سكان المدينة في صمت بسبب اختيارات فاشلة لتدبير أزمة الماء في مدن مجاورة. من جهته، بادر المكتب الوطني للماء والكهرباء بأفورار لتطويق أزمة العطش، باستعمال احتياطات آيت وعرضى الذي يكفي لإمداد مدينة ببني ملال التي تنتظر الفرج من السماء لعل الأمور تعود إلى سابق عهدها. وقدم البرنامج الوطني للتزويد بالماء الصالح للشرب ومياه السقي (2020-2027) مشاريع عدة تخص جهة بني ملال خنيفرة من أجل تنمية العرض المائي ودعم وتنويع مصادر التزويد بالماء، كما حرصت لجنة القيادة الجهوية لتتبع تنزيل هذا البرنامج على عقد اجتماعاتها على مستوى مختلف الأقاليم بالجهة، لتتبع وضعية الموارد المائية عن قرب وتحديد المشاريع ذات الطابع الاستعجالي في تدبير هذه الموارد بهذه الأقاليم، والعمل على تفعيلها في أقرب الآجال. وهمت المشاريع الخاصة بجهة بني ملال خنيفرة التي جاء بها البرنامج الوطني للتزويد بالماء الصالح للشرب ومياه السقي (2020-2027)، إنجاز سدين كبيرين:، ويتعلق الأمر بسد تاكزيرت بإقليم بني ملال، وسد تيوغزا بإقليم أزيلال، وإنجاز 61 سدا صغيرا، موزعة على الأقاليم الخمسة بالجهة، وإنجاز مشاريع مهيكلة لتقوية إنتاج محطات المعالجة وقنوات التزويد، وكذا تأمين شبكات نقل وتوزيع الماء على مستوى مدن ومراكز الجهة، واستبدال السقي السطحي بالسقي الموضعي عبر التحويل الجماعي والتحويل الفردي، وتحسين مردودية شبكات التوزيع بالمدن والمراكز الحضرية بالجهة لبلوغ نسبة 78 في المائة في أفق سنة 2027، والرفع من قدرة تخزين الماء الصالح للشرب من خلال تقوية منشآت تخزين الماء الصالح للشرب لتحقيق قدرة التخزين على 24 ساعة على مستوى المدن والمراكز التابعة للمكتب الوطني للكهرباء والماء وللوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء لتادلة، فضلا عن تقوية التزويد بالماء الصالح للشرب بالعالم القروي وإعادة استعمال المياه العادمة المعالجة. والي الجهة يتدخل حث والي الجهة على التعبئة المستدامة لتدبير الاجهاد المائي، مع اتخاذ الإجراءات الحازمة الواجب اتخاذها، للحد من تداعياته على المواطنين وعلى الأنشطة الاقتصادية، مبرزا العناية السامية التي يوليها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، لتطورات الوضعية المائية التي تعرف أمام العجز الكبير في التساقطات، ضغطا قويا على الموارد المائية في مختلف جهات المملكة. و ذكر بدورية وزارة الداخلية التي شددت فيها على التعبئة القصوى للتدبير الجيد للإجهاد المائي، خاصة عبر تشديد الإجراءات المتمثلة في العمل على تنظيم الصبيب وتقنينه، مع محاربة الغش وتبذير الماء، فضلا عن الإجراءات المواكبة المتمثلة في التسريع بإنجاز المشاريع التي جاء بها البرنامج الوطني للتزود بالماء الصالح للشرب ومياه السقي (2020-2027)، والتعبئة والحملات التحسيسية، داعيا مختلف المتدخلين إلى التعبئة والانخراط المسؤول في جهود مواجهة الإجهاد المائي وانعكاساته بالجهة. مشاكل الماء بأم الربيع قدم مدير وكالة الحوض المائي لحوض أم الربيع، ومدير القطب الصناعي لمجموعة المكتب الشريف للفوسفاط بخريبكة، والمدير الجهوي للفلاحة، ومدير الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع، والمدير الجهوي للماء الصالح للشرب والوكالة الجماعية لتوزيع الكهرباء والماء بتادلة، عروضا تم من خلالها الاطلاع على الوضع الهيدرولوجي الحالي بحوض أم الربيع، وعلى اجراءات تدبير الاجهاد المائي بالجهة، وعلى نسب تقدم إنجاز المشاريع المبرمجة في إطار تفعيل البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027، بالإضافة الى الحالة الراهنة لقطاع الفلاحة والاجراءات المتخذة لمحاربة آثار الجفاف بالجهة. وقدم المتدخلون حلولا لتجاوز جميع الإكراهات، التي تحد من وتيرة إنجاز المشاريع، في اطار البرنامج الوطني للتزويد بالماء الصالح للشرب ومياه السقي، وتم التأكيد في هذا الصدد، على إنهاء أشغال بناء وإعادة تأهيل السدود الصغرى وكذا مشاريع توفير وإيصال الماء الصالح للشرب إلى جميع السكان بالعالم القروي، متم هذه السنة، بالإضافة إلى تسريع وتيرة إنجاز برنامج تحويل السقي السطحي إلى السقي الموضعي، والتأكيد على جميع المصالح المعنية بالجهة للتعبئة الشاملة والانخراط المسؤول في الإجراءات الهادفة إلى التدبير الجيد للإجهاد المائي. وزارة التجهيز تقترح الحلول توجه وزارة التجهيز والماء جهودها نحو حوض أم الربيع، الذي يعاني تراجعا حادا في موارده المائية بسبب الجفاف، إذ وصلت بعض السدود، مثل سد المسيرة الكبير، إلى مستويات ملء حرجة لا تتجاوز2 في المائة، ويضم حوض أم الربيع حاليا 15 سدا كبيرا بسعة تخزينية تتجاوز 4.9 ملايير أمتار مكعبة. وفي هذا السياق، أعدت وزارة التجهيز والماء، بتنسيق مع وكالة الحوض المائي لأم الربيع وكافة الجهات المعنية بتدبير الموارد المائية، مخططا مائيا يمتد حتى 2050. يهدف إلى بناء السدود وتسريع وتيرة إنجازها، وتطوير شبكات الربط البيني بين الأحواض المائية، وترشيد استغلال المياه الجوفية والحفاظ على مخزونها. كما يروم هذا المخطط إلى تعزيز سياسات الاقتصاد في استخدام المياه، خاصة في مجال الري، مع التركيز على تنمية الموارد المائية غير الاعتيادية، مثل تحلية مياه البحر وإعادة استخدام المياه العادمة المعالجة. ويشمل هذا المخطط ستة تدابير إجرائية تخص طلبات الماء الصالح للشرب، من خلال برمجة تدابير تحسين مردودية الشبكات إلى 80 في المائة على الأقل للتوزيع و92 في المائة للتوصيل، وتعزيز اجراءات الكشف عن التسربات واصلاحها ومراقبة الاستهلاكات والعمل على تحويل المدارات السقوية الكبرى إلى الري بالتنقيط (68 في المائة بأفق 2050) ومواصلة مجهود التحويل، بالنسبة للمدارات المتوسطة والصغرى والمدارات السقوية الخاصة و تحسين أنظمة التزويد بماء الري بإنجاز أنبوب مياه رئيسي لتزويد مدارات بني موسى، انطلاقا من سد آيت أوعردة وتأمين التزويد بالمياه من محطة أفورار عبر تهيئة قناتها، وإعادة تأهيل حوض وقناة الزيدانية، وقناة بني عمير، وتحسين الاشتغال والتحكم عن بعد بالأنظمة بسافلة سد أيت مسعود، والتنظيم المائي لقناة T2، ونظام تزويد مدارات عالية تساوت، والقنوات السفلى والعليا لدكالة وتعزيز تتبع ومراقبة استعمال موارد المياه بنزيل نظام للمراقبة والتدبير عن بعد (وكالة الحوض المائي لأم الربيع، والمكتب الوطني للماء والكهرباء، والمكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي بالحوز، وتادلة ودكالة) وتعزيز المراقبة الآنية لتشغيل السدود والمحطات الكهرومائية ومراقبة التدفقات عند رأس القنوات. كما تم تثمين الموارد المائية المعبأة، بوضع 18 مشروعا لمحطات توليد الطاقة الهيدروليكية في حوض أم الربيع بقوة إضافية تبلغ 284 ميغاواط، وتدبير وتجميع مياه الأمطار، من خلال تطوير برنامج لتجميع مياه الأمطار لسقي المساحات الخضراء الخاصة والعامة وبعض الاستخدامات المنزلية، مثل تزويد خزانات المراحيض وعمليات الغسيل والاستخدامات المهنية والصناعية.