جنرالات الجزائر وإعلامهم لا يفوتون يوما دون أن يذكروا المغرب بالسوء، بل يعتبرون، في قرارات أنفسهم، أن استمرارية قبضتهم الحديدية، لن تضمن إلا بإلصاق التهم بالجارة الغربية، والإمعان في إظهارها عدوا، بل وغسل دماغ الأجيال بهذه الأسطوانة المشروخة، رغم ما بدر عن المملكة من محاولات جادة، ليس فقط لفتح الحدود بين الشعبين، بل للتعايش والسلم والتعاون وغيرها من المجالات. واقعتان متزامنتان، الأولى حدثت في غرب الجزائر، والثانية في شرق المغرب، تشابهتا من حيث البواعث، إلا أنهما اختلفتا من حيث تصرف كل بلد. الأمر يتعلق بخبر أذيع، الاثنين الماضي، في القنوات الرسمية، ينتشي باعتقال المخابرات الجزائرية شبكة ادعت أن أفرادها جواسيس، ضمنهم أربعة مغاربة، وأحالتها على النيابة العامة في تلمسان، وزادت الأخبار الواردة من الجارة الشرقية أن مغربيا دخل التراب الجزائري بطريقة غير شرعية تم استغلال هاتفه المحمول وتبين أنه يعمل لصالح جهة أجنبية رفقة رعايا مغاربة وجزائريين. أسلوب المظلومية والمؤامرة نفسه تكرر في حالات أخرى ضمنها اعتقال راق في 2018 واتهامه بالتخابر والادعاء، وكان الدليل هو أن هاتفه يحمل أرقام بينها رقم رئيس الحكومة (كذا...). بعيدا عن الهوس الجزائري بكل ما هو مغربي، ونشر الأباطيل والأوهام للسيطرة على عقول الناخبين، تدخلت السلطات المغربية في اليوم نفسه الذي أذيع فيه خبر شبكة الجواسيس الوهمية، وتصدت لمحاولة تسلل جزائريين إلى التراب المغربي عن طريق البحر، إذ بعد وصول المعنيين بالأمر، الاثنين الماضي، إلى شاطئ السعيدية، تعاملت معهما السلطات المغربية بما يقتضيه القانون والموقف الإنساني، بإرسالهما أولا إلى المستشفى للعلاج، في انتظار مباشرة إجراءات ترحيلهما إلى بلدهما، وفق الاتفاقيات المبرمة بين البلدين في هذا الإطار والمتعلقة بمحاربة الهجرة غير النظامية. هكذا إذن تتعامل المملكة، فالقانون هو المؤطر لتدخلات مؤسساتها، بعيدا عن استغلال مثل هذه الحوادث، وهو درس آخر من الدروس التي ينبغي على "كابرانات" الجارة الاستفادة منه، وإبعاد المستضعفين من المهاجرين غير الشرعيين، عن أجندتها العدائية ومشروعها الكبير لغسل دماغ الشعب الشقيق وتصوير المغرب على أنه العدو الكبير، الذي أحرق الغابات وتصدى لمنتخب الكرة بمناوراته، واستورد أسلحة فتاكة للهجوم، وغيرها من الأوهام التي يتم ترديدها يوميا، وتخصيص ميلشيات من الذباب الإلكتروني لتبنيها ونشرها لتصديقها، وهي السياسة نفسها التي نهجها جوزيف كوبلز، وزير الدعاية بألمانيا، لدعم الديكتاتورية في أربعينات القرن الماضي، إذ وضع الشعب تحت ما يشبه السحر لدعم الحزب النازي، واشتهر بسياسة اختصرتها مقولته الشهيرة "كرر الكذبة حتى تصبح حقيقة". المصطفى صفر للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma